أقلام حرة

بديعة النعيمي: الحرب على غزة (42): عنصرية بامتياز

إن المطالع لكتاب "الدولة اليهودية" للأب والمؤسس للحركة الصهيونية السياسية "ثيودور هيرتزل" سيجد من ضمن ما جاء فيه بهدف الحصول على الحماية القانونية للمشروع الصهيوني من دول أوروبا الاستعمارية " ستشكل بالنسبة لأوروبا جزءا من الجدار ضد آسيا وستعمل على أن تكون موقعا أماميا لخدمة الحضارة البربرية". إن مفاد هذه الجملة هو استخدام الأخلاق والحضارة الأوروبية لتشريع الاستيطان الصهيوني في فلسطين. وقد اعتمد هرتزل الحضارة الأوروبية مقياسا لتقييم الحضارات الأخرى وهذا ما يسمى في لغة الاجتماع "بالعنصرية". كما أن المطلع على رواية لثيودور هيرتزل بعنوان"أرض قديمة جديدة " سيجد الكثير من المصطلحات التي تشير إلى تخلف المجتمع العربي مثل تخلف, إهمال, قذارة وغيرها وأن اليهود سيغيرون هذا المجتمع ويطورون البلاد بإقامة مجتمع يهودي متمايز عن القائم. عن طريق بناء المستشفيات بهدف أن يتعلم العربي على حد قوله أن اليهودي متقدم حضاريا ومنقذ من الأمراض والأوساخ ، وفي حال لم ينجح فالقوة العسكرية حاضرة.

ولأن الحركة الصهيونية كما نوهنا في مقالات سابقة انطلقت من المجتمع اليهودي الأوروبي، لذلك كانت اشكنازية، سعت إلى إقامة وطن يهودي ذي طابع حضاري غربي أوروبي. أي أنها أسقطت اليهود الشرقيين مسبقا من مفهوم هذا المجتمع كون هؤلاء من وجهة نظرهم جزءا من الحضارة الشرقية المتخلفة وهذا يعكس عنصرية هذه الحركة. إلا أن هذا الكيان احتاج هؤلاء لقلب الميزان الديمغرافي بهدف أكثرية يهودية.

ومن الدلائل الواضحة على عنصريتها ،دستورها الذي يتضمن عددا من القوانين من ضمنها قانون العودة والمواطنة والقانون الأساسي "الكنيست الفقرة ٧ أ" التي تعرف "إسرائيل" بأنها دولة الشعب اليهودي وتحصر حق الترشح للانتخابات النيابية في أولئك الذين يقبلون بكون "إسرائيل" دولة "الشعب اليهودي".

وبلغت العنصرية ذروتها مع وصول "مناحيم بيغن" اليميني المتطرف سدة الحكم ١٩٧٧ وعمليات الاستيلاء على الأرض من خلال الاستيطان الشامل في الضفة الغربية. وها هم بدو النقب التي تنظر لهم دولة الاحتلال باعتبارهم جماعة هامشية وأقل مرتبة من اليهود حيث أنها تستولي على ممتلكاتهم وتهدم بيوتهم.

كما أن هذه الدولة الظالمة أنشأت نظام أبارتايد يضطهد الشعب الفلسطيني. ويعتبر الأبارتايد جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي الذي لم يطبق يوما عليها.

واليوم في حربها على غزة ٢٠٢٣_٢٠٢٤ تطالعنا التصريحات العنصرية التي يبثها قادة اليهود ومنها التصريحات التحريضية التي تفوح منها رائحة العنصرية ويبثها الوزير الفاشي المتطرف "إيتمار بن غفير" لجنود الاحتلال حيث حرضهم وبدعم منه على اطلاق النار على أي فلسطيني حتى لو لم تتعرض حياة الجنود للخطر. كما أن بن غفير يحاول شيطنة جميع الفلسطينيين ويتعامل معهم كإرهابيين ويدعو لارتكاب المزيد من المجازر في قطاع غزة.

***

بديعة النعيمي

 

في المثقف اليوم