حوارات عامة

القاص والشاعر المغربي محمد منير ... في ضيافة المقهى؟؟!

يسجل حضوره في مختلف الملتقيات الأدبية والمنابر الإعلامية، وبما أن العلاقة بين المقهى والمبدع محمد منير غريبة وجميلة كان لابد من الحوار التالي...

 

من هو محمد منير؟

- كي ألاعب الأنا وأعلن للأخر عن وجهي، يلزمني أن أسقط عني عدة أقنعة التصقت بي وأنا أمر من شارع إلى آخر في مدينة الحياة.. سيتعبني الأمر كثيرا وأنا أحاول إسقاطها كي تتراءى لهم، لأتركها تتلبس بي ولأعلن لك عن واحد منها لعله يعفيني من تعب النبش في دواخلي.. أقول لك أني جئت من رحم امرأة تعشق الحناء و تنتعش برائحة الصوف وهي تغسله على سطح الدار، امرأة لم تستطع المدينة بفتنتها أن تفقدها بداوتها وهي تغني لي كلما اتكأت على حجرها، أهازيج مازالت ترافقني وأنا أعبر الشارع تلو الشارع في مدينة الحياة الواسعة.. لأنني بدوي يتراقص داخل قماش مديني، بدوي يعيد رسم أحلام أمه التي شربها مع حليب ثديها على بياض الأوراق مرة وأخرى على حائط في زقاق.. أو قطعة قماش، فما بين الحرف والنقش بالألوان يسكن هذا الكائن البدوي المسمى محمد منير، الكائن البدوي البحري المصلوب الآن وسط صحراء.

 

كيف ومتى جئت إلى عالم الإبداع؟

- من خلال الحلم اكتشفني الإبداع وتلبس بي، فلم أجد لي مخرجا منه، إذ كلما حاولت الهروب منه تحاصرني إنسانيتي الموشومة على حب الآخرين.. لاعتقادي القوي أن الإبداع لا يكون إبداعا في غياب إنسانية الإنسان.. فلا إبداع بدون إنسانية صادقة، ومجيئي لعالم الإبداع مبني على إنسانيتي ولا شيء غيرها فحين افقدها حينها سيفقدني الإبداع .

لم أجيء للإبداع عبر الصدفة ولا من خلال اصطناع مرحلي، أبدع لأحيا وأحيا لأبدع وعبر الإبداع أعيش وجودي الكوني.

 

ما هي نوعية التشجيعات التي يقدمها النشر الالكتروني للمبدع المغربي؟

- يحز في النفس أن هناك الكثيرون ممن يعتقدون أن الشبكة العنكبوتية لم تقدم خدمة للإبداع والمبدع.. وكثيرون هم من يقولون أن كل من ينشر في هذا الفضاء الافتراضي هم أشباه مبدعين أو أن لا علاقة لهم بالإبداع السليم.. أقول لهم أنتم واهمون في ما وصلتم إليه من أحكام، فالشبكة العنكبوتبة والتي من بينها النشر الالكتروني أعطى ومازال سيعطي الكثير للمبدع عموما والمغربي خصوصا وخير دليل على قولي هذا، ما أصبحنا نعيشه من تكتلات ترجمة على أرض الواقع المعاش وكذا التقارب بين التجارب الإبداعية والتلاقح الذي نعيشه بين هذه التجارب، تجارب مبدعين قد نعتبرهم من الجيل الأول وتجارب شبابية تبحث لها عن موقع قدم في الساحة الإبداعية ، فبحكم تجربتي المتواضعة في النت أستطيع أن أقول لك، أن النت قدم لي ما لم تستطع أن تقدمه لي المنابر الأخرى والتي اعتبرها منابر منغلقة على التجارب الجديدة والتي تمارس حيفا كبيرا في حق الأصوات الإبداعية الجديدة، فالعالم الافتراضي لا يختلف عن العالم الواقعي، فهناك الرديء وهناك الجيد فالمتابع للمنتوج الإبداعي من خلال المجاميع أما في الشعر أو القصة أو الرواية أو في أجناس أخرى يعرف أن ليس كل ما نشر ورقيا هو إبداعا جيدا كما العكس صحيح، في الأخير اقر لك أنني كائن الكتروني أكثر ما أنا كائن ورقي و اعتز بكون هذا الافتراضي جعل مني إنسانا كونيا استطيع أن أكون في أي رقعة جغرافية بلمسة بسيطة من خلال لوحة المفاتيح.

 

ما هي طبيعة المقاهي في الفقيه بنصالح؟ وهل هناك مقاه ثقافية؟

- المقاهي لا تختلف عن بعضها في اغلب المدن المغربية، كلها تتشابه إلى حد انك لا تستطيعين التفريق بين المقهى و أخر والغريب أن ظاهرة فتح المقاهي أصبحت تعرف تكاثرا مخيفا إلى حد أن بين المقهى والمقهى هناك مقهى آخر، أما ظاهرة المقاهي الثقافية فليست هناك مقاهي ثقافية بمفهومها الحقيقي كما قد نجد في بعض الدول، لكنني استطيع أن أقول لك أننا بالمغرب عندنا مقاهي من نوع خاص، اسميها المقاهي الرياضية وهي ظاهرة تعرفها جل المدن إلى جانب بعض المقاهي السينمائية والتي توجد أهمها بالبيضاء والتي انتعشت بتكاثر القنوات الفضائية .

 

هناك علاقة تاريخية بين المبدع والمقهى، هل مازالت هذه العلاقة قائمة خلال الفترة الراهنة؟

- سأكون مجانبا للصواب إن قلت لك أن هناك فعلا علاقة تاريخية بين المقهى والمبدع، لأننا علينا طرح السؤال بشكل معكوس هنا، هل فعلا لمقاهينا تاريخ وثقافة تستمد منها هذه المقاهي صيرورتها التاريخية ؟

 

هل هناك علاقة بين محمد منير والمقهى؟ وهل سبق ونسجت نصا بهذا الفضاء؟

- لي مع المقهى علاقة غريبة، خصوصا إحدى مقاهي درب السلطان بالبيضاء والتي عبرت فيها أصعب مرحلة عمرية في حياتي، للأسف أن هذه المقهى تحول الآن إلى محلبة متخصصة في تقديم كل أنواع المعصور من الفواكه.. المقهى كانت تسمى مقهى الوردة، كانت ملجئي الليلي باعتبارها مقهى تشتغل ليل نهار وكانت تجمع مجموعة من الأسماء الإبداعية من بينها محمد جبران والمسرحي الراحل حوري حسين وبعض ممارسي مسرح الهواة أيام عزه الفني.. الوردة كنت أقضي فيها ليلي كله، لأنني حينها كنت لا أنام إلا نهارا لظروف لا داعي لذكرها هنا، لا أخفي عليك أنها كانت مكتبتي الوحيدة فيها كانت جل قراءاتي الأولى.. أما علاقتي بالمقهى اليوم فلم تعد مجرد علاقة عابرة للقاء قد يكون عابر في مدينة ما أو للحديث مع أحد الأحبة لا غير بحكم عدم استقراري الآن.

 

 ماذا يمثل لك: الوطن، الشعر، الحب؟

الوطن : قسوة لا استطيع إلا أن أحبها .

الشعر: مملكتي التي اشعر فيها بإنسانيتي الحقة .

الحبّ : وطن أخر يحتاج إلى مواطنين صالحين .

 

كيف تتصور مقهى ثقافيا نموذجيا؟

- إن تقليد المقاهي الثقافية بالمغرب ما زال لم يرق للمقاهي الثقافية بشكلها المتعارف عليها مثلا في فرنسا وفي بعض الدول الأخرى التي أسست لهذا التقليد الثقافي، إذ أن الملاحظة أن هناك بعض الممارسات التي حاول بعض المبدعين خوضها لكنها بقيت حبيسة الموسمية، لم تبرح إقامة حفلات التوقيع أو بعض الأمسيات الخجولة لبعض الجمعيات هنا وهناك أما أن تكون مقهى ثقافي بمعناها الحقيقي فلابد أن يكون فضاء المقهى مؤثثا ثقافيا من خلال وجود مكتبة للقراءة وصالونا للنقاش اليومي وهنا أشير إلى تجربة مقهى مازغان بالجديدة والتي أتمنى أن تتطور هذه التجربة وتلقى الاستمرارية لاعتبارها تجربة متميزة بالجديدة والتي تشرف عليها المبدعة حبيبة زوكي إلى جانب المبدع عز الدين ماعيزي وآخرون. هذه التجربة تبدو لي نموذجية لتخصيصها فضاء للقراءة وعرض دائم لبعض اللوحات التشكيلية وفضاء للانترنت، هذا ما نطمح إلى رؤيته في اغلب المدن المغربية لكننا في حقيقة الأمر نحتاج إلى مبدعين متشربين أهمية المقاهي الثقافية كفضاء يضيف للمبدع لا كفضاء للنميمة الثقافية والتي للأسف تأكل من الجسم الثقافي ببلادنا.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1786 الاحد: 12 / 06 /2011)

 

 

 

في المثقف اليوم