صحيفة المثقف

المثقف العراقي والطائفية

ibtesam yousifaltahirحوار مع كتاب وأدباء عراقيين حول الطائفية والانتماء للوطن قبل الطائفة والقومية:

الكثير من المثقفين العراقيين بشكل عام واليساريين بشكل خاص وظفوا فنهم من اجل المجتمع وقضاياه. والتزم الكثير منهم جانب الدفاع عن حق المجتمع في التطور والتقدم. ماعدا القلة ممن استماله النظام السابق الى جانبه!.

وغالبية المثقفين او المبدعين لم يعارضوا النظام السابق لأنه سني .. ونعرف ان الالاف من الشيعة منتمين لحزب البعث عن قناعة او خوف من بطشه. ومنهم من له ضلع في السلطة. كذلك اعتراضنا على السلطة الحالية بعيدة تماما عن منطق انها شيعية وهي ليست كذلك لان للطوائف الاخرى اضلاع فيها. وانما ما قدمته او تقدمه تلك السلطة أو هذا النظام للمجتمع والمواطن الذي هي مسئولة عنه. اعتراضنا على كفاءة تلك السلطة في ادارة الدولة وعدم تعريض الشعب والوطن للمخاطر كما حصل في الحروب المتواصلة. وما يحصل الان من كوارث امنية ودخول العصابات الارهابية.

كانت الخلافات بين السنة والشيعة عقائدية .. لكن صارت النزعة التنافسية حول السلطة ومغانمها هي الدافع الاول لتلك الخلافات، لاسيما بعد سقوط نظام البعث. حيث صار التمثيل البرلماني طائفيا بعيد عن تمثيل المواطن العراقي. فصارت السلطة كعكة تتقاسمها قيادات أغتصبت تمثيل المكونات الرئيسة من الشيعة والاكراد والسنة .. اي ان للسنة حصة في هذه الكعكة (السلطة) وليسوا مهمشين كما يدعي الكثير منهم. وبقي القسم الأكبر من الشعب بمختلف مكوناته فقيراً، يفتقد لأكثر مقومات الحياة اليومية في بلد غني بموارده الطبيعية مثل العراق.

في ظل هذه الفوضى ظهرت اصوات كثيرة تعزز الطائفية بكل اشكالها .. لكن المؤلم ان بعض هذه الاصوات من بين من كنا نعتبرهم رموز للثقافة العراقية. لاسيما من كانوا يسيرون في ركب المعارضة للنظام السابق .. ومنهم من طرح وجهات نظر كاريكتيرية مضحكة ومبكية بنفس الوقت .. فهذا يجعل من الشيعة عملاء لإيران وولاءهم لها اكثر من ولاءهم للعراق! وذاك يبتدع نظريات ويجعل من النبي محمد شيعي وانه ابن النبي ابراهيم! ولم يكتفي بذلك بل يجعل من النبي ابراهيم (شيعي) حسب رأي ذلك الفطحل في الفقه الديني!! والمشكلة بهذه المهاترات البعيدة كل البعد عن الثقافة والدين تنتشر على صفحات الانترنت. وتشكل خطورة حيث لها تأثير على البسطاء خاصة من باتوا يرون ان الوضع في ظل النظام السابق (السني) حسب ادعاءاتهم، هو افضل من الوضع الحالي المتردي امنيا واقتصاديا. على الرغم من ان من يقوم بالتفجيرات هم من مرتزقة النظام السابق الممولين من عائلة صدام وقيادات البعث المقيمة في الاردن والخليج. مع بعض من سموا بالقاعدة واليوم غيروا اسمهم لداعش! بعد ان بارت سلعة الماركة المسماة بالقاعدة. مستغلين غياب القانون وصراع الكتل الطائفية على مناصب السلطة من اجل منافع شخصية مما عرض البلد للتخريب والتدمير.

خاطبت بعض الكتاب والفنانين، وطرحت عليهم اسئلة تدور في هذا المضمار .. لإيصال وجهات نظرهم للقاريء المتلهف للكلمة التي تشحن الامل فيه.

 

1- ما هو رأيكم بتلك النزعات الطائفية بين المثقفين العراقيين؟ ..

2- وكيف ترون تأثيرها على الشارع العراقي .. بالوقت الذي كثير من الشباب في داخل العراق يطالبون بإلغاء المحاصصة وإلغاء المسميات (سنة وشيعة) من الوثائق الشخصية!؟

3- ما هو دور المثقف الآن في رفع معنويات الشعب وتعزيز روح المواطنة والولاء للعراق فقط قبل كل الولاءات؟ فتلك من وجهة نظري هي السبيل الاول لإنقاذ العراق من الفوضى السياسية. وإنقاذ الدولة سياسيا وأمنيا وإقتصاديا، بعيدا عن الطائفية التي جاءت بمسئولين لا كفاءة ولا خبرة لهم.

4- هل تعتقدون ان وراء تلك الاصوات بقايا البعث ذاته او امريكا التي يخدمها التقسيم وبقاء الفوضى السياسية تلك؟

5- لا شك ان صياغة الدستور بشكله الحالي اعطى فرصة للبعض للتعكز عليه وتعزيز التقسيم الطائفي للسلطة. هذا ما اعتقده. فهل بالإمكان تغيير هذا الدستور او على الاقل الغاء المواد التي تتبنى الطائفية او تبررها؟

 

الشاعرة والإعلامية حذام يوسف

1- المثقف جزء من مجتمع مربك وقلق، كما انه في حالة ترقب لكل شيء .. والمثقف بالضرورة جزء من كل هذا الارباك والقلق. لكن ما يؤسف له ان المثقف بدلا من أن يسهم في تقويم الانحراف ، انحرف هو معه ! واصبح يتحدث بذات اللغة الخشنة التي يتحدث بها من يحمل معه حزمة من التهم لكل المخالفين له. حتى ان صفحات الفيس بوك كشفت عن اقنعة كثيرة كان يلبسها بعض المحسوبين على الثقافة، ممن يدعون انهم مدنيين وعراقيين. لكن الحوارات المتواصلة على الفيس بوك كشفت انهم لاينتمون الى العراق بقدر انتمائهم للقومية والمذهبية!.

2- اعتقد ان تلك النزعات لها تأثير كبير على الشارع العراقي، لاسيما على الاشخاص الذين يمجدون القدوة المثقف. وينظرون له على انه قائد على مستوى محدود وبالتالي يقلدونه جدا من باب الاستعراض الاعلامي وليس من باب الايمان بفكره. بدليل في اماكن التجمعات الادبية والثقافية ومنها على سبيل المثال (شارع المتنبي)، نجد الكثير من الشباب اليوم يقلدون ممثلهم من الشعراء والمثقفين حتى في طريقة كلامه وطرحه للموضوع. وهنا سيكون الامر خطيرا جدا اذا لم يكن (المثقف واعي ومدرك لما يقول ويردد) .

3- أعتقد على مستوى ضيق هناك بعض المثقفين من الشباب والرواد من يحاول (ومحولاته متواضعة) أن يخرج من دائرة الطائفة والمذهب والقومية ويتحدث باسم العراق فقط ، انا مثلا احرص جدا عندما أكون مع اخرين بحوار حول الوضع عموما واشكاليات نظرتنا للمستقبل .. احاول قدر المستطاع ان اختار مفرداتي بعناية كي لا تؤول. وااروج لموضوع الولاء للوطن اولا واخيرا، عبر ما اكتبه في الصحف او على صفحتي في الفيسبوك .. ومن خلال الردود أجد هناك بعض التجاوب مع مايطرح من أهمية اعلان الحب والانتماء للعراق فقط .

4- بالتأكيد ان وراء تلك الاصوات بقايا البعث. فكيف يمكن ان نتخيل ان كل تلك الجيوش التي رافقت النظام السابق في رحلته العنيفة مع الشعب العراقي، من حرس خاص الى حرس جمهوري الى جيش شعبي الى الانضباط ، الى جيوش كانت مهمتها محصورة بتعذيب العراقيين في المعتقلات ، كيف يمكن لنا ان نتخيل ان كل هؤلاء اصبحوا ملائكة؟!

5- هناك مطالبات عديدة من بعض منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالثقافة والمجتمع، وبعض الناشطين المدنيين، ينادون بين فترة واخرى بأهمية تغيير الدستور او على الاقل تعديله. لان هناك العديد من المؤاخذات على فقراته. لاسيما الفقرات التي تحتمل التأويل.

عموما اغلب الفقرات التي تهم المواطن مازالت حبر على ورق .. مثلا ما يتعلق بحق التظاهر او التجمع وغيرها من الحقوق. لم نر منها الا التنظير من قبل المسئولين في الحكومة. وهناك مطالبات تكررت لاكثر من مرة على صفحات الفيس بوك عبر حملات وعلى لسان افراد يطالبون فيها بالغاء فقرة اللقب. ربما لانها تتعلق بقرارات النظام السابق .. ولو ان اللقب يعني الاسم العائلي وهذا حق من حقوق المواطن ولا اهمية له .. الا اذا أتخذ كوسيلة للتفرقة الطائفية.

 

الكاتب صائب خليل

1- بالنسبة للسؤال الاول :الطائفية تم تأجيجها عن عمد، ومن قبل جهات خارجية، وتم تضخيم تلك المشاعر التي كانت بسيطة بشكل خاص من خلال الإرهاب، الذي هو أيضاً مجهول المصدر والإدارة، وأفترض أن إدارته الكفوءة جداً لا بد أن تكون من قبل دولة متطورة.

2- الحكومات العراقية المتتالية رغم كل ادعاءاتها، لم تقم بأبسط ما يفترض فيها تجاه مشكلة شديدة الخطورة مثل الطائفية، وهي أن تقوم بدراستها دراسة علمية إحصائية لتعرف ونعرف معها الأثر الحقيقي على الشارع العراقي، وبأرقام محددة، ونعرف مدى نموها وانحسارها لنحلل أسبابه ويتم اتخاذ الإجراءات الصحيحة التي تستند إلى تلك الدراسة. كل ما نملكه هو الإعلام، والإعلام أيضا مؤسسة مشبوهة مخترقة ومسيسة ولا يعتمد عليها، لذلك لن استغرب إن تبين يوماً أن الطائفية اقل انتشاراً بكثير مما يشاع عنها.

3- عن دور المثقف الان في رفع معنويات الشعب وتعزيز روح المواطنة والولاء للعراق قبل كل الولاءات؟ فتلك حقا هي السبيل الاول لإنقاذ العراق من الفوضى السياسية. وإنقاذ الدولة سياسيا وأمنيا واقتصاديا، بعيدا عن الطائفية التي جاءت بمسئولين لا كفاءة ولا خبرة لهم.

صدقت .. المعنويات المنهارة لدى الشعب هي من اخطر الأوبئة التي يمنى العراق بها اليوم، وقد كتبت عن ذلك عدة سلاسل من المقالات مازالت إحداها لم تكتمل بعد. يجب أن يرفع المثقف معنوياته هو اولاً ليقوم بعد ذلك باستنهاض الشعب وتذكيره بأنه مثل غيره من الشعوب وله مثل حقوقها.

4- بقايا البعث بذاتها أتفه من أن تقوم بأي تنظيم. من ينظم هذه الحثالات المتخلفة هو أميركا وإسرائيل بدون أي شك. أذكرك بأن رجل إسرائيل في العراق، مثال الآلوسي كان رئيس هيئة تأهيل البعثيين! وأن أشد المتحمسين إلى إعادة البعث صراحة إلى مؤسسات الأمن كان أياد علاوي، الرجل المفضل الذي اختارته أميركا كأول رئيس لأول حكومة عراقية، وكانت تأمل أن ينجح ويستمر.

5- أي تعديل في الدستور يصب في صالح جهة ويضر بمصالح او أجندات جهة أخرى. وما يصب في صالح الشعب يضر بالأجندة الأمريكية بالضرورة، وهذه الأجندة لها ممثلوها في البرلمان بما يكفي لمنع تغييرها، وكذلك في نص الدستور الذي يشترط أن لا تعترض أي ثلاث محافظات على التغيير، (محافظات كردستان) وبالتالي فأن أي تغيير مهم في الدستور أمر ميئوس منه في الظرف الحالي.

 

القاص يعقوب زامل الربيعي

كنت اتمنى ان يكون السؤال كألاتي: كيف نتحول ونحول المجتمع الى صرح مواطنة لبناء وطن يطمئن الانسان فيه على حاجات حياته الضرورية. ولما وجدت اسالتك تصب في نفس النهر فلا باس ان ادلو بدلوي.

خلال عقود من القهر وتهميش الواقع الانساني للإنسان العراقي. كنا كل يوم نصاب بالضرر والمحق وطنا ومجتمعا. بلا قدرة حاسمة لوقف تهتك نسيجنا الاجتماعي بفعل فاعل. اليوم وبعد عقد من الزمن اقل ما يقال عنه زمن تحولنا ولكن بصورة مشوهة بامتياز .. ارى ونحن مازلنا مقيدين بذات الاغلال القديمة في وقت يتسع الضرر ليصبح اكثر مما مضى والشق يأخذ بالاتساع الى حدود مرعبة. اشد ما يرعبنا كبشر اسوياء. هو تحكم الطائفية فينا وبالقانون وليس عشوائيا. حين نرتضي ان يتم تقسيمنا الى كانتونات ورطانات وشيع! ولكن بقانون يسميه البعض دستور او لبننة على اسوأ ما تكون عليه حياتنا المحلية والعالمية. حيث للشيعة حصة وللسنة حصة وللاكراد ..

لا اعرف كيف حلا للبعض من الساسة العراقيين ان يضع الاكراد فوق شبهات الواقع كطائفة ثالثة! كما لو هم ليسوا بعراقيين! اما بقية الاطباف الاصيلة الاخرى فلهم ما يسقط من فتات الاولياء.

لا انكر او اتغاضى ان لأيتام النظام السابق وحتى ما سبقه من انظمة طائفية من حصة (العث) لنخر النسيج العراقي. الذي كان منذ آلاف السنين نسيجا متماسكا بلحمته الوطنية مظفور جيدا بكل الحب والإخاء وصدق المشاعر .. رغم هفوات الزمن.

لا اتذكر اني احسست بأن (ناصر) الرجل الرقيق الذي يسكن جوارنا هو صابئي وعلي ان لا اشاركه طعامه حين يدعوني! كان اكثر من صديق لأنه عراقيا ومناضلا من اجل اسعاد مجتمعه وليس طائفته فقط! ولم افكر بان (مليحة) الماسيرة الجميلة في مستشفى حماية الاطفال حين كنت نزيل قاووشها وانا طفل، انها يهودية ولابد ان اسدل الستار على ذكراها بعد ان تم تهجيرها عنوة. فرائحة عبقها مازالت في خاطري. او صديقي المسيحي منير يلدا .. كل هذا يرعبني.

لكن ما يرعب قلبي اكثر هو انسياق بعض مما يسمى تجنيا (مثقفين) او اشباههم من ايتام النظام السابق او المرتزقة من هنا وهناك .. بعثيين او متاسلمين .. انسياقهم او مباركتهم ومساهمتهم بتمزيق لحمتنا.

اما فقرات الدستور فليس المطلوب وضع لمسات صغيرة او تغيير فقرات .. انما يجب الغاء بعض النصوص وتعديل اخرى من التي ساهمت بتمزيق نسيجنا الملون الجميل .. ويجب تثبيت فقرة (الدين لله والوطن للجميع .. وكل العراقيون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات دون تخصيص عرق او طائفة او دين).

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم