حوارات عامة

حوار مع الباحث الاسلامي المغربي ادريس هاني حول:

idrees_haniالحركة الإسلامية المغربية من منظور مختلف .. حزب العدالة والتنمية نموذجا

إدريس هاني باحث في الفكر الإسلامي جر عليه نقمة الإسلاميين في المغرب.

قليل الخرجات الإعلامية، ومع ذلك لا يكنون له أي ود، لأن تحليلاته صادمة، وغالبا ما توظف الحقائق التي يكشفها في الهجوم عليه. على امتداد حلقات متتابعة، نناقش في فقرة أسئلة خاصة نظرة من الباحث في الفكر الإسلامي إزاء حزب العدالة والتنمية.

? ما هو تصنيفك لحزب العدالة والتنمية؟

 ?? يتعين التعامل مع المكونات السياسية في المشهد السياسي  بصورة ظواهرية. بمعنى ضرورة اعتبارها مكونا سياسيا حزبيا كما تقدم نفسها في المشهد السياسي والحزبي. وبالنسية للحزب الذي ذكرتم فهو يقدم نفسه كحزب سياسي بمرجعية دينية. لكن عندما نقرأ السياقات الموضوعية لتشكل هذا المكون، نلاحظ أنه خضع إلى شروط معين. والسياقات التي تشكل من خلالها هذا المكون السياسي، هي في نهاية المطاف من يتحكم في طبيعة مضمون وخطاب الحزب. ولذلك عندما ننظر إلى هذا المكون نظرة تاريخية، فحتما سيكون  للقراءة  فرادتها وخصوصيتها. فمن حيث هو حزب فهو حقا كذلك، طالما أن تعريف الحزب اليوم ينطبق على كل مكون سياسي يعمل ضمن التوافق الديمقراطي المعروف . فلا يمكن أن تسلب منه هذه الصفة ما دام يحظى بوصل إيداع قانوني. لكن يمكن محاكمة هذا الحزب من خلال برنامجه السياسي ومطابقة آرائه وأداءاته ومواقفه مع الأسس الإيديولوجية التي يدين بها.

? (مقاطعا) بطريقة أوضح، هل تعتقد أن حزب العدالة والتنمية يعكس من خلال مواقفه مرجعيته الإيديولوجية؟

 ?? ينبغي التنبيه أولا إلى أننا نعيش بصفة عامة اختلالا حقيقيا على مستوى الأحزاب السياسية في المغرب. ومن هنا يمكن لأي حزب أن يزعم ما بدا له من المصداقية ومن المشروعية. ولكن حينما تحاسب هذه الأحزاب في منظور ما يجب أن تكون عليه الأحزاب، كما هو شأنها في البلدان الديمقراطية النموذجية، ستقف علىحقيقة هذه  الاختلالات الكبيرة. أما فيما يتعلق بالمرجعية الدينية، فأنا أعتقد أن المسألة هنا (بالنسبة إلى هذا الحزب) لا تعدو أن تكون مسألة كمية وليست نوعية. بمعنى أن هذا الحزب قد يكون ميله وتاريخه إسلاميا باعتبار انبثاقه من داخل تجربة حركية إسلامية وكونه أكثر ميلا إلى الخطاب الديني، ومن حيث إنه لا يغرف إلا من الإيديولوجيا الإسلامية، فهو بالتالي يعتبر نفسه ذا مرجعية إسلامية. ولكن أيضا هذا لا يميزه عن باقي الأحزاب الأخرى، لأن الجميع بإمكانه ادعاء ذلك. وهذا حاصل في خطاب كثير من الأحزاب المغربية. و طبعا أنا هنا لا أتحدث عن الأحزاب ذات الخلفية الإيديولوجية المعروفة (اليسارية)، ولكن أنا أتحدث عن أحزاب أخرى تقليدية معروفة مثل حزب الاستقلال مثلا. فهذا الحزب أسسه علال الفاسي الذي يعتبر رمزا من رموز الفكر الديني والحركة الإسلامية بالمغرب. علما أن هذه المسألة لا قيمة لها في المغرب ولا تشكل أي قيمة مضافة، كما هو الحال في بعض الدول الأخرى ذات النظام الجمهوري و العلماني الصريح، والتي توجد فيها بعض الحركات الإسلامية. هنا تكون الأمور واضحة عندما تتحدث عن الخلفية الدينية الإسلامية. أما بالنسبة إلى المغرب، فتوجد عندنا حركات ذات مرجعية إسلامية، بقدر ما عندنا النظام نفسه ذو مرجعية إسلامية. وأحيانا لديه مبادرات في هذا الحقل تتجاوز مبادرات الحزب الإسلامي. وهذا الحزب الذي يدعي أنه ذو مرجعية إسلامية يعزز هذا المبدأ( مرجعية النظام الإسلامية) باعتبار أن النظام ينطلق من الخلفية نفسها. بل هو عموما يرى وجوده من بركات هذا النظام.

? ولكن هنا يطرح سؤال: لماذا الإصرار على إشهار ورقة الخلفية الدينية في حين أن النظام ككل هو ذو مرجعية دينية؟

?? هو موقف مزدوج. فمن ناحية يريد (هذا الحزب)  أن يبين أنه لا يعمل ضمن القواعد الديمقراطية والقانونية المعمول بها فحسب، وإنما هو يتماهى طوليا مع النظام. وهذا تكتيك سياسي وظيفي. ومن جهة أخرى، توجد أحزاب أخرى في الساحة لا تستطيع أن توضح مرجعيتها الدينية. وهذا ما يجعل من هذا الادعاء طلبا للقرب من النظام السياسي من جهة وكذا استغلالا لهذه الورقة في غياب أي برنامج جدي وحقيقي . طبعا لا أتحدث هنا عن المؤشرات والمكتسبات والانجازات المغالطة التي تتحقق في غياب تنافسية حقيقية وفساد الأحزاب وعجزها عن التأطير. طبعا، هناك جانب ثانٍي، وهو أن هذا الحزب تحكمت فيه ظروف خاصة، وبالتالي فهو حزب لم يؤسس لنفسه إيديولوجيا واضحة ومنسجمة. فهو خليط من التصورات والآراء ذات المرجعيات المتعددة التي تخفي جوهر خطابه السلفي التقليدي، وبالتالي فالحديث عن المرجعية الدينية قد يغطي على بعض الاختلالات التي تشوب هذا الحزب؟

? ما دمت تتحدث عن اختلالات هل يمكن رصدها؟

?? طبعا هناك اختلالات كثيرة، منها اختلالات موضوعية تتعلق ببنية الفكر الذي تنتمي إليه أغلب الحركات الإسلامية في بلادنا تحديدا. وهناك اختلال على مستوى البنى الفكرية والإيديولوجية، وهناك اختلال في المواقف السياسية، بحيث إنك تجد انعدام المطابقة بين الفكر والمواقف. فأغلب المواقف التي يتخذها هذا الحزب ذي المرجعية الإسلامية هي من هذا القبيل: مواقف سلبية معدومة المبادرة. وتأتي دائما مثل بومة "هيجل" التي تخرج ليلا لتحدثنا عن ما حدث خلال النهار. أي إن مواقفها هي تحصيل حاصل. وغالبا ما تأخذ مواقف تمالئ بها الموقف الرسمي وهي لا تؤمن بها في الغالب . ولكنها في إطار التنافس أو التباري السياسي تمارس ممالآت فاضحة للموقف الرسمي .

? هناك ملاحظة وهي أن حزب العدالة والتنمية نجح نسبيا في مهمة ـ بحكم ما يسميه المرجعية الإسلامية ـ في جلب مجموعة من الأنصار !

 ?? طبعا هو، بلا شك، حزب له نجاحات كثيرة، بعضها ظاهر للجميع، وهي ذات طابع كمي ولا نتحدث هنا عن النوعي في مكتسبات هذه التجربة. الارتكاز على الحشد في غياب التنافسية الحقيقية وفراغ الساحة من حزب إسلامي حقيقي لا يضمن النجاح الأبدي لحزب يتطور بشكل مشوه وفي اتجاه لا يخدم تطلعات المواطن المغربي التواق إلى التنمية والتقدم والديمقراطية خارج منطق الأرتذكسيات السلفوية التي تحاول أن تخفي جنوحها المتطرف ببعض المفاهيم الإجرائية التي يسمح بها البوليميك السياسوي.

? تقصد أنه ليس كل من يتبع العدالة والتنمية هو ذا مرجعية إسلامية؟

?? يجب أن نعلم أن كل حزب هو بمثابة دكان. ليس  كل من ينتمي إليه هو بالضرورة يؤمن بأفكاره أو على الأقل يؤمن بكل أفكاره. وداخل العدالة والتنمية هناك من يتمعشون داخل هذا الدكان لمصالح معروفة جدا، ولكنهم يتواهمون فيما بينهم قبل أن يصدروا أوهامهم خارج الحزب. ولذلك يجب أن نفرق بين المؤسسين والفاعلين الحقيقيين وبين من يلتحق فيما بعد بالحزب.

? (مقاطعا) في الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، نتحدث عن المؤسسين وباختلافهم تختلف قيمة الحزب، هل تتوفر العدالة والتنمية على رمزية المؤسس؟

 ?? فيما يتعلق بالحركة (حركة التوحيد والإصلاح) لا نستطيع أن نتحدث عن مؤسس بالمعنى الحقيقي. ولكننا نستطيع أن نتحدث عن محطات تأسيسية. يعني أننا نتحدث عن أشخاص استطاعوا، بعد الذي حدث على إثر الضربة التي أصابت الشبيبة الإسلامية، استطاعوا أن يخلقوا لهم حالة إسلامية  انقلبت على النموذج الشبيبي وأسست لها الجماعة الإسلامية. ومنذ ذلك الوقت حتى تأسيس الحزب، كان هناك بحث عن المرجعية والقيادة ولم تكن الأمور واضحة. لكن مع العدالة والتنمية، لا يمكن أن نقول إن هؤلاء هم المؤسسون. بل حتى الشبيبة نفسها من خلال تصريحات قادتها التاريخيين لا تعترف بتاريخ لهؤلاء إن لم نقل تشكك في حقيقة انتماءهم الأول لهذه الحركة. فالحركة الإسلامية المغربية كانت ولا زالت وفي كل يوم تكتشف حالة الانتهازية التي بموجبها سعت ولا زالت تسعى هذه الحركة للوشاية بأبناء الحركة الإسلامية الذين لا يوافقونها النهج والرأي. وفي ذلك من الحقائق ما لا يتسع المجال لذكره. ولكننا هنا نتحدث عن لحظة تأسيسية أخرى : اللحظة الخطيبية (نسبة إلى المرحوم عبد الكريم الخطيب). وهنا السؤال: من هو الفاعل الحقيقي، هل هم من حيث إنهم شكلوا القواعد التي ملأت فراغ القواعد في حزب الخطيب (...) أم إنها شطارة سياسة الخطيب الذي استطاع احتواء هذه التجربة وإعادة تأسيسها من جديد. لذلك، لا يمكن أن نقول أن هناك تأسيس، بل قصارى ما يمكن قوله أن هناك تأسيسات ومراحل تأسيسية مختلفة تولد  عنها هذا المكون بخصائصه المثيرة للجدل.

? برأيك من الذي قام باحتواء الآخر، هل هو الخطيب أم المجموعة المذكورة وجوه (قيادة العدالة والتنمية) هي التي قامت باحتواء الخطيب؟

??  طبعا هو من قام باحتوائهم. وهذه مسألة للتاريخ. فهم كبقايا من الشبيبة الإسلامية ــ طبعا ليسوا هم البقايا الوحيدين ولا هم البقايا المهمين ــ حاولوا أن يكون لهم موطئ قدم في الحياة السياسية. وطبعا، حينما نتحدث عن القدرة السياسية لهذا الحزب، فقد كان بإمكان أي حزب من هذا النوع إذا دخل إلى الميدان السياسي أن يلعب لعبة محترمة قد تضاهي لعبة هذا الحزب، ولكن السؤال المطروح هو ما الذي جعل هذا الفصيل أكثر حضورا من غيره؟ هناك مبادرة أو محاولة سياسية كبيرة جدا للخطيب (وطبعا حينما نتحدث عن الخطيب لا نتحدث عن الشخص)، فإذا كان هناك من قيمة لهذه الظاهرة السياسية فهي تعود إلى إمكانيات الدولة ونجاحها في احتواء فصيل إسلامي وجعله يشارك في الحياة السياسية بهذا الشكل. وطبعا الخطيب هو من كان القادر على لعب هذا الدور. فالفرادة لا تعود إلى تجربة هذه الحركة، ولكنها تعود إلى قدرة وذكاء النظام السياسي في احتواء هذه التجربة. ليس مجرد الاحتواء، بل صناعتها أيضا. فالتحول من منطق الدعوة إلى منطق السياسة موضوع آخر، فقد كان بإمكان أي فصيل آخر أن يلعب هذا الدور ويجد فجأة قاعدة كبيرة له قل أن يسبقه إليها هذا الحزب. فهذه الحركة بدأت صغيرة، لكن القواعد الواسعة ظهرت بعد تأسيس الحزب، وهو ما يعني أن أي فصيل من الحركة الإسلامية لو كان قد تحول إلى حزب وأعطيت لها الإمكانيات والتسهيلات نفسها، لكان بإمكانها أن تزاحم هذا الحزب وأن يخلق امتدادات كبيرة على المستوى الجماهيري.مرة أخرى : إنها مسألة سباق ومسألة فراغ في الساحة، فراغ مفتعل وأحيانا ناتج عن فشل في المسارات التشارطية بين الدولة والمكونات الإسلامية الأخرى.

? بخلاف هذا الكلام تصر قيادة العدالة والتنمية على الترويج دعائيا للقول إنهم يحاربون من طرف الدولة؟

?? في ظل الاختلالات التي يشهدها المشهد الحزبي المغربي لنكن صرحاء الدولة هي طرف ناظر ويراقب ويتدخل ضمن سياسة مدروسة، لأنه في ظل هذا الاختلال، يمكن لبعض الأحزاب أن تبتلع المجتمع. لأن هذا الأخير يعيش على وقع مشكلات كثيرة . وهذا يمكن أن يحدث في كل دول العالم. بالنسبة إلى العدالة والتنمية، ولا سيما في موضوع تغطية الأقاليم انتخابيا،  لم تضع الدولة حدودا، ولكنها حاولت أن تقرأ المستقبل بشكل جيد. فهذا الحزب يشتغل على المرجعية الإسلامية في ظل الكساد الموجود، يمكن له في لحظة من اللحظات وقبل أن يعود الوعي إلى المجتمع، أن يبتلع الساحة وبالتالي يصعب تخليصها من قبضته. وذلك لأن الديمقراطية هنا وسيلة انتخابوية وليست عقيدة سياسية. وحتى وإن قيل أنهم يمارسون الديمقراطية داخل الحزب بخلاف الأحزاب السياسية فذلك أمر مضطرون إليه في غياب كاريزما وقيادات كبرى للحزب المذكور. أي أننا أمام شباب تعلم بشكل جماعي أن يناور بالدعوة وبالسياسة ولا أحد يمكن أن يحتوي الحزب قياديا، بخلاف الأحزاب الأخرى التي تتمتع بقيادات تاريخية وازنة. إن الابتلاع الذي يخيف الرأي العام ليس ابتلاعا مبني على قناعة، بل إنه إجراء تأديبي لهذه الأحزاب من قبل المجتمع. هذه الأحزاب تمارس تكتيكا والدولة أيضا لها تكتيكها وتراقب الأمور وتمنع الاستغلال. ويمكننا القول أن هذا الحزب إن كان له من دور إيجابي فهو يكشف عن أخطاب الأحزاب السياسية التي فقدت حماسة قواعدها وتخلت عن أدوارها الاجتماعية .

?كون أن الدولة نجحت في احتواء أصحاب العدالة والتنمية من دون غيرهم، هنا يطرح سؤال هل نحن بصدد حركات إسلامية حقيقية وأخرى غير حقيقية؟

?? بالنسبة إلى الحركات الإسلامية، هناك بعض المشكلات التي تعيشها على سبيل الاشتراك. أما فيما يتعلق بمثال هذا الحزب مقارنة بباقي أحزاب الحركات الإسلامية، فهذا ينظر إليه من خلال التجربة، وكيف أنه قبل بكل الشروط التي تخوله الدخول إلى المشهد الحزبي. وهذا لا يعني أن الآخرين لم يوافقوا على تلك الشروط. فالأمر مجرد سباق حول الرهان. ذلك أن سبق العدالة والتنمية نحو القبول هو من فرض ذلك الواقع برمته. طبعا، هناك استثناء العدل والإحسان التي يمكنها في حالة ما إذا قبلت المشاركة في الحياة السياسية أن تشكل قيمة مضافة، أما غير العدل والإحسان فلا يمكن أن يشكل أي قيمة مضافة ما دام أن العمل الذي يمكن أن تقوم به هذه الحركات تقوم به العدالة والتنمية اليوم على أفضل وجه.

? هناك بعض التقارير التي كانت تروج دائما لاكتساح مرتقب من لدن حزب العدالة والتنمية، لكن نتائج الانتخابات الأخيرة وإن كانت قد بوأت هذا الحزب مكانة أولى فيما يخص المدن إلا أنه ظل بعيدًا عن تحقيق أي نتيجة تذكر بالبوادي؟

?? (مقاطعا)، طبعا حزب العدالة والتنمية لا يمكنه أن يحقق امتدادا كبيرا داخل المجتمع القروي، لأنه أساسا حركة تراهن على البرجوازية الحضرية، وبالتالي فمجالها الطبيعي هو المجال الحضري. كما أن إيديولوجيتها ورهاناتها غير مبنية على العالم القروي. ربما هي الآن تفكر في الأمر، لكن المهمة ليست يسيرة حيث أن أحزابا أخرى تضمن توازن اللعبة من خلال التحكم في هذا العالم الذي يعاني عدة مشاكل.

? ولكن ما تقوله مخالف للرأي السائد، والذي يقول إن هذا الحزب يجد امتداداته في الهوامش؟

?? هو الآن بدأ يفكر في هذا الأمر، لكن المجال القروي ما زال حكرًا على أحزاب أخرى، وبالتالي يظهر أن هناك ضعفا كبيرا في مقاربة العدالة والتنمية للعالم القروي. والسبب هو طبيعة إيديولوجية هذا الحزب. فرموزه تنتمي إلى الطبقة البرجوازية نوعًا ما ـ وبتعبير أدق الأعيان ـ أو الطبقة المتوسطة الحضرية، وبالتالي إذا كانت هناك من فرصة للتمدد، فلن تكون إلا داخل الهوامش الحضرية نفسها. لذا علينا أن نفرق بين التمدد في المجال القروي وبين التمدد في الهامش الحضري. أما فيما يخص الشطر الأول من السؤال والمتعلق بالتقارير ونبوءات الاكتساح، فهذه التقارير ارتكبت وما زالت ترتكب الأخطاء، لأنه لا مجال للتنبؤ في المجال السياسي. نعم، حزب العدالة والتنمية من أنشط الأحزاب في المغرب، لكن هذه التقارير مغلطة من طرف أناس ينتمون إلى هذه التجربة نفسها، وأنا شخصيا قلت في تصريح صحافي لقناة الحرة صبيحة بدأ موعد الاقتراع لانتخابات 2007م بعدم صحة هذا التوقع و بأن المفاجأة ستكون معاكسة لما هو متوقع قبل الانتخابات. وهذا الذي حصل بالفعل.

? هل توافق الرأي القائل إنه لا فرق بين حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح؟

?? طبعا، هناك تكامل وتعاضد، لأنه لا يمكن أن نقبل أن الإنسان ممكن أن يعيش انفصاما شخصيا من الناحية السياسية، أي ممارسة السياسة وممارسة الدعوة بشكل منفصل. فنفس الأشخاص المؤسسين هنا هم الأشخاص المؤسسون هناك، ونفس الأشخاص الفاعلين هنا هم الفاعلون هناك. وربما لا يمكن فهم هذا التداخل وإدراك حدوده. وشخصيا أتساءل هل الحزب هو فرع عن الحركة أم أن الحركة هي فرع عن الحزب. أنا أتساءل ما المانع وما العيب من إعلان ذلك والاعتراف به،  ما دام أن القانون لا يمنع.ومادام هذا هو واقع الأمر ؟! فالحديث عن الانفصال هنا غير ممكن.

? لماذا اللجوء إلى هذا التقسيم أصلا بنظرك؟

?? هذا التقسيم أملته التجربة ضمن شروط وسياقات معينة، فهم أساسا وفي الأصل حركة دعوية. وكونهم أصبحوا حزبا، اقتضت الظرفية وسياق تشكل هذا الحزب أن يكون هناك من قبلوا أن يضيفوا الدور السياسي إلى دورهم الدعوي. وكان هناك من لم يقبل هذا الدور وجرى تقسيم الأدوار عن قصد أو غير قصد. لكن السياق الموضوعي يؤكد أن هناك تكاملاً للأدوار، وهذا ليس عيبا، لكن غير المفهوم هو الترويج للفصام وهو صعب  التصديق أكثر من الخيال.

? هناك بعض المقارنات التي تربط بين تجربة العدالة والتنمية في المغرب وتجربة العدالة والتنمية في تركيا مثلا؟

?? هذه الأمور تدخل ضمن لعبة الدعاية وضمن ما يسمى مغالطات الأشباه والنظائر بمعنى أنه طالما أن هناك إسما مشتركا ورمزا مشتركا، فإذن التجربة مشتركة. طبعا، قد يكون هناك جانب من الصحة في هذا التشبيه، لكنْ هناك أمور غير صحيحة، ومبالغات لا تستند إلى دليل موضوعي. فنحن الآن لا نستطيع أن نتأكد من أن هذا الحزب التركي قد هام هياما بتجربة حزب العدالة والتنمية المغربي كما يسوق أولاد هذا الحزب ليل نهار، لسبب بسيط وهو أنه إذا كانت هناك وثائق تثبت هذه العلاقة الخلاقة فلتظهر. ولكنها لا تظهر لأن الأمر مجرد ادعاءات وما يجعلنا لا نثق في هذه المقارنات هو أنها لا تقف عند هذا الحد. ففي إحدى المرات، سمعت أحد قياديي العدالة والتنمية يقول إنه في لقاء مع السيد أبطحي إبان رئاسة السيد خاتمي للجمهور الإسلامية في إيران، قال نحن نتابع تجربتكم ونستفيد منها. وكثير من مثل هذا الكلام والمجاملات تسوق على أنها حقيقيا ومن خلالها يتوهم الحزب الإسلامي الذي لا يتوفر على أدبيات خلاقة في مجال التنظير الحركي أو الفكري بأنه تحول إلى مدرسة. وهو ما لم تلمسه الحركة الإسلامية المغربية منه فكيف بالمجال المشرقي الذي قدم تجارب رائدة وكان ولا يزال الحزب المذكور يتتلمذ على خطاباته. حقيقة، أنا لا أدري كيف يمكن لتجربة مثل تجربة إيران وكيف لحزب تركي عريق جدا ويشتغل ضمن تحديات كبرى داخل تركيا التي تعتبر بلاد الخلافة العثمانية والمفكرين الأتراك العظماء أن تكون له كل هذه الانطباعات عن حزب صنعته الدولة ولم يفرض نفسه على المشهد بالاستحقاق وفي جو من التنافسية بعيدا عن انتهازية التشارط والمزايدة على باقي مكونات الحركة الإسلامية المغربية الأخرى. وقبل أيام فقط ومن الولايات المتحدة الأمريكية كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام سئل أوردوغان عن حزب العدالة والتنمية المغربي فأجاب بأنه لا يعرف عنه شيئا. هذا الكلام مجرد محاولة للتجييش والتوهيم. علما أن الحركات الإسلامية في المغرب في عمومها تجارب حديثة ولا تتجاوز مستوى تمثّل تجارب الحركة الإسلامية المشرقية وليست تجارب أصيلة وفريدة كما يزعم أصحابها.

? هل يمكن القول إن الحركات الإسلامية متخلفة في المغرب؟

??طبعا هي متخلفة في زمن التأسيس (مقارنة بنظيراتها المشرقية)وفي الزمن الاديولوجي، لأنها تعيش على المنتوج الأيديولوجي نفسه للحركة الإسلامية بالمشرق، كما تتمثّل مواقف الحركة نفسها.

? هل تقصد بذلك أنه ليس لدينا حركات إسلامية تضاهي نظيراتها في بلدان أخرى؟

?? هي حركة إسلامية لا شك في ذلك، ولكننا لا يمكننا هنا الحديث عن حركة إسلامية إيجابية صاحبة مشروع نموذجي، وإنما هي حركة تتحرك وفق " كليشيهات " موجودة سلفا. يعني أنها تتمثل  كل مواقف الحركات الإسلامية ضمن كوكتيل مواقفي تلفيقي . تتمثل الموقف التركي في مناوراته داخل المجتمع التركي مثلا، مع أن هذا الأخير له مميزاته لأنه بلد الجنرالات والعلمانية المؤسسة والمهيكلة إلى غير ذلك، لكنهم في الوقت نفسه يقلدون حركة حماس ويعلنون عن أنفسهم مقاومين .. هناك تموقفات أو لنقل تمثّلات تترنح بين أقصى الاعتدال إلى أقصى الممانعة بحسب الطلب والظروف والمصلحة، في غياب طرح أيدبولوجي منسجم واستقامة أيديولوجيا مقنعة.

? بمقابل الإصلاح السياسي الذي تروج له الأحزاب التي ليست لها مرجعية إسلامية هناك أحزاب تروج لإمكانية الإصلاح من منظور إسلامي. هل يمكن الحديث عن هذا النوع من الإصلاح؟

?? ـ نعم، ولكن!

أعني أن المسألة تتطلب شرحا لا يتسع له المقام. ولكنني يمكنني القول أن الحديث عن الإصلاح السياسي من منظور ديني يتطلب تحليلا استشكاليا وليس تبسيطا يكاد يكون مهيمنا على أطروحات بعض         الأحزاب الإسلامية. لأننا قبل الحديث عن المنظور الديني يجب الحديث عن أي مفهوم نحمله للدين ومن يملك الحديث عن الموقف الأصلح للدين. في مثل هذه الحالة لا يمكننا الإغضاء عن دور الدين في الإصلاح أيا كان مداه، ولكن ثمة مهمة في نظري سابقة لدور الدين في الإصلاح ألا وهو تصحيح الفهم الديني نفسه. والحركة الإسلامية في بلادنا لا تتميز بفهم ديني متقدم بل رصيدها الوحيد حتى الآن هو امتلاك حماسة أكبر للدين في ظل فهم سطحي شعبوي المضمون رجعي المحتوى . وبين الفهم الديني والحماسة الدينية تكمن كبرى إشكالية الإصلاح السياسي من منظور ديني.

? مادمت تعتقد بأن الإصلاح الديني ممكن شريطة اتباع منهج معين ما رأيك فيما تقترحه  العدالة والتنمية من مشروع إصلاحي؟

?? ـ يجب أن نكون دقيقين في تعبيراتنا ووعودنا. لو كان لهذا الحزب رؤية إصلاحية حقيقية لظهرت منذ زمان من منطلق القاعدة القائلة: "لو كان لبان". قلت إن وجود حماسة مرتبطة بوضعية دينية ما واتساع في قواعد حزب ما لا يعني أن هذا التقدم يوازيه بالضرورة تقدم في المشروع الفكري. ما هنالك سوى ترديدات مقتبسة للفكر الإسلامي كما يتحدث عنه مفكرون ومثقفون إسلاميون ليل نهار والذي أنتج خلال مرحلة عرفت من نكوص الفكر الحركي ما جعله يعيد إنتاج أزمته. ليس هناك شيء يدل على إبداع لا في الفكر ولا في الفقه. مسألة الإصلاح هي مسألة كبيرة ومسؤولية ثقيلة لا تتحمل مزاعم السياسيين ومناوراتهم. وإذا كان هذا حظ الحركة الإسلامية في معظم البلاد العربية فهو في المجال المغربي بالغ الخطورة.

? ألا ترى أن الإصلاح السياسي من منظور ديني يمكن أن يخلف نزاعا عقيما بين مكونات المشهد السياسي؟

?? ـ هذا متوقع إذا تولى المهمة سياسويون لا يزنون الفكر بميزان مناسب. فكما قد تدعي بعض الحركات أو الأحزاب ذات المرجعية الدينية قدرتها على صياغة مشاريع تصحيحية يمكن أن يوجد في المقابل من يدعي نقيض ذلك لدى الأطراف المخالفة. في اعتقادي أن كل مكون من حقه أن يطرح صيغة إصلاح من منظوره الخاص، ولكن ليلتقي في منطقة التقاطع الكبرى بين ما هو إنساني وكوني، وذلك انطلاقا من قناعتي في أن تصالحا ممكنا جدا بين الإمكان الحداثي والإمكان الإسلامي. ففي أوربا حدثت الإصلاحات السياسية بمساهمة من مواقع فكرية جادة تنتمي لكافة الحقول والانتماءات. لذلك نجد في أوربا كل المكونات موجودة ومشاركة ولكن هذا لا يخفي أنها خلقت مجالات اشتراك بينها، وهو مجال القيم الإنسانية الكبرى. فلا قيمة للأفكار بما فيها الأفكار الدينية إذا لم تكن داعمة لما هو إنساني: وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

? ما هي حدود التوافق بين هذا الإصلاح مع الطرح اليساري مثلا؟

?? ـ اليسار اليوم يجتهد هو الآخر للتخفيف من نزعته الأرتذكسية لينضم إلى القيم الإنسانية الكبرى وجعلها موضوع نضالاته الجديدة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية والبيئة. وكما حصل أن ثمة مراجعات من مستويات رفيعة في البيت اليساري إزاء المسألة الدينية، كان لا بد أن تحدث مراجعات بمستوى آخر في البيت الإسلامي تجاه جملة من القضايا والأفكار التي ناضل اليسار في سبيلها. بتعبير آخر يجب إعادة قراءة ماركس أقل ماركسية مما كان عليه عند أنصاره. وبالتالي وجب أن نعيد قراءة مقولة أن: "الدين أفيون الشعوب". وهو كذلك حينما يسخّر الدين لاستغباء الخلق وهضم حقوقهم ومسخ إنسانيتهم . لكنها مقولة بالتأكيد لا تنطبق على الإسلام في نفس الأمر وهو ما شكل محور المراجعات والتحليلات التي تبناها يساريون كثر تجاه المسألة الدينية أمثال غارودي وماكسيم رودانسون ودوبريه. أعتقد أن جانبا من أزمة الفهم الديني تتقاسمها الأرتذكسية الدينية واليسارية معا . شخصيا كنت أتمنى لو كان ماركس مسلما كما كنت أتمنى لو امتلكت الحركة الإسلامية جدية اليسار في تبني أفكاره على الأقل خلال الستينيات والسبعينيات. فجر ماركس مقولاته الإنسانية خارج منطق الدين كما فجر الإسلاميون مقولاتهم الدينية خارج منطق العقلانية والقيم الإنسانية. وهنا وقع سوء الفهم الكبير. لو كنت في أوربا القرن التاسع عشر وعشت بين أحضان التصور الأرتذكسي الكنسي التقليدي للمجتمع والإنسان والعلم، لقلت ما قاله ماركس. لقد ماتت الأيديولوجيا الماركسية ولكن ظلت الفلسفة الماركسية حاضرة في ثنايا أكثر الفلسفات حداثة. ترى، متى يموت الإسلام الأيديولوجي المسطح لصالح إسلام أكثر عقلانية ونجاعة. إذا أردنا أن نكون في مستوى تطلعات هذا الدين، فعلينا أن نفهمه أكثر بالقدر الذي تحمسنا له أكثر. إذ ليس ثمة في واقعنا تناسب بين الفهم الديني والحماسة الدينية. متى نملك الشجاعة لاكتشاف الإنساني في ديننا ونتحرك به خارج أقانيم تفكيرنا الرجعي ونطلق هذا الدين من الأسر. حتما إننا متخلفون أولا. لأننا حينما نتقدم فهذا سينعكس على فهمنا الديني. والحركة الإسلامية في نظري تساهم اليوم على الأقل في بلادنا في تسطيح الفهم الديني وخلع مواقفها المتخلفة عليه.

? اشتغلتم على مشروع أسميتموه : التبني الحضاري والتجديد الجذري، ما هو مقصودكم بذلك؟

?? ـ بكل بساطة سعيت من خلال هذه الدعوة أن أغير نموذج التفكير الإسلامي وتحريره من كل العناصر المعيقة لتطوره. فالتبني الحضاري هنا لا أقصد به ما يتردد عادة وبعشوائية في أدبيات بعض الإسلاميين الذين يعتقدون أنه بمجرد استعمال مفردات حديثة ومغرية  يخرجون من ظلاميتهم وتدويخ المتلقي واستغفاله. إن التبني الحضاري هنا معناه أننا معنيون بالتفريق بين غايتين: التبني الشخصي للتعاليم الإسلامية، والتبني النوعي لها. فالأول يرتبط بالتكليف الشرعي الشخصي الذي لا يكلف صاحبه إلا تمثّل أحكام تكليفية تتحقق بها نجاته الشخصية. إنها مسألة جنة ونار بمدلولهما الأخروي. لكن التبني الحضاري أقصد به أننا مطالبون بتمثل نهج في الفهم الديني يجعلنا أكثر تكييفانية مع معطيات وشروط عصرنا بما يتحقق معه نجاة الأمة من جحيم التخلف ونار الجهل. إنها مسألة جنة ونار دنيوية. في التبني الأول أنا أطلب النجاة بأي شكل اتفق ولو بالاستقالة عن العقل والحياة. وفي الثاني أنا أطلب السبق في الوجود والتقيد بشروط محددة والإجابة عن تساؤلات معينة. يمكن أن أكون عبدا في التبني الأول لأن المطلوب أن أمتثل أحكاما تكليفية لا تشترط علي أن لا أكون عبدا. بينما في التبني الثاني مطلوب مني أن لا أكون عبدا لغيري وقد خلقني الله حراّ. وحتى لا نتحول إلى عبيد للحداثة فعلينا أن نتكيف بالصورة التي تجعلنا في مركزها وليس في هامشها. وهذا يتطلب تغييرا جذريا . والجذرية هنا أقصد بها خرم القواعد الكلاسيكية التي يبني عليها هؤلاء تصورهم الغبي للفكر الإسلامي : أعني باختصار التفكير في الإسلام من خلال نمط دينامي وليس من خلال نمط ميكانيكي. إن الأسئلة التي طرحت على الفكر الإسلامي من قبيل : أين الخلل، ولماذا تخلفنا وتقدم غيرنا، ولا يصلح حاضر هذه الأمة إلا بما صلح به سلفها، والحل الإسلامي، وما إليها من أسئلة  هي التي قيدت انطلاقة الفكر الإسلامي لمعانقة ممكنات جديدة وآفاق لا حصر لها تجد نموذجها الناجع في المستقبل وليس في الماضي . وقد رأيت أن الطريق لتجديد الفكر الإسلامي هو في نقد قواعد التفكير وأنماطه وهذا ما لا يتسع المجال لشرحه.

? هل هناك قابلية لدى الحركات الإسلامية في المغرب لتبني هذا الطرح؟

??ـ قد تتبنى بعضا من تلك الأفكار دون أن تلزم نفسها بفضيلة الاعتراف. ولا يصيبك منها سوى سهم التنميط. ثمة في الحركة الإسلامية المغربية أشخاص إيجابيون لكن بنيتها التنظيمية وبنية خطابها غير إيجابيين وغير ناضجين. وأعتقد أنها حركة "مسمومة" لا تتمتع بأخلاق كبيرة ولا بعقل كبير، وهي حركة استئصالية غير متسامحة إلا على موائد البوليميك السياسوي والتدويخ الديماغوجي . بينما لا يوجد في ضميرها العميق إحساس يالمسؤولية تجاه قضايا التسامح واحترام الآخر وهي لا تتطور إلا في سلوكها السياسوي، أي بتعبير آخر، لا تتطور إلا في ميادين الخبث السياسوي، ثم تعتقد أن ذلك "فهلوة " منها وانتصارا. إننا في درب الإصلاح نتطلع إلى عقل يعترف بأخطائه ويعترف بالآخر، وفي مجال الحركة الإسلامية أعتقد أن الأمر يتعلق أيضا بأزمة أخلاقية وأزمة روحية رغم ما يبدو من تدينها السطحي وسمتها الخادع. إننا نبقي القداسة على الفاعل الديني ما لم يبرح حدود المحراب. فإن تعداه إلى المجتمع والسياسة ـ وهذا حقه ـ وجب محاسبته ومحاكمته ونقده. وهذا هو الحق الذي تمنحنا إياه أولا وقبل كل شيء مناوراته التي تصيب المجتمع وتستهدف المواطن وتتطلع ولو بالحلم إلى أن تنخرط في حكومة تسوس أوضاعنا.

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1274 الجمعة 01/01/2010)

 

 

في المثقف اليوم