تقارير وتحقيقات

مجنون يتحدى القدربين الصوت والصوت الاخر

وتمثيل كل من الفنانين زكي عطا  ومحمد رسن. اما الموسيقى اقتصرت على عازف العود (علي عبد عيد) قدمت المسرحية على قاعة النشاط المدرسي.

بداْت البروفات المسرحية قبل عشرة ايام من يوم الاحتفال بالمسرح العالمي.بعدما تلقيت اتصالا  هاتفيا من الصديق الفنان زكي عطا لتاْدية شخصية المجنون.علما ان مسرحية مجنون يتحدى القدر هي من المسرحيات المركبة والمعقدة وتحمل بين طياتها الافكار  والرؤى الفلسفية ونص المسرحية هو من النصوص المعاصرة المتجددة رغم انها كتبت سنة 1949 وان فترة العشرة ايام لاتكفي لمثل هكذا نص متشعب ومتداخل.ولكن اعتمد علي الاخوة النبلاء في نقابة الفنانين لتجسيد شخصية المجنون كونهم يعرفون طاقتي التمثيلية وكوني سريع الحفظ  وانني اتمنى دائما الوقوف على خشبة المسرح.علما ان المخرج البدري لم يحذف  كلمة واحدة من الشخصية او المسرحية. وقمت بحفظ الشخصية في غضون ثلاثة ايام فقط مع التمرين الذي يستمر من ساعتين الى ثلاث ساعات ومثل هذا الوقت اتمرن في البيت ايضا.ورغم هذه الفترة القصيرة الا انني استفدت من التجربة والخبرة المتراكمة والارث الثقافي والفني والمخيلة الخصبة والذائقة المتفردة التي يتمتع بها استاذنا البدري الذي اعمل معه لاْول مرة.وقد قسمت فكرة النص الى مستوين. المستوى الفوقي المهيمن القدر الذي جسده الفنان (زكي عطا) عن طريق الالقاء (الصوت) خلف الكواليس والمستوى الاسفل المجنون وارهاصاته رغم عفويته وطيبته والفطرة التي يتمتع بها الا انه يتحدى ويطرح افكارا فلسفية ترفض السلطة المهيمنة والاستعباد، الذي جسده (محمد رسن)على خشبة المسرح اشبه بالموندراما.وبدا المجنون يعاني من صراع نفسي مرير نتيجة الاصوات التي يظنها تخرج من راْسة ليرد عليها بصوت اخر هو صوت التحدي.اي ان  القدر هنا يتلاعب بالمجنون عن طريق الملفوظ الحواري والانتقال من حالة الى حالة.المجنون يجسد الحالات  عن طريق التشكيل الصوري الذي يرسمه مع العصا. أي ان هناك صراع الاصوات او الصراع بين القوى الخفية المتشبثة بقهر الانسان التي قد تمثل الخوف او الموت او المستقبل المجهول او الدكتاتور الجائر او....او.............او . وهي تمثل القدر والقوى الواقعية الضعيفة المتمثلة بالمجنون هذه الشخصية التي رسمها النص بمخيلة قل نظيرها في النص المسرحي العراقي من خلال المحاكمة الفلسفية التي تعرض لها المجنون من قبل القوى الخفية علما ان الشخصية تحمل ابعادا نفسبة واجتماعية وسياسية وفكرية وفي نفس الوقت انسلخت عن الواقع الاجتماعي المعاش

وقد حضر البروفات المسرحية كل من المخرجين المجتهدين احمد موسى وسعد شهاب وطرحا مقترحات وملاحظات بناءة ومثمرة كلها صبت في صالح العمل.  وكذلك حضر المخرج والناقد عبد الحسين ماهود والذي اشاد بالعمل   علما ان المسرحية عرضت على طريقة المسرح الفقير جدا جدا جدا.حيث لايوجد ديكور على الاطلاق ولا اكسسوارات ولا ازياء ولا فضاء مسرحي ولا دوال ماعدا عصا الماسحة ولا مؤثرات صوتية ماعدا الة العود ولا توجد انارة تذكر سوى الانارة الفيضية.

وقد تحولت الدالة الوحيدة وهي العصا الى ثقل أي محاولة المجنون رفع هذا الثقل ومعه كلمة قدر الى الاعلى ثم تتحول الدالة الى الولد الكبير(ابن المجنون) ثم تتحول الى زوجة المجنون ثم الى صد يق المجنون ثم الى بندقية ثم الى قلم ثم ترفع العصا الى الاعلى لتشكل الصليب او القيد ثم ناظور بيد المجنون. ثم تتحول العصا الى عكازه يستجدي من خلالها المجنون ثم تتحول العصا الى سيف بيد المجنون لمبارزة القدر وتتحول العصا الى خنجر والى رمح واخيرا تتحول عصا الماسحة الى نبوت ليصارع المجنون  قدره.حيث يستجمع المجنون كل قواه ومعاناته واوجاعه ويخلع الثوب الذي يرتديه ليبقى بالباس الازرق فقط ويبدا النزال بين الاثنين .يحاول المجنون الخلاص والثاْر  والانتقام وووووو. من القدر لكن دون جدوى.ويفشل في عملية الخلاص.ويختفي صوت القدر من راْس المجنون او من القوى المجهولة المحيطة به الذي  يتبعها باْتجاه معاكس من اعلى يمين المسرح الى  اسفل يسار المسرح وبالعكس.وينتهي الصراع الازلي الجديد بركوع المجنون على ركبتيه بعدما فرش ثوبه.

(لقد اردت الامساك به.ولكنه سخر مني).

يسجد المجنون ويتعالى صوته بالبكاء مع ضحكات القدر الرنانة مع موسيقى الة العود.

وبعد انتهاء العرض المسرحي كان الاطراء على العمل من قبل الجميع وخاصة الاداء التمثيلي لشخصية المجنون من قبل مخرجين كبار في المدينة منهم زيدان حمود وطالب خيون مؤسس فرقة لكش واحمد موسى ومحمد مبدر وكذلك مخرج مسرحية بطن صالحة لفرقة لكش الاستاذ حيدر عبد الله .

ان الاحتفالية بيوم المسرح العالمي التي اقامتها نقابة الفنانين هي بتمويل ذاتي وجهود شخصية.الف تحية لاْعضاء الهيئة الادارية.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1397 السبت 08/05/2010)

 

 

في المثقف اليوم