أخبار ثقافية

قاسم حسين صالح.. ضيف ملتقى رواد المتنبي الثقافي

ضيّف ملتقى رواد المتنبي الثقافي صباح يوم الجمعة التاسع من حزيران مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية (أ. د. قاسم حسين صالح) في المركز الثقافي البغدادي في المتنبي، لتقديم محاضرة عن سايكولوجيا الشعر حملت عنوان (الشعر والشاعر في المنظور السيكولوجي.. شعراء العراق انموذجا)، في جلسة حضرها مختصون بعلم النفس وجمع من الاكادميين اضافة الى جمهور شارع المتنبي. ادارت الندوة الدكتورة وجدان عبد الامير مرحبة بالضيف والضيوف مستعرضة السيرة الذاتية للضيف.

بين الضيف دكتور قاسم بانه سيتحدث عن الشعر من منظور سايكولوجي، ولا يتحدث عن الشعر والشاعر من منظور فلسفي ولا نقدي، مستشهدا بوجهات نظر اخرين منهم الدكتور حاتم الجواهري الذي بين ان للشعر عملية سايكولوجية محددة وضابطة بدقة ولا يكتب الا عن حالة من التوحد، وهي ان تتوحد مع حبيبتك او مع الله او مع الوطن او مع شيء تحبه.ما يعني أن في الجانب السايكولوجي لابد ان يكون هناك صلة من التوحّد والتشبع بروح ما تقوم به على الاحساس بالقدرة والامتلاك والسيطرة على انفعال او عاطفة او دافع بعينه. ولكن ان يكون شعرا لابد ان تكون هناك حالة توحد للشعراء.واوضح أن  مكمن صعوبة المعادلة النفسية للشعر تتحقق في حالتين، الاولى قدرة الشاعر للتوحد مع الامل والصمود وما ينتظره من انتظار وترقب ومرتفعات ومنخفضات تفرضها متطلبات الحياة، والثانية القبول باليأس والهزيمة.

اما الدكتور فالح نصيف الكيلاني فقد اوضح أن سايكولوجية الشعر تتحدد بالتعاقب الزمني للاحداث التي اسهمت في اختلال بعض القيم والمعايير الانسانية، ودفعت بالشعر المعاصر الاهتمام بالمعطيات الموضوعية والفنية وتوضيفها في الاسطورة التي يهرب من واقعها المرير، الى عوامل اخرى تسودها المثالية ويحلق فيها الخيال الجانح نحو الارتقاء والتمكن ليبني عالمه الخاص ويملي عليه فراغات من ذاته المكبوتة، فمثلا كره الوالد او الوطن او شيء اخر، لا تستطيع قوله ولكن تستطيع قوله بالشعر.

بعدها..بدأ الدكتور قاسم بطرح وجهة نظره استهلها  بحديث عن الشاعرة نازك الملائكة.. بانها اول شاعرة لفتت انتباه الشعراء العرب الى الجانب السايكولوجي، ولها كتاب بعنوان(سايكولوجيا الشعر ومقالات اخرى) ركزت به على مسألتين، الاولى ضرورة ان يوثق الشاعر صلته باللغة وقوالبها، والثانية تمسك الشاعر بالقافية..غير أن نازك  هي التي  كسرت القافية في اعمدة الشعر العربي ،وأن الدافع كان سايكولوجيا خالصا، لان الشعر العمودي يعزف على وتر واحد وبالتالي هو روتين ومخدر، فيما كسر القافية في الشعر يجعلك تعزف على اوتار كثيرة.

ولفت الأنتباه الى ان الشاعرة نازك تعرضت الى صدمة سايكولوجية نفسية هي (رهاب الخوف العصبي) لانها فجعت بما رأته في العدوان الثلاثيني وما حصل بالعراق. وعند وصول الخبر الى الجهات الحكومية نقلتها في طائرة مع زوجها الى الاردن ومن ثم الى مصر وطلب من السفير بمتابعة حالتها. مشيرا ان نازك الملائكة ايقونة الشعر العربي التي تمتعك وتبكيك بشعر كل ما به سايكولوجي خالص، رومانسية،، وحزن ويأس، ووحدة، وشكوى ،وهمّ.. عراقي وعربي  وانساني.. نازك التي احبت العراق واهله ماتت غريبة بعيدة عنه كما مات الشاعر مظفر النواب.

ومن جانب اخر تحدث البروفسور حسين عن حالة سايكولوجية مهمة وهي الاغتراب التي ليست شرطا على الشعراء والادباء فقط بل تشمل الجميع. والاغتراب هو  احساس الفرد بأنه عاجز وعدم استطاعته للسيطرة على مصيره. وثانيا (فقدان الهدف) لعدم استطاعت الفرد تحقيق هدفه بمفرده لانه مرتبط بالاسرة وبالمؤسسة التي يعمل بها وبالسلطة والنظام، ولهذا لكل منا في داخله هدف ونشعر بعدم قدرتنا على تحقيقه لتلك الاسباب، وثالثا فقدان المعايير (العزلة الاجتماعية) وهو الاحساس بالوحدة والانسحاب من العلاقات الاجتماعية او الشعور بالنبذ الاجتماعي.

مستدركا “كل هذه الحالات موجودة في شخصية الفرد ولم يكن لها علاج لعدم مشاركة السلطة والمجتمع في المساهمة لتحقيق الاهداف، لنصل الى اخطر حالة وهي الرابعة (الاغتراب النفسي)..وتعني وصول الفرد الى أن يسأل نفسه( أنا منو؟! .ما وجودي في الحياة ان لم يكن لي معنى بهذه الحياة)، ليقف امام المرآة ويقول “انا غريب عن نفسي”.

وعرّج ايضا عن شعراء وسياسيين اخرين كالشاعر عبد الرزاق عبد الواحد والسياسي احمد الجلبي اللذان توفيا في وقت متقارب، وازدواجية الجمهور الذي انقسم في قبولهم ورفضهم مع ان الشاعر كان مقرب من النظام والسياسي كان بالضد من النظام.

مؤكدا ان افضل من شخص العراقيين هم الخلفاء الراشدين اذ قال احد الخلفاء ان كنتم تريدون ان ترسلوا حاكم على العراق ولم يرضوا عنه عليكم ان ترسلوا اخر خلال عشرة ايام، لان اهل العراق اهل فكر وثقافة وفطنة.

وبالعودة الى الشعراء وسايكولوجية الشعر بين ان الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة كتبت قصيدة تقول فيها،

(كل شعري/ قبل لقياك سدى/ وهباء كل ما كنت كتبت/

أطو اشعاري/ ودعها جانبا/ وأدنو مني/ فأنا اليوم بدأت)

***

عامر عبود الشيخ علي

في المثقف اليوم