أخبار ثقافية

جميل حسين الساعدي: كلمات على عجل.. وداعا سامي العامري

غياب الأحبّة والأصدقاء ولو لبعض الوقت يوحش النفس، لكن الأمل في عودتهم سرعان ما يبدد وحشة الفراق، فماذا عسى تكون عليه النفس اذا كان الغياب بدون إياب؟ النفوس ودائع ولا بدّ ان تعود الى مالكها طال أو قصر الزمن . وكل وديعة ولها تأريخ استرداد.

وهذا ما أشار إليه الشاعر بقوله:

وما المال والأهلونَ إلّا ودائعٌ 

ولا بُدَّ يوماً أن تُستردّ الودائعُ

كم غبت يا سامي العامري؟ لقد غبت مرات ومرات، وظهرت من جديد ومعك حكايات ممتعة وأشعار لكنّ هذه المرة آثرت البقاء هناك.. وقررت عدم العودة الى دار الغربة، وكأنّي بك تهتف وفي صوتك حشرجة الألم والحزن كفى ..كفى اغترابا . لقد حانت لحظة الإنعتاق من سجن الوحدة وطويت آخر صفحة من كتاب الغربة.

لقد عدت يا سامي الى الوطن الكبير، الذي لا حدود له، الى وطنك الحقيقي، وطن الروح، وطن الحقائق، التي طالما تغنيت بها في قصائدك،.وطن لا ذكر له في الجغرافيا ولا مكان له في الخرائط

الدنيا والحلم شيئ واحد .. أمان أمان

كم هي صادقة هذه الاغنية التي كان يغنيها الغلام يوسفاكي احد شخوص رواية (المسيح يصلب من جديد) لنيكوس كازانتاكسي،

والتي تذكرني بالقول المأثور:

الناس نيام، متى ما ماتوا استيقظوا

لقد استيقظت يا سامي اخيرا وتركتنا نغطّ في نومنا العميق نجترّ أحلامنا، التي لم تعدْ أحلاما بل أصبحت كوابيس .

فما عالمنا إلا كما قال الشاعر العربي القديم:

رســومٌ وأشباحٌ تمــرُّ وتنقضي 

وتفنى جميعا والمحركُّ باقي

وقد سبقه الى هذا المعنى شاعر آخر عاش قبله حين قال:

الا كلُّ شيئٍ ما خلا الله باطلُ 

وكلّ نعيـــــمٍ لا محــالة زائلُ

تغمّد الله روحك بواسع رحمته.

وإنّا لله وإنا إليه راجعون

***

جميل حسين الساعدي

في المثقف اليوم