ثقافة صحية

محمد الربيعي: ما تحتاج معرفته عن متغير اوميكرون

محمد الربيعي بالرغم من ان متغير اوميكورن لازال في طور انتشاره الاول يكثف الباحثون في جميع أنحاء العالم محاولاتهم لفهم التهديد الذي يمثله هذا المتحور الجديد والذي تأكد انتشاره في أكثر من 38 دولة لغاية الان. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر لاسابيع عديدة لاجل رسم صورة أكثر اكتمالاً عن أوميكرون، وفهم قابليته للانتقال وشدته، فضلاً عن قدرته على التهرب من اللقاحات، والتسبب في إعادة العدوى.

الجميع يريد ان يعرف المزيد عن أوميكرون فهناك القليل جدا من الفهم لما يحدث، وهذا صحيح، حتى بالنسبة للعلماء.

وهنا احاول جمع ما يعرفه العلماء خصوصا ما نشر في مجلة الطبيعة (المجلة العلمية الاولى في العالم) حتى الآن عن متغير اوميكرون.

ما مدى سرعة انتشار اوميكرون؟

إن الصعود السريع لاوميكرون في جنوب إفريقيا هو أكثر ما يقلق الباحثين، لأنه يشير إلى أن البديل يمكن أن يؤدي إلى زيادة هائلة في حالات كوفيد 19 في أماكن أخرى من العالم.

يقيس علماء الأوبئة انتشار الوباء باستخدام معدل (أر)، وهو متوسط عدد الحالات الجديدة الناتجة عن كل إصابة. في أواخر تشرين الثاني، قرر المعهد الوطني للأمراض المعدية بجنوب إفريقيا أن (أر) أعلى من 2 في احد مقاطعات البلد. ولوحظ هذا المستوى من النمو لآخر مرة في الأيام الأولى للوباء مما يشير إلى أن اميكرون لديه القدرة على الانتشار بسرعة وإصابة عدد أكبر بكثير من الأشخاص بالمقارنة بمتحور دلتا.  بضمن التقديرات الحالية اوميكرون يمكن أن يصيب ثلاثة إلى ستة أضعاف عدد الأشخاص مقارنة بدلتا، خلال نفس الفترة الزمنية. هذه ميزة كبيرة للفيروس - لكن ليس لنا.

يراقب الباحثون كيف ينتشر اوميكرون في أجزاء أخرى من جنوب إفريقيا وعلى مستوى العالم للحصول على قراءة أفضل حول قابليته للانتقال. إذا تكرر هذا النمط في بلدان أخرى، فسيكون ذلك دليلًا قويا جدا على أن أوميكرون يتمتع بميزة الإنتشار الواسع. إذا لم يحدث ذلك، على سبيل المثال، في البلدان الأوروبية، فهذا يعني أن الأمور أكثر تعقيدا وتعتمد بشدة على المشهد المناعي. لذلك علينا أن ننتظر. على الرغم من محدودية عدد الاصابات باوميكرون الا انها آخذة في الارتفاع في المملكة المتحدة ويشير إلى أن اوميكرون يمكن أن يتمتع أيضا بميزة الإنتشار في بلدان اخرى.

هل يمكن لأوميكرون التغلب على المناعة من اللقاحات أو العدوى؟

يشير الارتفاع السريع للمتغير في جنوب إفريقيا إلى أن لديه بعض القدرة على التهرب من المناعة.

في هذا السياق، قد يرجع نجاح اوميكرون في جنوب إفريقيا إلى حد كبير إلى قدرته على إصابة الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد 19 الناجم عن دلتا ومتغيرات أخرى، بالإضافة إلى أولئك الذين تم تطعيمهم.

الا إن مدى انتشار المتغير في مكان آخر قد يعتمد على عوامل مثل التطعيم ومعدلات الإصابة السابقة.

كيف ستعمل اللقاحات ضد أوميكرون؟

إذا كان أوميكرون قادرا على تفادي الأجسام المضادة، فهذا لا يعني أن الاستجابات المناعية الناتجة عن التطعيم والعدوى السابقة لن توفر أي حماية ضد المتغير. تشير دراسات المناعة إلى أن المستويات المتواضعة من الأجسام المضادة المعادلة قد تحمي الناس من الأشكال الشديدة من كوفيد 19. وقد تتأثر جوانب أخرى من الجهاز المناعي، وخاصة الخلايا التائية، بطفرات أوميكرون بدرجة أقل من استجابات الأجسام المضادة. لكن تشير التقارير المبكرة إلى أن معظم الإصابات بأوميكرون كانت خفيفة وهذه إشارة إيجابية.

هل ستعمل المعززات الحالية على تحسين الحماية ضد أوميكرون؟

دفع تهديد اوميكرون بعض البلدان مثل المملكة المتحدة إلى تسريع وتوسيع نطاق الجرعات المعززة من لقاح كوفيد. لكن لم يتضح بعد مدى فعالية هذه الجرعات ضد هذا المتغير.

الجرعات الثالثة تشحن مستويات الأجسام المضادة المعادلة، ومن المحتمل أن يوفر ذلك حصنا ضد قدرة اوميكرون على التهرب من هذه الأجسام المضادة. تشير نتائج جديدة إلى أن الأشخاص الذين تعرضوا بشكل متكرر لبروتين السارس، سواء كان ذلك من خلال العدوى أو جرعة معززة الى احتمال أن يكون لديهم نشاط معادل ضد أوميكرون.

هل من دليل على ان التطعيم المعزز ضد كوفيد 19 (الجرعة الثالثة) يوفر طبقة إضافية من الحماية ضد المرض؟ هناك بعض الادلة على فعالية ذلك ولكن لا تزال الأسئلة تدور حول درجة الحماية وعدد مرات التطعيم التي سنكون في حاجة إليها.  العديد من التفاصيل حول قدرة اللقاحات على التغلب على أوميكرون لا تزال غير معروفة. لسوء الحظ، ما زلنا نعيش في حالة من عدم اليقين. علما ان اعلان العلماء البريطانيين أن الجرعات المعززة لفايزر ومدورنا كانت الافضل في الاستعمال ضد مرض كوفيد لا يشمل متغير اومكرون لان التجارب كانت قد اجريت قبل ظهوره. 

هل يسبب أوميكرون اعراضا أكثر اعتدالا أو اشد من المتغيرات السابقة؟

ربطت التقارير المبكرة أوميكرون باعراض خفيفة، مما زاد الآمال في أن البديل قد يكون أقل حدة من بعض أسلافه. لكن هذه التقارير يمكن أن تكون مضللة. الأمر صعب للغاية في الوقت الحالي.

الانتشار الجغرافي، وحجم العينة الأكبر مع تزايد الحالات سيعطي الباحثين فكرة أفضل عن مدى إمكانية تعميم التقارير المبكرة عن المرض الخفيف. في النهاية، سيرغب الباحثون في إجراء دراسات مضبوطة، حيث يتم مطابقة مجموعتين من المشاركين من حيث العوامل المهمة مثل العمر وحالة التطعيم والظروف الصحية.

والأهم من ذلك، سيحتاج الباحثون إلى التحكم في مستوى الفقر. قد يكون هذا النتغير الجديد سريع الانتشار بين الفئات الفقيرة، وذلك بحكم طبيعة عملهم أو ظروف معيشتهم. وغالبا ما تكون معاناة هذه المجموعات اكثر حدة من الامراض.

أين انتشر اوميكرون وكيف يتتبعه العلماء؟

تكتشف المزيد من البلدان متغير اوميكرون، لكن القدرة على التشخيص السريع للفيروسات في اختبارات كوفيد 19 الإيجابية ( بتحديد تسلسل الحامض النووي) تتركز في البلدان الغنية، مما يعني أن البيانات المبكرة حول انتشار اوميكرون ستكون غير صحيحة.

 هناك توجيهات تحث البلدان على اجراء تحليل للخامض النووي بمقدار 5٪ من عيناتها التي أثبتت نتائج إيجابية لفيروس السارس، إلا أن القليل منها يستطيع القيام بذلك ومنها لا تستطيع ابدا من اجراء فحص التسلسل الجينومي. بدون مشاركة جميع البلدان في عملية المراقبة لن نتمكن من الحصول على معلومات صحيحة على مدى انتشار المتغير.

 

محمد الربيعي

4 كانون الاول 2021

 

في المثقف اليوم