أقلام حرة

الحرب على غزة (79): عقيدة بالوراثة

تعتبر حركة غوش إيمونيوم إحدى إفرازات حرب ٦٧. وقد شجعت هذه الحركة على الاستيطان اليهودي في فلسطين على أساس منطلقين"ديني وعملي" فالديني بحسب الرواية التوراتية على حد زعم واضعه يقول" أن الله يريد أن يعيش الشعب اليهودي في أرض فلسطين". أما العملي فيتمثل بالسعي نحو الاستيطان خوفا من انحسار رقعة الاستيطان.

وإيمونيوم من حيث الأيديولوجيا تعتبر حرب ٦٧ امتدادا لحرب ٤٨ وأن حدود الدولة المزعومة يجب أن تزداد وتتوسع.

وقد حصلت هذه الحركة على تأييد شبه رسمي من حكومة الليكود بعد صعودها الحكم عام ٧٧.

وتعد هذه الحركة من الحركات الأساسية السياسية التي أثرت في صنع القرار السياسي في دولة الاحتلال. واستطاعت فرض مواقفها على الخارطة السياسية وترسيخ النهج الاستيطاني ومعتقدها حول الحق في استيطان كل جزء مما تطلق عليه "أرض إسرائيل" وإنقاذها من الغرباء، وأن وجود هؤلاء الغرباء أي الفلسطينيين هو وجود غير قانوني ويشكل تهديدا لما يسمى "بالخلاص".

كما أن أرض "إسرائيل" لها قداسة، وأن اليهودية القومية هي واقع جغرافي سياسي، ما يعني أن أرض "إسرائيل" لشعب إسرائيل طبقا لتوراتهم بحسب مزاعمهم الكاذبة.

وقد أدارت الحركة صراعا مع حكومات الدولة ضد الانسحاب من أي جزء من الأراضى الفلسطينية، كما أدارت صراعا من أجل إقامة المستوطنات في الأراضي المحتلة.

كما اعتمدت أيديولوجيا غير قانونية بل مقتبسة من التوراة المحرفة واستغلت بذلك الباعث الديني لحمل اليهود على الإيمان بما يطلقون عليه "الوعد الإلهي لشعب إسرائيل". ومن هنا فهي تؤمن بأن المستوطنات في يهودا والسامرة سوف تحقق وعود توراتهم وتساعد في تحقيق السيادة اليهودية على أرض فلسطين. ويرى زعماءها وداعموها أن معاملتهم للفلسطينيين مستمدة من "الهالاخاة" التي تتوقف على قوة اليهود لطرد الفلسطينيين من فلسطين.

كما ترى هذه الحركة أن تكثيف الاستيطان يمهد إلى "الاعتراف" الفلسطيني بدولة الاحتلال.

وقد بدأت هذه الحركة بالضمور وانتهت في أواخر الثمانينات من القرن العشرين، لكنها أنشأت أيديولوجية استيطانية شكلت قاعدة فيما بعد.

وقد ورث حزب الليكود بقيادة مناحيم بيغن وإسحاق شامير وأرئيل شارون وصولا إلى بنيامين نتنياهو أجندة متشددة وحث جميعهم على الاستيطان بل إن شارون يعتبر مهندس الاستيطان.

واليوم نجد بنيامين نتنياهو وخلال الفترة الثانية لتوليه منصب رئاسة الوزراء قد شنّ ستة حروب على غزة آخرها حرب ٢٠٢٣_٢٠٢٤، وهو بذلك فهو يطبق رؤية غوش إيمونيوم المسيحانية الغيبية في سيطرة اليهود على ما تسميهم "الأغيار" وأن تحكم الشريعة اليهودية اليهود وتسود حرب أبدية يخوضها اليهود مع الأغيار.

وفي عام ٢٠١٩ في لقاء تلفزيوني لنتنياهو على إحدى المحطات العبرية قال" لن تنشأ دولة فلسطينية على عكس ما يتحدث الناس، لن يحدث ذلك أبدا" وهو بهذا يطبق رؤيا زعماء الحركة التي تدعو إلى طرد الفلسطينيين من فلسطين.

وفي ٢٣/نوفمبر/٢٠١٤ صوتت حكومة نتنياهو على قانون يعتبر دولة الاحتلال دولة قومية لليهود بدلا من دولة يهودية ديمقراطية، ما يفتح الباب على الطابع المؤسساتي على التمييز ضد العرب الفلسطينيين.

كما تبنى سياسية الاستيطان في الضفة الغربية بشكل واسع، وصادق على عدد من قرارات الاستيطان. وقد تزايدت في عهده الاقتحامات للمسجد الأقصى وتهجير الفلسطينيين من القدس ومناطق أخرى.

وفي 2009 شن نتنياهو حملات سياسية وإعلامية تحريضية ضد الفلسطينيين مطالبا إياهم "بالاعتراف" بدولة الاحتلال دولة يهودية، وقد صرح بان دولته لا تريد أن يكون العرب مواطنين أو رعايا فيها.

وهو بذلك يكون قد ورث أيديولوجية غوش إيمونيوم إلا أن المقاومة مرغت هذه الأيديولوجية في غزة.

***

بديعة النعيمي

في المثقف اليوم