الرئيسية

تمرين في التذكر / حسين عبد الخضر

.. هذا ما يفعله شخص شاخت ذاكرته، وسخر الآخرون منه، وهو يسعى إلى الفناء، اكبر أولادي، بنت نحيفة سمراء  أنها الأطول بينهم، والأكثر هدوءا.

الثانية بنت أيضا، اقصر من الأولى، بيضاء بدينة، يصعب عليّ تذكر عمرها، هي اصغر من الأولى بعامين.

الثالث ولد، نحيف، اصفر، اسمه محمد صادق، يعاني من مشاكل في النطق.

الرابع ولد أيضا، ابيض، هو الذي تكلم قبل أخيه الأكبر، نلومه لكل مشكلة.

غفران، لا يمكن أن أنسى غفران، وكذلك سارة.

أمي، امرأة كبيرة في السن، متعبة، مريضة على الدوام، ترتدي السواد منذ رأيتها. تبكي لأي  سبب.

أخوتي. يتلفنون لي كلما احتاجوا إلى الحديث مع شخص يمكنهم نسيانه بسرعة.

العمل، مكان اذهب إليه بواسطة السيارة، من اجله انهض كل صباح، وامشي حتى نهاية الشارع، زملائي يرنون لي كلما تأخرت قليلا.

مكان للترفيه، مقهى مسلم، الناس يسمونه مقهى الأدباء، يأخذني الباص قريبا منه، عند التمثال يجب أن انزل، أتوجه إلى النهر، لكنني لا أصل إليه، فبين مكتب استنساخ جماعة الناصرية للتمثيل، ومحل غيث، يقبع المقهى.

رواد المقهى كثيرون، لا داعي لتذكر أسمائهم، فعلي وعلي صديقان، يأتيان ويذهبان سوية، أحدهما نحيف وأطول من الآخر. والرجل البدين هو المخرج، أما الذي افتقده، فهو قاص أصيب بجلطة دماغية.

في الثاني والعشرين من كل شهر أتسلم راتبي، نصفه أو أكثر لتسديد الديون، هذا الشهر كان كارثة، ثلثي راتبي للديون، ولم يتبق لي سوى سعر وجبة واحدة.

المحل في رأس الشارع. هو المكان الذي اعتاش منه حتى آخر الشهر.

من القائل:

الليل والخيل والبيداء.. أستاذ خالد مدرس اللغة العربية في المتوسطة.

لنا وطن نحميه.. النشيد الوطني لأمريكا.

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر.. السياب، وهذا شطر من قصيدة المعبد الغريق.

ارحموا ما في الأرض يرحمكم ما في السماء.. ست سمية.

لو سكت الجاهل لسقط الخلاف.. الملا.

 والآخرون.. أين هم الآخرون؟ لمن كل هذه الأشباح التي بلا أسماء، والأسماء التي بلا صور؟

أتمهل.. أفكر قليلا. بعضهم رأيته في مكان ما.. مكان حقيقي، وآخرين رأيتهم في اللا مكان. أحاول أن استنتج أسماؤهم من مشاعر التذكر، وان أرتب الأسماء على صور تنظر إليّ ببرود.

الهاشمي، اسم يطابق مذيع قناة إخبارية لا أتابعها.

زينب، شاعرة عراقية تكتب باللغة الانجليزية، وتحب ممارسة الرقص.

أبو هيام، فتى في الإعدادية، لا اعرف لماذا أتذكره.

طائر الليل الحزين، عنوان فيلم مصري، لا اعرف كيف حشر نفسه مع الأسماء.

الحلو، طعم، صفة، اسم كاتب سياسي، يذكرني بحلوى اذكر أنني اعشقها لكنني نسيت اسمها.

وفاء، رجل في الستين يضع الورود الحمر في أكف المجرمين.

سلام، صديقة من شارع الوسط، العمارة si18.

بندكتوس، مغني بوب هندي، أو شاعر سنغالي.

كازنتزاكي، جارنا في قرية فرحان.

ماركيز، شخصية في نكتة.

ميشيل عفلق، قواد في ملهى الكرم العربي.

صدام حسين، الشخصية الشريرة في أفلام كارتون إنقاذ الجندي سلمان.

نيتشه، كلب.

المبغى، صالة لذرف الدموع.

وهذه الأسماء، وتلك الأشباح، من هم؟ لماذا يقبعون في ذاكرتي؟ لمن سرادق العزاء هذا، وذاك الوجه الباكي؟

أخرج ورقة أخرى. أحاول أن أردم ثقب الذاكرة.

يسار،.......

فوزي،..... .

فتاة جميلة،......

رجل بدين،.......

امرأة بدينة،.......

أشباح على كراسي حول طاولة،......

الانتفاضة الشعبانية،......

العام 91 إلى يوم القيامة،......

وذلك اليوم، حين رجعنا منكسرين، ما هي الأغنية الحزينة التي كانت تحرقنا ألما؟ ومن الذين كانوا حولي؟

 

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1571 الثلاثاء 09 /11 /2010)

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم