تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

انور الموسوي: السوداني يحاول

تسعى حكومة السيد السوداني ومن اول أيامها، ان تجعل خط الازمة التراكمي يقترب من درجة المعقول. اذ يريد الرجل ان تنجح حكومته وتحيز على ثقة الشعب، بعد التراجعات الكثيرة الذي شهده الواقع العراقي، وانعدام عقد الثقة بين فئات الشعب والحكومات.

مهام رئيس الوزراء جسيمة واهمها ان يصنع صورة لحكومته في اذهان الشعب انها حكومة جديرة بالثقة والأحترام، وبعيدة في سياستها عن الركون الى محور اقليمي دون اخر كبديل عن الصورة النمطية المأخوذة سابقًا.

هذا الصورة من الصعب تشكيلها في ذهنية المواطن العراقي، الا بعد فترة طويلة من المصداقية والعمل الجاد والتطبيقات على ارض الواقع، كي يلمس المواطن جدارة حكومته وقدرتها علّى انصافه.

في خضم مجمل صراعات (اقليمية وداخلية) استطاعت حكومة السوداني ان تنأى بنفسها عن تلك الصراعات وان تكون ضمن مرتكزات ذات اهمية عالية لدى الشعب وهي الخدمات وتوفير بُنى اقتصادية فعالة.

بعد اكثر من سنة على حكومة السيد "شياع السوداني" ولأول مرة ترى نظرة تفاؤل لدى طبقات الشعب وقدرة على تحمل بعض اشكاليات الحياة مثل الازدحامات وبعض الروتين والبيروقراطية الحكومية، لأن هناك بصيصُ امل بانتظار المواطن هو تحسن الواقع وانهاء بعض من المعاناة التي شكلت وتُشكل صعوباتٍ يومية يصحى وينام عليها الشعب.

القدرة على استمرار تصحيح الوضع السياسي والخدمي والأمني والبيروقراطي… الخ ليس بالامر السهل ان يتم بين ليلة وضحاها وخاصةً الفساد ومحاربته، بل يحتاج الى معالجات آنية واخرى طويلة الأمد كي يلمس المواطن نتائج تلك التصحيحات، ونرى أن " السيد السوداني " يسير بالاتجاه الصحيح نحو الامل والتقدم، هذا جميعه يحتاج الى تكاتف سياسي ونكران ذات عالِ المستوى من قبل الشركاء السياسين وتصفير المشاكل العالقة الإقليمية والمحليّة فبدونها لا يمكن ان يستمر الرجل بوتيرته المحمودة!.

السوداني ضمن خط ازمة طويل الأمد ومتجذر في اعماق الذاكرة والواقع السياسي، وخط الازمة هذا قابل للتعقيد في اي لحظة كما هو قابل للحل ضمن الوقت الراهن، وهذا الخط يُمثل الجانب الاقتصادي غير المستقر والعامل السياسي شُبه المستقر ، والفاعل الإقليمي المتوازن.

تلك الثلاثيّة يعيها السيد رئيس الوزراء وهو يُسابق الزمن لفعلِ شيءٍ ملموس على ارض الواقع لترك بصمته كرئيس وزراء ناجح ويكسب ثقة الجماهير والمواطن. بالنهاية الرجل يمتلك حزبًا فتيًا ومن حقه السياسي ان يضع منجزًا يتصدر من خلاله المشهد السياسي ويدخل المنافسة الانتخابية بالمستقبل.

تفتقر حكومة السوداني الى غاية الان جانب مهم من جوانب الديموقراطية الصحية والفاعلة، وهي صفة المعارضة الحقيقية بشكلها وعنوانها، اذ من السليم جداً ان تكون هناك معارضة تشكل واقعًا صحيًا للعملية السياسية وتقوم بتقويم بعض الإشكالات والقرارات السياسية وتكون على اطلاع بكل مايجري ضمن الفواعل السياسية (التنفيذية والبرلمانية).

لا اقصد بالمعارضة التخوين والتسقيط والهدم والاستهزاء، اعني بها : معارضة فاعلة ناقدة لبعض الأداءات المتعارضة مع المصالح العامة او الحريات او ما يمثل خطًا مهنيًا يحتج على بعض الآليات الحكومية والمشاريع وتحديد جدوى وأولويات فرصة على اخرى ضمن المشاريع والأداءات وغيرها…. كما هي معارضة ممكن ان تكون ساندة لما يكونُ مخفيًا عن انظار الحكومة التنفيذية وافضل ما يُمثل اتجاه تلك المعارضة هو نمط من انماط الصحافة وهي " الصحافة الاستقصائية " اذ بوجودها تحصل الاحزاب والكتل السياسية والحكومة برمتها على عينٍ ثالثة لم تكن تمتلكها، نعم ربما تكون مزعجة لها ومشاكسة عليها، لكنها في النهاية تُمثل حالة صحية فاعلة في النُظم الديمقراطية المُتقدمة وهي نتاج اجتماعي مهني يُقّوم آداء الشخصيات والحكومة التنفيذيّة.

الطريقُ نحو تحقيق الثقة لا زالَ مبكرًا الحديث عنه بالمطلق، اذ لازالَ هناك خوفٌ وتوجس وتردد لدى الكثيرين من نُخب المجتمع والمواطن، على الرغم من البدايات الصحيحة التي قطعتها حكومة السيد محمد شياع، لكن لازالت الامور في بدايتها، ويعقد المواطن الامل على المزيد منّ الأجراءات التي تُعزز تلك الثقة.

المسار الحقيقي نحو الافضل ضمن كابينة السيد شياع السوداني هو الاستمرار بالجهد الخدمي والتصحيح الاقتصادي ، ومزيدًا من الهدوءِ والامان، فضلاً عن تعميد تلك المحاور بتقنيةٍ غايةً بالاهمية هي: ان يكسب ثقة النُخب والمواطن وجعلهم قريبين ولا يشعرون بالتهميش! ويستمع الى الإنتقادات البناءة ويبني جسور العلاقات الودية بين الشعب والحكومة ويكسب الف صديق ولا يترك عدوًا واحدً!.

المسار الدبلوماسي ضمن هذه الكيفية التي تخوضها حكومة السيد السوداني يجب ان تستمر بالتطور والتحديث في فن التعامل مع الخصوم السياسيين وبين فئات الشعب وبين الخارج الإقليمي، بعيدًا عن اي نوعٍ من الصدام مع اي طرف، يستطيع ان يكتسب السيد السوداني المزيد من المحبين والاتباع من خلال الانجازات وتقليص البيروقراطية الحكومية والمسار الدبلوماسي الذي يمكن ان يعتمده في كسب الاخرين.

***

انور الموسوي

 

في المثقف اليوم