روافد أدبية

قتل بقرار جمهوري (6)

ملئت الردهة بأكوام من البشر تتراص فوق بعضها كانت منها ما يترقب بشارة من غرف العمليات، لإنقاذ جريح من أثر موجة الانفجارات التي تتأرجح بها جوانب الأرض المحيطة للمشفى الوحيد العامل بين كومة من الدمار الذي خلفته الحرب .

ومنها ينزف من طفيف الشظايا التي سكنت في الجسد، يحاول الاستشفاء بفرصة لمداواة جروحه في مكان قد يُخلى .

لف المكان صمت رهيب الإعياء أرقه فأنتابه شعور بدوار وحالة من الغيبوبة قاومها فتغلبت عليه، أفاق على ضوء من السماء بعد أن غادر السقف الذي كان يحمي راسه .

  ********

وقف الحاجز الشائك عائق بين الموت والحياة صراخ يصم الآذان أطفال تمرقوا بالوحل في شتاء صارخ وأمهات تيبسه أثدائهن، عطشٌ وجوع، جف اللبن وتخشبت الأجساد، وشيوخ يبكون مصابين، يرون صغارهم يموتون جوعاً وخوفاً وشبابهم انتزعوا من أيديهم بقوة السلاح .

استجمعوا كل قواهم لإحلال ثغر  في السياج الشائك، الأطفال يمرون أولا ثم أمهاتهم وبعدها العجائز نساء ورجال واحد واحد .

ينجحون بالرسو على تلة جرداء عرتها الطبيعة القاسية من الحياة وأدمت أديمها قذائف أنبتت ندب في كل خطوة وخطوه .

يتدحرجون من الأعلى تدحرجاً فيلتقطون رماد جذور الحشائش المحترقة وسحام البارود يعودون إلى اختراق المدينة يتفرقون في شوارعها يبحثون عن مأوى وقوت ينجيهم .

تظلم زوايا المكان، تصطك الأسنان، تصم الآذان، وتغيب الروية من سحب تهبط من السماء التي أمطرت قذائف وصواريخ .

     ********

في نصوص اليوم