أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (61): ما الذي حصل؟؟

ذكرنا في المقال السابق أن مكانة جيش الاحتلال قد انخفضت نتيجة الخسائر التي مُني بها أمام المقاومة الفلسطينية. فجنود الجيش ما بين مضطرب ورافض للعودة إلى غزة لاستكمال القتال.. فما الذي حصل للجيش الذي ألصقت به دولته أسطورة لا تقهر؟

من المعروف أن دولة الاحتلال كانت ومنذ بداية حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ قد انتهجت "العنف" بشكل لم يسبق له مثيل لا في تاريخها ولا في تاريخ أي جيش آخر. غير أن هذا العنف وكما هي عادتها مع الفلسطينيين انتهجته مع المدنيين. فحسب موازين القوى هي لا تقاتل ضد جيش إنما ضد حركة يراها جيش الاحتلال ماردا شكل لها الرعب من حيث لا تحتسب. فهذا المارد يتكاثر، لا مكان محدد له ولا زمان. مارد يدافع عن حقه الشرعي، يمتلك أسلحة متواضعة بالمقارنة مع ما يمتلكه جيش الاحتلال. إلا أنه يمتلك الجرأة والإيمان، وبهما تفوق على الأسلحة الفتاكة. ومن هنا كانت صدمة دولة الاحتلال بين ما كان متوقعا وما صارت إليه الأمور بعد أن كبدتها المقاومة الفلسطينية الخسائر الفادحة على جميع المستويات.

فأمام كل تلك الأسلحة التي لم يحقق من خلالها سوى الخزي والعار جراء ارتكاب مئات المجازر والتدمير، كان المقاوم يخرج بعبوات ناسفة تقليدية ويقاتل من مسافة صفر، فيدمر دبابة راهن صانعوها على الامتيازات التي تتمتع بها لتغدو مجرد جثة من العصور البائدة. فها هي الميركافا "فخر الصناعة اليهودية" التي كتب عنها أنها حصينة أمام أي سلاح مضاد تنفجر بعبوة ناسفة تلصقها أيد واثقة بأن لا نصر إلا من عند الله. كما باتت مستوطناتهم على صفيح ساخن جراء قذائف الهاون وصواريخ مثل القسام والياسين وغيرها صنعتها عقول نيّرة برغم الحصار الطويل.

كما وجدنا التئام لصفوف الفصائل الفلسطينية والدفاع عن غزة جنبا إلى جنب، مقدمين على الشهادة وهم سعداء بعكس جنود العدو الذين يذهبون للقتال وهم يرتجفون من الخوف. وإلا فكيف استطاعت المقاومة في ٧/أكتوبر اختراق الجدار العازل لولا تسلحها بكل تلك المواصفات.

فجيش الاحتلال يدرك أنه مهزوم فها هو يقوم بعقد الاجتماعات لمعرفة أسباب "التقصير" خلال هذه الحرب. وبرغم ذلك فنتنياهو ما زال يرفض فكرة الهزيمة والخسارة. فأي نصر وانتصارات بعد كل تلك الخيبات فجيشهه لم يحقق سوى الإرهاب.

الانتصار الحقيقي يا دولة الاحتلال هو حينما يتجرأ جنودكم على مواجهة المقاوم الفلسطيني على أرض المعركة وجها لوجه لا بالاحتماء خلف صاروخ يطلقه من الجو أو قذيفة يطلقها وهو يظن نفسه محصن داخل دبابة اصبحت عاجزة عن توفير الحماية له.

وهنا نذكر نتنياهو بالرسالة التي وجهتها "كتلة السلام" عام ٢٠٠٣ إلى جنرالات الجيش " قصفتم بالطائرات، قصفتم بالمدفعية، قمتم باغتيالات، عذبتم، دمرتم بيوتا، قلعتم أشجارا، صادرتم.. جربتم كل شيء، ولم يبقى أمامكم أي شيء. إنكم مفلسون، حان الوقت لكي تستقيلوا من الجيش".

واليوم أطفال غزة يطالبون جيشكم بالاستقالة والخروج من غزة.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم