صحيفة المثقف

مهرجان أوسكار السينمائي 2012 .. جوائز الذهب بين الفنان الصامت والسيدة الحديدية / عامر هشام الصفّار

يوم 26/2/2012 في مسرح كوداك في مدينة لوس أنجيلوس الأميركية حول أفضل فيلم سينمائي للعام الماضي وأفضل ممثلّة وممثل..

فعلى مدى يقرب من الأربع ساعات متواصلة كان الممثل الكوميدي الأميركي القدير  بيلي كريستال هو عريف حفل توزيع جوائز الأوسكار بلا منازع..حيث تسمعه بضحكته الماكرة يقول: لأجل أن تجدوا حلا أفضل لمشاكل العالم، تعالوا لتشاهدوا الأثرياء يتبادلون تماثيل الذهب فيما بينهم..!. وقد جرى الحفل في القاعة الفخمة المزينّة بخارطة العالم وقد أنطلقت منها كاميرا السينما دلالة على عالمية الفن السابع كلغة تفاهم ومحبة بين الشعوب. وكان قد سبق الحفل مشاهد من مسيرة البساط الأحمر للفنانات والفنانين والمخرجين السينمائيين..ومن كل أنحاء العالم وهم يصطفون بنسق أمام كاميرات الأعلام لزيادة التأثير في المشاهد وأعطاء الحفل الهوليودي طابعا فنيا ترفيهيا بهيجا..

وحاز فيلم "الفنان" على جائزة أفضل فيلم سينمائي لدورة اوسكار هذا العام..ولم يكن ذلك مستغربا حيث جذب هذا الفيلم الرائع الأنظار في مهرجان كان السينمائي الفرنسي في شهر مايس الماضي..وهو بالتالي أول فيلم صامت ومنذ 83 عاما وأول فيلم بالأسود والأبيض منذ 18 عاما يحقق فوزا بأوسكار الذهب الهوليودي..والفيلم نفسه من أخراج الفرنسي ميشيل هازانافيشيس (وقد حاز المخرج على جائزة أفضل أخراج) وتمثيل الفرنسي المبدع جين جاردين (وقد حصل على أوسكار أفضل ممثل).

وعند أستلامه لذهب أوسكار قال الفنان الفرنسي جاردين، أن فنانه الصامت في الفيلم لو شاء له القدر ان يتكلم لقال شكرا على هذا الأنتصار..وكما منحت خمس جوائز أوسكار لفيلم "الفنان" فقد منح فيلم         " هيوكو" الأميركي لمخرجه مارتن سكورسيزي خمس جوائز أوسكارية أيضا، ولكن أغلبها جاء في المجالات التقنية وما أجدره بها..ومن ذلك جائزة أفضل تأثيرات صوتية وأفضل تصوير سينمائي وأخراج صوتي..

وقد تنافست أفلام مهمة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم، ومن هذه الأفلام "حصان الحرب" و "شجرة العائلة" و "الأحفاد" و "هيوكو" و "باريس في منتصف الليل" ، وقد منح هذا الفيلم الأخير لمخرجه وودي ألان جائزة الأوسكار لأفضل سيناريو أصيل..

وفي مجال أبداع التمثيل كان للممثلة القديرة ميريل ستريب نصيبها ولثالث مرة في مهرجان أوسكار الأفلام لتتوّج أفضل ممثلة لدورة 2012 عن دورها المتألق في فيلم المرأة الحديدية، حيث أجادت أداء دور رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر..وقد أرتقت ميريل منصة الأحتفال ووجهها يشّع بضحكتها الواثقة، وصفحة خدّها تعكس لمعان ذهب أوسكار وهي تقول " وها أنتم تقولون ..ها هي مرة أخرى..كم مللنا منها..! لتقول بعد ذلك أن الأهم في كل هذا الأحتفال والفوز هو هذه الصداقات..وقد تنافست ميريل ستريب على مقعد الممثلة الأولى مع كل من روني مارا (ممثلة فيلم البنت ذات الوشم التنيني) وميشيل وليمر (ممثلة فيلم ..أسبوعي مع مارلين- نسبة الى مارلين مونرو..)

ولأول مرة في تاريخ الأوسكار يفوز الفنان البالغ من العمر 82 عاما كرستوفر بلامر بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل  مساعد عن دوره في فيلم (المبتدئون)..فأذا به يمسك بالتمثال الذهبي ليخاطبه بأنك لا تكبرني الاّ بسنتين لا أكثر..! ثم وجّه خطابه الى زوجته التي قال عنها أنها تستحق جائزة نوبل للسلام حيث كانت الملاك الذي ينقذني كل يوم من حالتي بعد التمثيل..!.

وفاز فيلم باريس منتصف الليل لمخرجه وودى ألان بجائزة أفضل سيناريو أصيل.. وفي مجال الأفلام الأجنبية غير المنتجة في هوليود أو في أوربا الغربية فاز الفيلم الأيراني "الأنفصال" بأوسكار هذا العام بعد أن تنافست معه أفلام سينمائية من كندا وبولونيا وبلجيكا..ومخرج الفيلم الأيراني هو أصغر فرهادي الذي تعرّض لمشاكل المجتمع الأيراني من خلال فيلمه هذا. فقد دارت القصة حول سعي زوجة للهجرة بعيدا عن مشاكل البلاد مصرّة على مصاحبة أبنتها لها، في حين أصّر الزوج على البقاء في أيران للعناية بوالدته المريضة..وقد فاز فيلم "الحفاظ على وجه"..الباكستاني بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم وثائقي بعد أن تنافس مع فيلم بعنوان  "حدث في بغداد الجديدة"..والفيلم الباكستاني الفائز أنما يعرض لموضوعة المرأة الباكستانية المهدّدة بتشويه الوجه من خلال أستعمال أحماض حارقة. وقالت المخرجة الباكستانية وهي تعتلي منصة الأوسكار أن هذه الجائزة أنما تهديها لكل نساء باكستان اللواتي يعملّن من أجل التغيير ..هذه من أجلكّن..

ولا بد لي في هذه العجالة من أن أشير الى أفضل فيلم لأوسكار 2012 الا وهو فيلم "الفنان" وهو الذي بدأت دور العرض في العالم بعرضه خلال الأسابيع القليلة الماضية، محققّا أرباحا طائلة بعد أن تم أنتاجه فرنسيا في ستوديوهات لوس انجيلوس الأميركية..وهذا بحد ذاته جزء من حملة هوليود لجلب المشاريع والأفلام لستوديوهاتها رغم كلفة الأنتاج العالية..

 و"الفنان" الفيلم تدور أحداثه في عام 1927 عندما كان الفنان القدير جورج فالانتاين (والذي لعب دوره الممثل الفرنسي جين جاردين) ممثل أفلام السينما الصامتة حينذاك ومحور أهتمام السينما  ومحترفيها..وكان مع كلبه الصغير محطّ اعجاب الجمهور كذلك..وقد شاءت الأقدار أن تتعرّف عليه الشابة الجميلة ميللر (والتي لعبت دورها الفنانة الأرجنتينية المولد بيلانيس بيجو) فيصعد نجمها هي في حين يبدأ نجم فالانتاين بالهبوط والتدهور..مع أصراره على عدم التحدث في أفلامه بل أستمراره صامتا..فالسينما عنده كما ظل يذكّرنا أنما هي مشاهدة لأداء وليست حوارا وضوضاءا..ورغم قربهما من بعضهما  (فالانتاين وميللر) في مرحلة من مراحل الحياة الاّ ان فالانتاين المتزوج لم يكن من الذين يجونون زوجاتهم..وترى في الفيلم زوجته وهي تتوسل أليه أن يتكلم فيكشف عن معاناته..الاّ أنه يظل يؤمن بأن الصمت هو الفن..

أنه الحنين في قلوب وعقول أهل هوليود لأيام السينما الأولى، وهو قبل كل شيء كما أراه في زماننا هذا حيث حال الأقتصاد العالمي الصعب، محاولة من هوليود وأكاديمية السينما الأميركية لتشجيع الفرنسيين والأوربيين بصورة عامة على الأستثمار في السينما في الداخل الأميركي.. وقد تكون الأوسكار خطوة ذكية في هذا الجانب..

  

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2044 الثلاثاء 28 / 02 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم