أقلام حرة

صادق السامرائي: السلوك الراسخ!!

مفردات السلوك البشري ومنذ الأزل لم تتبدل، والذي حصل أن أساليب التعبير عنها تفاعلت مع مكانها وزمانها، فالبشر محكوم بأمّارة السوء التي فيه، وقد تصدت لها الأديان، وحاول ترويضها المصلحون والمفكرون، ومعظمهم باؤوا بفشل كبير.

لو أخذنا أي سلوك لتبين أن جذوره ضاربة في الماضي البعيد جدا، وما يميزه أنه إرتدى أزياء عصره، وتوشح ببراقع مكانه.

والحقيقة المريرة أن الغابية تهيمن على التفاعلات البشرية، وإن بدت بوجه ما، فالقوي دوما يفترس الضعيف، ويفرض إرادته عليه، ويرغمه على ما يريده منه.

وهذه المفردات تتجلى بوضوح ساطع في التفاعلات الحاصلة بين الدول، وتكون في المجتمعات، ويتحقق تغذيتها وتطويرها والإستثمار فيها لإفتراس أي مجتمع.

ولا يوجد سلوك بشري تجسد في سابق الأزمان وإختفى، وإنما تواصل بأساليب معاصرة قد تنطلي على المغفلين، ويتوهم الكثيرون بأن ما يحصل لا يمت بصلة لما كان فاعلا في المجتمعات البشرية.

فالقوة سلطان وعدل وقانون في جميع الأزمان، والبشر يميل إلى الإستحواذ على الأموال، وتعزيز رغباته ونوازعه المطمورة أنى توفرت له الفرصة، وتحرر من الرقيب.

فلا يوجد قوي يرأف بضعيف، كما لا يوجد أسد يرأف بغزالة تمكن منها.

الإستعباد متواصل، والعدوان قائم والحروب لا تنتهي، والسلام أوهام، وبإمتلاك البشر لأدوات متطورة للتعبير عن شراسته، فأنه سيستخدمها للقضاء على بني نوعه بوقاحة، ويعتبر ذلك فخرا وفيه نشوة النصر والشعور بالقوة والهيمنة والإقتدار.

والفقر لا يمكن التخلص منه، وما أكثر الفقراء والمساكين على مدى العصور، وما أفظع إستخدام العقائد والأديان للنيل من الآخر، بعد توصيفه بما يبرر محقه.

فالتراب تراب، وما ينتجه من طبعه الجذاب!!

و"الطبع شيئ قديم لا يُحس به...وعادة المرء تُدعى طبعه الثاني"

و"النفس تطمع والأسباب عاجزة... والنفس تهلك بين اليأس والطمع"

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم