مقاربات فنية وحضارية
بارالدي: ملك رسوم المطبوعات .. لمحات مضيئة من تاريخ الفن (39)
بحكم عملي في الصحافة العراقية من اواسط السبعينيات الى بداية الثمانينيات درست بشكل شخصي فن المطبوعات واطلعت على اعمال الكثير من فناني الرسوم الصحفية والتوضيحية ورسوم الاطفال وفناني تصميم وتزيين الكتب والمجلات عل الصعيدين العربي والعالمي.
اضافة الى معايشتي مع زملائي فناني العراق المبدعين في هذا المجال.
ومنذ ذلك الحين ولحد الان لم يبق ببالي ولم يؤثر في كياني فنان مثل الفنان الايطالي سفرينو برالدي Severino Baraldi
الذي برع باسلوبين متميزين في هذا المجال خلال عمله الطويل الذي تعدى ستين سنة حافلة بالانجازات.
انجز برالدي اعماله بالاسلوبين التوضيحيين، الاكاديمي والرومانسي فكان يختار الاسلوب الذي يراه مناسبا لطبيعة الحدث والشخوص وجو وبيئة وتاريخ القصة او الحدث.
الا ان براعته الانشائية والتلوينية كانت في مقدمة كل ذلك فبرزت موهبته كواحد من مؤسسي رسوم المطبوعات وفطاحلها الكبار.
ولد برالدي عام 1930 في قرية سرمايد المنسية في شمالي ايطاليا.
وكان قد تميز منذ الطفولة بالرسم بالطباشير على الجدران واسفلت الشوارع.
ثم عمل نجارا في اول شبابه ورساما للكارتون في الصحيفة المحلية.
في سن الخامسة والعشرين انتقل الى ميلانو للعمل كرسام في احدى شركات الاعلان وفي نفس الوقت دخل معهد ميلانو الفني.
أثارت اعماله احد الناشرين الكبار فاستدعاه لتزيين طبعة جديدة للانجيل بالرسوم التاريخية.فكان ذلك الانجاز هو الذي وضعه على الخارطة ومن بعده انهالت عليه عروض العمل من قبل الناشرين وشركات الاعلان والصحافة.
في بداية الستينيات اكمل مشروعا فنيا كبيرا وهو رسوم الاوديسا بطبعتها الجديدة التي اصبحت ايضا مناسبة لذيوع شهرته على نطاق اوسع وازدياد تكليفاته من قبل دور نشر وشركات عالمية بسبب تفوقه في تجسيد القصص والروايات القادمة من الثقافات والمجتمعات المختلفة، من حضارتي بلاد الرافدين ومصر الى الحضارات الاغريقية والرومانية وحضارات الشرق الاقصى والعالم الجديد في امريكا.
وكلما تزداد كمية اعماله كلما ترتفع نوعيتها، وهذه هي الميزة التي ابقته في طليعة الفنانين في هذا المجال. هنا نشاهد عدة نماذج من اعماله متوزعة على اسلوبيه المتميزين.
مصدق الحبيب