أخبار ثقافية

ندوة حوارية عن الإعلام الرقمي وتأثيره على المرئي والمسموع والمكتوب

استضافت جامعة العلوم والآداب اللبنانية نخبة من الاختصاصيين في مجال الإعلام، في ندوة حوارية بعنوان: " الإعلام الرقمي والتحديات التي يفرضها على المرئي والمسموع والمكتوب"، أدارتها نقيب العاملين في المرئي والمسموع الاستاذة رندلى جبور، وحضرها لفيف من الإعلاميين وطلاب الإعلام من جامعات مختلفة.

بداية النشيد الوطني اللبناني، فترحيب بالضيوف من قبل الأستاذة جبور، ثم مداخلة لمدير كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية - الفرع الأول الدكتور رامي نجم حول "التحولات التي طرأت على بنية الإعلام"، فلفت إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في حجم التحولات التي فرضتها مجموعة الإعلام التفاعلي على واقع الإعلام التقليدي، بأبعاده المختلفة.

وتضمنت مداخلته العديد من التساؤلات "هل أن مهنة الإعلام مرشحة للانفجار نتيجة التطورات؟ وماذا يعمل المرئي والمسموع والمكتوب للتأقلم مع المستجدات، أي من هذه الوسائل أكثرها حساسية على المتغيرات؟ وما هو تأثير هذه المتغيرات على مستوى الصحافيين وأوضاعهم وأدائهم المهني؟ وكيف انعكست هذه التحولات على الحياة السياسية وعلى سيرورة العمل الديمقراطي؟ وكيف تطور مفهوم الواقعية السياسية في ظل الواقع الافتراضي الجديد؟ وأين يصبح مفهوم الفضاء العام؟ وصولاً إلى كيفية تمظهر هذه التحولات على مستوى التكوين الأكاديمي لطلاب كليات الإعلام في لبنان والعالم العربي؟"

وأشار الدكتور نجم إلى أن "التطورات السيكولوجية المتسارعة ساهمت في الانتقال من التأثير إلى عولمة العواطف عن طريق العالم الرقمي ما يؤدي إلى مشاكل في وعي العالم لذاته، وهذا الأمر يعرفه الاختصاصيون ولكن فئة الشباب تقع فيه حتماً".

وأضاف:" إن إقبال الجمهور على العالم الافتراضي يساهم في تراجع إقبال الناس على وسائل الإعلام التقليدية، مما يجبر الإخيرة على التموضع في فضاء العالم الافتراضي" وتابع: " إن تفلت المعايير في العمل الصحافي، يساهم في ضعف تأثير الأخلاقيات ومواثيق الشرف التي يعتبرها هذا الجيل من الأمور الثانوية".

وختم مشيراً إلى دراسة أجريت في العام 2016 تفيد بأن الشباب، حتى يومنا هذا، لا يثقون بالمعلومات المنشورة في وسائل التواصل الحديثة، معتبراً أن "هذا الأمر إيجابي إلى حد كبير في ظل عدم التحقق من صحة هذه المعلومات".

المداخلة الثانية كانت لأستاذ الإعلام الالكتروني والألسنية المعلوماتية في الجامعة اللبنانية الدكتور غسان مراد، حول "مستقبل الإعلام التقليدي ومحاولات حماية الذات"، رسم فيها مشهداً للعالم الرقمي يرتكز إلى: "إنتاج كميات كبيرة من النصوص، قواعد بيانات نصية، تعليم عن بعد، شبكات تواصل اجتماعي، فضلاً عن طريقة جديدة للكتابة والقراءة، وتناصية تقنية فعّالة ومنتشرة في كل مكان وفي كل الأوقات، وصولاً إلى نص ديناميكي ومعلومات متدفقة متغيرة، وتصفح سهل، وتعديل أسهل، وقارئ يتساوى بالمنتج في توزع المعلومة، ومن وجهة نظر زمنية، فنحن في الحاضر الدائم، وفقاً لبول فيريلد".

وتحدث الدكتور مراد عن دور القارئ في العالم الرقمي، فقال:"كل قارئ يبني خطابه ونصه وينتقل في الكون الافتراضي ويزور المكان الذي تتشكل فيه المعلومات على أنواعها بينما يبقى فعلياً (جسدياً) في مكان واحد، والرهان اليوم هو في كيفية الوصول إلى المعلومات داخل النص، وماذا نفعل بهذه المعلومات، وكيف تُحدد اجزاء النص شكلاً ودلالة".

وتساءل " ماذا حصل للنص في العالم الرقمي"، ليستنتج أنه" لم يعد آحادي الإتجاه، بل متعدد الاتجاهات، ولم يعد ثابتاً بل أصبح ديناميكياً، ولم يعد مكتوباً بل هو في إعادة كتابة دائماً، وأصبح مفككاً كل واحد ينسج نصه بذاته، ولم يعد هناك حاجة إلى ترسيم لحدوده فهو موجود في كل مكان وفي اللاحدود، كل ذلك يفرض علينا تحليلاً للنص أبعد من اللسانيات الكلاسيكية".

وتطرق إلى "التغير في عالم المعلومات"، معتبراً أن " شبكة المعلومات في العالم أدت إلى هذا التغير، وليس شبكة الحواسيب، ولافتاً إلى ما أسماه "الحتمية التقنية، حيث المتغيرات تأتي من التكنولوجيا، وحيث التغيير سيفرض نفسه في كل العلوم الإنسانية بما فيها الإعلام".

وتحدث مراد عن مفهوم" صحافة البيانات في العالم الجديد"، معتبراً "أنها طريقة جديدة لبناء الخبر، ولمعالجة المسائل المعقدة وهيكلتها وعرضها بطريقة ذات مقرؤية ومرئية تحاكي المستخدم، وأنها أسهل لعملية التذكر، من النصوص الطويلة" مضيفاً: "أن صحافة البيانات، هو الاختصاص الجديد، الذي سيكون في كل الاختصاصات".

المداخلة الأخيرة كانت للإعلامي والخبير في شؤون الإعلام الرقمي الاستاذ فيليب أبو زيد، وتمحورت حول "الإعلام الجديد: مميزاته وخصائصه وأبعاده"، أشار فيها إلى:"أن الإعلامي هو من يتحمل اليوم مسؤولية المحافظة على مستوى الإعلام في مواجهة الإعلام الجديد، لأن نسبة كبيرة من الإعلام الجديد تتجه نحو السطحية".

وشدد أبو زيد "على أن العالم الافتراضي الذي فتح الباب أمام الكثير من الجرائم وانتحال الصفة، هو سلاح ذو حديّن يمكن استعماله لنشر العلم والمعرفة ويمكن استخدامه لهدم المجتمعات"، مضيفاً:" من المهم إثارة الوعي حول هذا الموضوع لأن الكثير من هذه الجرائم تحصل من خلال السوشال ميديا، فضلاً عن تسهيلها التواصل بين الأحزاب ومناصريها".

واكد أبو زيد أنه "ضد شيطنة الإعلام الجديد، ومع استعماله لقضايا أنسانية، لكن يجب أن لا ندع السوشال ميديا تؤثر على حياتنا، ومن المهم أن نعرف كيف نراقب أطفالنا عند استخدام وسائل التواصل والإنترنت".

وفي ختام الندوة، أسئلة وأجوبة بين الحضور والمحاضرين ونقاش مستفيض.

 

في المثقف اليوم