روافد أدبية

قصص قصيرة جدا / الحسن أسويق

الحاجة إلى تحصيل الغذاء تجعلهم، نساء ورجالا وأطفالا، منهمكين في الأشغال الشاقة
من أعمال الرعي، والحرث، والزرع، والحصاد، والطحن، والعجن، والطبخ ...؛
.
هي أعمال تنهك أجسادهم
يكونون منهمكين في الشغل لا يأبهون لبعضهم البعض . يغطون في نوم عميق.
لكن عندما تنقلب الأحوال الجوية وينتهي موسم العمل ينقدح القنوط في نفوسهم؛
تكثر الكوابيس، ويصبح النوم مهمة صعبة. يشتكون من انزعاجات جوانية لأجسادهم
يسمعون أصواتا تنبعث من دواخلهم مثل جذوع نخل خاوية تهب عليها الرياح فتحدث صفيرا..
---------

أسباب يجدون في إحياء الحفلات شبه علاج جماعي؛ تمتد حفلاتهم لمدد طوال بحثا عن اللهو والنسيان، بإطلاق الصيحات والبارود أثناء لعبة الفنطازيا. الفانطازيا
لم يكونوا يدركون أنهم بتلك اللعبة، أي لعبة البحث عن صخب خارجي أكثر دويا يغطي عن الصخب الداخلي، قد شرعوا في زرع بذور الحرب.
وحده الحكيم كان يعرف ذلك.
وقد قال لهم ذات مرة:" الحرب، كالحب، أصلها لعب وبدايتها جد".
--------

فائدة: أخطر الحروب المدوية ستبدأ عندما سيصبح الصخب،عند أقوام مخصوصة، شأنا مؤسسيا وتكنولوجيا معلبة في شكل علب ليلية تحت الأرض..

أسد الرأس

تقول أمي إن أسدا يرقد في رؤوسنا، وتسمي ذلك:[ " إزم ييخف " ].
كما تجزم، كمن يقبض على قطعة كماش بضرس قاطع، أن الإنسان السوي هو الذي يستطيع أن يجعل أسده يحتفظ بهدوئه ولا يزأر إلا لماما أو لا يزأر أبدا.
وإذا حدث أن أطلق الأسد زئيره واهتز، نتيجة لذلك، جسد حامله واضطرب مزاجه وبان
هياجه، إذ توترت أعصابه، وجب، على وجه السرعة، علاج الوضع عن طريق الكي.
 
وهي عملية من اختصاص عجائز أوتين من الحكمة الموروثة ما لا يوجد عند غيرهن.
طالما سخرت من "نظرية" أمي الساذجة هاته، لأنها، في نظري، لا" تطابق" الواقع.وعندما
 
أسألها عن مصدر ما "تدعيه" والتدليل عليه تكتفي بالقول إن هذا ما قاله أجدادنا ولا يجب نكرانه وإلا حلت بنا اللعنة.
المشكلة، كما سأدرك وأعي لاحقا، هي مشكلة الاستدلال والبرهان. لكن أمي أقل ثرثرة من أفلاطون وفرويد؛
إن ما يصنع التفوق، في العالم، هو الثرثرة المقرونة بالتنميق اللغوي والتجريد المفاهيمي بدل اللغة الطبيعية التي تتقنها أمي بأمان وإخلاص؛
فأمي تسمي العقل بالأسد بينما يسميه أفلاطون وفرويد، تباعا، بالنفس الناطقة

والأنا الواعية.
يكاد ابني يستلقي على قفاه من فرط الضحك وأنا أحاول أن أشرح له معنى "أسد الرأس" وما تتضمنه هذه العبارة الموجزة من حكمة بليغة.
-----.
أحس بصداع داخل رأسي وكأنه زئير الأسد..... إنها اللعنة يا أمي.

الخطــــيــب

ها هو يصرخ ملء شدقيه، يلوح بقبضة يده، تتطاير شظايا اللعاب من فمه وتظل أخرى عالقة بأطرافه.
فوق المنصة،التي أعدت بمناسبة إقامة هذا المهرجان الغرائزي الجياش،بالونات بألوان مختلفة.
كانت أوداجه تنتفخ.تكاد تنفجر، كمن ينفخ في بالون؛
"
يزداد البالون انتفاخا كلما ازداد امتلاء بالفراغ .وكلما ازداد امتلاء بالفراغ ازداد قابلية للانفجار".
------
حذار من الأفكار الفارغة-المنتفخة.

مفارقة

تتزاحم الصور عند باب ذاكرته،
يستقبل منها في فناء ذهنه ما يحلو له،وينتقي منها ما يضعه على سجادة مخيلته ويطلق عنانها لتخترق الآفاق الرحبة.
يستيقظ من شروده فتتبدد الصور تلك إذ تصطدم بصور تفقأ عينيه هنا والآن.
يعيد إغماض عينيه ليرى بعيدا، بحرية وبلا قيود 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2035 الأحد 19 / 02 / 2012)

في نصوص اليوم