تقارير وتحقيقات

الإسكندر الكبير ينقل العراق وبابل وتاريخهما إلى النمسا في أضخم معرض عالمي / بدل رفو

ولقد أقامت في السنوات الأخيرة  معارض حول مصر وبيرو والصين وذهب البراري وفيتنام والإسلام والشرق. وهذه المرة طرقت أبواب  بابل والإسكندر الكبير وصرخة  أسد بابل تدوي في مدينة ليوبين. الإسكندر الكبير هو مركز ثقل سلسلة المعارض التاريخية التي تقدمها صالة الفن في ليوبين. وهو المعرض رقم 13 في سلسلة هذه المعارض.   افتتح المعرض في 21ـ3 ـ2010 وسيستمر لغاية 1 ـ11ـ2010، وبمشاركة متحف ريس ـ انكل هوم في مانهايم. و لا يهتم المعرض بالجانب التاريخي المثير من حياة الإسكندر الكبير فقط ولكن بالجانب  الثقافي وبتاريخ الفن أيضا. و يعد المتحف التاريخي في فيننا الشريك الرئيسي في هذا المعرض الضخم في مدينة ليوبين . يسلط المعرض الضوء على حياة الاسكندر المقدوني الكبير وحملاته  في آسيا الوسطى ومصر.  تمتع الزوار بمشاهدة أضخم الكنوز الإنسانية من إرث ذلك المقاتل الذي غزا العالم وودع الحياة وهو لم يبلغ 33 عاماً. الإسكندر الكبير جزء لا يتجزأ من التاريخ. فهذا الملك المقدوني حقق انتصارات على اكبر إمبراطورية في التاريخ القديم.

نحو  300 قطعة تاريخية ضمها المعرض التاريخي  وهي إعارات من أضخم متاحف العالم، ومنها المتحف الوطني في طاجكستان ومتحف باريس والمتحف البريطاني  والمتحف التاريخي في فيننا  ومتحف برلين للتراث الثقافي.  وتعكس هذه الأعمال رؤية إلى إرثه  في طريقه إلى الشرق.

صرح رئيس بلدية المدينة د .ماتيوس كونراد بأن  المعرض رقم 13 من سلسلة المعارض في ليوبين حول  الإسكندر الكبير هو بمثابة تقدير لأن الإسكندر كان مركز اهتمام للجميع من البالغين وطلاب المدارس وتاريخ أوربا ولذلك أنا مقتنع بنجاح هذا المعرض الكبير.

أما مديرة المعرض السيدة سوزانا لايتنر فرحبت بنا بحرارة وقالت: هذه المرة نقلنا وطنكم وبابل إلى النمسا. وأهدتني كتابا ضخما، وأوصتني بنقل تحياتها إلى صحافة العراق وشكرتني على تغطيتي السنوية لمعارض المدينة.

الاسكندر الكبير هو نجل الملك المقدوني فيليب الثاني.  ولقد كان للفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس دور كبير في تعليم الإسكندر، وهذا كان سبب وجود نحت للفيلسوف في المعرض.

ضم معرض صالة الفن في ليوبين ومعرض الإسكندر الكبير صالات عديدة من أرقى الأعمال التاريخية في الدقة لكونها تعود إلى قرون ما قبل الميلاد. في الصالة الأولى خارطة جدارية كبيرة تمثل المدن التي  شيد فيها الإسكندر مدنا وسماها باسمها. و هناك كذلك عملات نقدية من فترات معينة من حياته  ومنحوتات أخرى لرأسه وبأشكال ومواد مختلفة بعضها  من المرمر.  ونجد لوحات كبيرة تمثل المعارك التي خاضها الإسكندر  وصنعت من موزاييك هندي.  وكذلك نجد منحوتة  للفيلسوف اليوناني أرسطو طاليس وذلك حين بلغ الإسكندر الثالث عشر من العمر وكان أرسطو يدرسه العلوم الطبيعية والجغرافيا.  ونجد كذلك قصة حرب طروادة. وكان هذا هو الكتاب المفضل لدى الإسكندر  وقد أعجب ببطله (أخيل) كثيرا.  كان لأرسطو تأثير كبير على الإسكندر.  وفي صالة أخرى عرضت المتعلقات والآثار التي كانت ترتبط بروح الإسكندر والتي كان لها الدور الحيوي في تاريخ الإسكندر ومنها تمثال هرقل وهراوته العظيمة  وكان له أهمية كبيرة عند الاسكندر.  وكذلك في نفس القاعة علقت الكرة الأرضية  وخارطة (هيروديت) لفترة (490ـ 425)ق.م .

قاعات كثيرة تختلف من حيث الحجم والأهمية والدقة والفنية عن قاعات أخرى في المعرض، فمنها ما ضم أقداحا صغيرة فنية كانت تستخدم زمن اليونان للشراب وفيها تاريخ وصور جميلة تبين مدى ارتباط اليونانيين بهذه الأعمال وكذلك تبرز رمزية القوة.

سلسلة جبال زاكروس وبلاد الميزوبوتامي وميديا لم تكن بعيدة عن المعرض. ففي المعرض نحت لرجل ميدي  بملابسه وتاج للملك من الذهب من بلاد الميزوبوتامي تبرز التقنية الفنية في صناعة التاج من قرون قبل الميلاد. وكذلك منحوتات لجنود فرس بالملابس الفارسية .الموسيقى كانت حاضرة في المعرض بقوة من خلال منحوتات صغيرة لعازفي الآلات الموسيقية  في فترة قبل الميلاد.

أما بابل فهي مركز الثقل في المعرض لأنها كانت عاصمة الإسكندر الكبير. وأسد بابل الصارخ وزئيره أخذ مكانة كبيرة في قلب المعرض.  وهذا الأسد هوإعارة من المتحف التاريخي في فيننا .وقد أثار شوقي وحنيني للعراق وجود طابوق احمر  مكتوب عليه باللغة الآرامية  وبصور مختلفة من بابل وهو إعارة من متحف برلين.

نصوص وثائقية على حجارة باللغة الاكدية  وقطع حجارة  من كيش بالقرب من بابل ومن تاريخ الاسكندر احتلت قاعة صغيرة  وهي قاعة الوثائق الحجرية وباللغة الاكدية.

زينت خارطة كبيرة أحد جدران المعرض وعليها جبال زاكروس ومسيرة الإسكندر من مقدونيا إلى بابل عبر كوردستان ، ويظهر اسم الميديين والميزوبوتامي وأربيلا أي أربيل على الخارطة.

الحرب والعدة الحربية وأدواتها لم تكن غائبة في المعرض لأنها جزء من تاريخ ذاك القائد-الأسطورة الذي غزا العالم. لذلك كان هناك قسم للخوذات وهو قسم الحرب وتبين  قوة الجيش وعدد أفراد الجيش  والمشاة والخيالة  والانطلاقة نحو الهند.  وهناك صالة للصور الفوتوغرافية حول بابل القديمة  وموت الإسكندر وزواج جنوده من فارسيات.

صالة أخرى تحت اسم الثقافة والفن من زمن الإسكندر  وهذا ما بينته العملات المعدنية وصور الإسكندر عليها بتقنية بارزة  وكذلك صور الفيلة و أثاث البيت  والأواني المنزلية  التي احتفظت بجماليتها  منذ قبل الميلاد.

آخر صالة في المعرض كانت للسينما وهي تعرض فلما حول بابل والإسكندر وحروبه  ونهايته. والفلم ل (كونتير شيلهان). فالإسكندر  بدأ بالحرب وهو في الثامنة عشر من العمر وصار ملكا وهو في العشرين ومات وعمره 32 عاما.  وفي اليونان يعدونه لغاية اليوم  بطلا قوميا إنسانيا.  وفي الفلم الوثائقي السينمائي يتحدث عدد من المحللين التاريخيين والباحثين حول الإسكندر  .

معرض الإسكندر الكبير يعرض قصة بطل من قرون قبل الميلاد وحكاية مدينة تسمى بابل .كبير بمحتوياته ومنحوتاته وجدير بالمشاهدة . إنها بابل التي عشقها الإسكندر الكبير وقدم من مقدونيا كي يقطن فيها. واليوم بابل ذاتها مصيرها بكاء وأنين ويباب لأنها دون أهل وخلان ومهجورة فكل من دب على أرضها يتقلد  أسدها وهي تصرخ: ها إني أموت عطشا.لا مجيب.

 

بدل رفو

من معرض الاسكندر الكبير في النمسا

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1560 الجمعة 29/10/2010)

 

في المثقف اليوم