تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

صادق السامرائي: "أرقص للقرد في زمانه"!!

مَثل عامي قديم معمول به على مر العصور، ويمثل العلاقة بين الحاكم والرعية، التي تحسب أولياء الكراسي قرودا، ولابد من الرقص على إيقاعات قراراتهم وإجراءاتهم مهما كانت ظالمة ومناهضة للمصلحة العامة، المهم سلامة وأمان الكرسي الذي يتراقص بهم أو معهم إلى حين.

أجيال تلو أجيال راقصت الكراسي التي إحترقت، وأودت بأصحابها إلى سوء المصير.

ولكل كرسي جمهرة راقصين، تتنوع آليات ومهارات التعبير عن رقصهم بتغير الزمان وتبدل المكان، والراقصون همو همو!!

عجائب سلوكية في مجتمعات تقبّحت بالقهر والحرمان من أبسط حقوق الإنسان.

والرقص كما تعلمون ممتع ويعبّر عن الفرح والإنشراح والطرب، والراقصول في جميع الأجيال "كالطير يرقص مذبوحا من الألم".

ترى لماذا تتسيّد القرود وتنجذب إليها القرود المرهونة بها؟

القرد يتميز بنزعته نحو السرقة وإستلاب ما تطاله يداه، ولكي تلهيه عليك أن تراقصه، وتبعد أنظاره عنك، فيتعب من اللهو وربما يستكين إلى حين.

ولكل كرسي حاشية، وهي التي تجيد المراقصة وأخذ القرد المتسلط إلى أتون الهلاك، وهو كالمنوَّم بما يريد ويرغب، وعمّا حوله مقطوع، فيحسب النار ماءً، وتلك حكاية المتسلطين على مصائر الشعوب، والمخدوعين بما يتوارد إليهم من إيقاعات رقص القرود الساعية للإستحواذ على ما تكسبه بواسطتهم.

وبسبب القرود المحيطة بهم، تكون أقوالهم متقاطعة مع أفعالهم، فتجدهم عندما يحمي الوطيس، كالأرانب التي تبحث عن حفرة أو جحر أمين، لفقدانهم قدرات المواجهة الحقيقية، وإغراقهم في الأحلام الفنتازية والخيالات الوهمية المعزّزة بإدعاءات القرود المتراقصة حولهم.

والسبب الجوهري وراء ذلك غياب الدستور، وعدم القدرة على إنشاء صيغة واضحة لإنتقال السلطات وتبادل القيادات، وهذه علة واجهت الأمة منذ إنطلاق دولتها ولا تزال دون علاج.

وتتواصل القرود برقصاتها حول مرابع قرد فريد، ما دامت السلطات دستورها الأهواء!!

"وإن حكمتَ فاحكم بينهم بالقسط، إن الله يحب المقسطين"!!

القسط: العدل

***

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم