صحيفة المثقف

ستيوارت مل والنزعة اللانقدية للإستقراء

أول ما يواجهنا في النزعة اللانقدية لأداة الإستقراءهو المنطق الأرسطي الذي لم يشكك أبداً بالقيمة الموضوعية التي تفرزها. فهو يعتقد ان هذه الأداة صالحة لبناء المعرفة طالما تخضع تحت تحكم بعض المبادئ القبلية التي تُضفي عليها صفة القياس المنطقي.

واذا كان هذا المنطق لا يجد في الإستقراء مشكلة ذاتية نابعة من طبيعته، فلا يعني ذلك انه ينفي عنه سائر المشاكل الأخرى؛ كتلك الموصوفة بجواز الوقوع في الخطأ العارض، وهي من المشاكل الواقعية. ولا شك ان لها حسابها في التوالد القياسي للإستقراء الأرسطي.

لكن من الناحية المبدئية يظل الإستقراء الأرسطي محكوماً باعطاء نتيجة كلية صحيحة من دون شك، طالما انها تخضع إلى حكم القضايا القبلية. فضلاً عن أن مبرره لإثبات القضايا الكلية، يعود إلى فهمه الخاص لعلاقات الطبيعة، إذ يراها تنطوي على الروابط الحتمية الخاصة بين ماهيات الاسباب والمسببات. وهو على الرغم من عدم إدعائه القدرة على إستنتاج هذه العلاقات قبلاً بواسطة العقل؛ لكنه يسلّم مبدئياً بمحكومية تلك العلاقات ضمن أطر الإعتبارات القبلية، الأمر الذي يضفي عليها النزعة العقلية؛ استناداً إلى مبادئ خاصة مثل المبدأ القائل بأن الإتفاق (الصدفة) لا يتكرر أكثرياً ولا دائمياً، ومبدأ الانسجام القائل بأن الحالات المتشابهة تؤدي إلى نتائج متماثلة. لذا كان اكتشاف هذه العلاقات عبر الملاحظة والتجارب لا يغيّر من الفهم الأرسطي حول رد القضايا الإستقرائية إلى الصور العقلية وما تتضمنه من إعتبارات الضرورة. ومن ثم فبهذا الإعتبار لا ينطوي الإستقراء على مشكلة منطقية تستحق الفحص والتأمل.

على ان نفس هذه النتيجة يمكن استخلاصها من دراسة الموقف العقلي الحديث من الإستقراء. فهو أيضاً يرى الطبيعة تتضمن الصور الحتمية من العلاقات، فلا يبقى للباحث من مهمة سوى تشخيصها واستخلاص كلياتها، أو العمل على تعميمها بسلام!

وقد بلغ الأمر ببعض الفلاسفة إلى ان يرد علاقات الطبيعة إلى شكل من الاشكال المنطقية. فالفيلسوف الحديث لايبنتز يرى ان من الممكن رد كل علوم الطبيعة إلى الرياضة، والمعرفة التجريبية إلى التفكير المنطقي المجرد؛ فيستنبط مثلاً من مفهوم (النار) انها حارة تُمدد الحديد وتغلي المياه، وكذلك من مفهوم (افلاطون) انه كان فيلسوفاً إغريقياً ترجع إليه نظرية المثل... الخ[1]. وهو فهم يحاكي المنطق الأرسطي في رؤيته الإستنباطية القائمة على ماهيات الأشياء.

يظل ان الفلاسفة العقليين إذا ما استثنينا منهم عمانوئيل كانت لا يتصورون وجود مشكلة تلوح المعرفة البشرية عامة والإستقرائية منها على وجه الخصوص. وحتى كانت فإنه يضع للمعرفة شروطاً قبلية تعمل على قبول ما يطلق عليه (الشيء لذاتنا)، جاعلاً (الشيء في ذاته) مما لا يمكن التعرف عليه بوجه ما من الوجوه. الأمر الذي يجعل القضايا الإستقرائية قضايا ظاهرية تتصحح بما لدينا من مقولات قبلية هي اشبه بالمبادئ العقلية الضرورية. فهو بهذا الإعتبار لا يولي لخصوص الإستقراء مشكلة خاصة.

وليس الغريب فيما ينطوي عليه الموقف العقلي من تبرير الدليل الإستقرائي برده إلى حكم القضايا القبلية، إنما الغريب فيما تلجأ إليه العديد من الإتجاهات التجريبية من تبرير ينساق بدوره إلى حكم المصادرة القبلية. فلو درسنا مواقف كل من بيكون ولوك ومل والماركسية؛ لوجدناها خير من يعبّر عن التلبس بمثل هذه المصادرة. فمبدأ الإستقراء بحسب هذه الإتجاهات لا ينطوي على مشكلة في نتائجه وتعميماته، إنما يكفي ما يلاحظ من خبرات سابقة كمبرر لتأسيس الأحكام التي صفتها التعميم عما سوف يحدث مستقبلاً.

فاذا أتينا إلى بيكون سنجد انه أول من اهتم بالإستقراء كأداة وحيدة لتحصيل المعارف، وكان يوصي بأن على رجل العلم ان يضع في رجليه نعلين من الرصاص، وذلك كتأكيد على الإلتصاق بالتجربة والإستقراء[2]. إلا ان الإستقراء الذي اشاد به كان يقتصر على المنهج التصنيفي، إذ فيه يعرض صفة معينة تُدرس من خلال قوائم لظواهر مختلفة، فهناك قائمة تختص بالظواهر التي تمتلك تلك الصفة، واخرى فيها ما يشابه الظواهر الأولى بوجوه محددة لكنها تخلو من الصفة، وقد تكون هناك قائمة ثالثة تظهر فيها الصفة بشكل متفاوت. وغرض بيكون في منهجه التصنيفي هو لأجل التعرف على الصور الحقيقية لصفات الأشياء، ثم تعميمها على مشابهاتها، وهو لم يعن به كمنهج لدراسة تعلّق الظواهر بعضها بالبعض الآخر[3]. كما ان هذا المنهج وإن كان مفيداً في وقته، إلا ان التطورات اللاحقة التي اعقبته تجاوزت ما كان عليه من بساطة، فأولت للرياضة والفروض العلمية دوراً هاماً في البحوث الإستقرائية[4]. أما من الناحية المنطقية فيلاحظ ان عصر بيكون لم يحن له الوقت بعدُ ليدرك ما يتخلل الدليل الإستقرائي من فجوة معرفية تحتاج إلى الملاحظة والنقد.

ويمكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة إلى مذهب جون لوك الذي ايّد بيكون بسلامة ما استخدمه من الاداة الإستقرائية. لكنه مع هذا واجه مشكلة من نوع آخر إعترضته بطريق الصدفة. فبإعتقاده ان معرفتنا لخواص الأشياء محدودة بحيث لا تبلغ درجة اليقين ولا التعميم، وسبب ذلك يرجع إلى ضعف طريقة الإختبار التي نمتلكها لفحص الوقائع الخارجية، فلو ان هذه الطريقة تغيرت لكان من الممكن تحقيق كامل الإستنتاجات الصحيحة للقضايا الإستقرائية. والطريقة التي تصورها لوك في كسب الإستنتاج الصحيح؛ تعتمد على معرفة الصفات الأولية للجزيئات التي تتكون منها الأشياء الخارجية، فلو ان حواس الإنسان كانت قوية ونافذة إلى تلك الصفات؛ لأمكن إستنتاج كل الخواص المرئية للأشياء، كإن نستنتج مثلاً ان كل قطعة من الذهب لها قابلية على الطرق [5] .

كذلك ان الماركسية هي الأخرى قد خلت من العنصر النقدي للإستقراء ولم تقدّر وجود مشكلة منطقية فيه، وموقفها من علاقات الطبيعة يشابه الموقف العقلي، حيث ترى ان هذه العلاقات يتجاذبها شكلان من الروابط، إحداهما روابط حتمية، والأخرى عرضية أو صدفوية، وكلاهما محكومتان بمبدأ السببية العامة. فكما تقول: ‹‹ان كافة الظواهر التي تجري في الطبيعة مشروطة سببياً، فليس هناك من عملية، من حادثة إلا ولها اسبابها. لكن ليس كل ما حدث، أو يحدث الان في الطبيعة أم المجتمع شيئاً ضرورياً. فالى جانب الضرورة هناك صدفة موضوعية واقعية هي شكل لتجلي الضرورة وتكميل لها... فبالنسبة إلى الإنسان يكون الموت مثلاً امراً طبيعياً، لكن السنة التي يموت فيها ـ ناهيك عن الساعة والدقيقة! ـ هي صدفة إلى حد ما، تتوقف على عدد من الاسباب والظروف غير المشروطة على نحو محدد تماماً بالضرورة المعنية. وليس من الصدفة مثلاً ان يضغط الغاز على جدار الوعاء في درجة معينة من الحرارة، ولكن العرضي هو ان الجزيئات التي تضرب على الجدار هي هذه الجزيئات وليست تلك. كذلك فإن من الأمور الحتمية ان يتحلل نصف نوعي عنصر مشع خلال نصف دور تحلله، لكن العرضي هو أية ذرات تحللت في هذه الفترة وايها لم تتحلل››[6].

فبهذا الفهم لعلاقات الطبيعة لا توجد هناك مشكلة منطقية للإستقراء، إذ مع لحاظ توفر ذات الشروط في علاقات الطبيعة لا بد أن تكون النتائج المستقبلية واحدة باضطراد. الأمر الذي يتأسس عليه التنبؤ بمجرى الوقائع والاحداث[7]. والميزة الخاصة لهذا الموقف هي انه يعود إلى إتجاه لا علاقة له بالمنطق العقلي، لكنه يتلبس بمصادراته القبلية. فيكفي ان نلاحظ الإشكالين التاليين:

1 ـ إن الإعتقاد بالسببية العامة لا دليل عليه وفق المباني التجريبية؛ بإعتبارها من المبادئ الكلية غير المشروطة، فهي تتجاوز إطار الرصد لعلاقات الطبيعة.

2 ـ إن الخضوع للمنطق التجريبي لا يبعث على كشف الضرورة في علاقات الطبيعة، وبالتالي سيفقد التعميم الإستقرائي مبرره لهذا الإعتبار.

وينطبق هذا الحال على آراء الفيلسوف التجريبي جون ستيوارت مل، رغم ما فيها من نضج متكامل قياساً بما سبق. فهو من أبرز الرجال الذين إهتموا بمعالجة الإستقراء وتحليله رغم عدم إكتراثه بالمشاكل الذاتية التي كشف النقاب عنها ديفيد هيوم. وهو وإن كان متأثراً بأفكار هذا الأخير لكنه يختلف معه في الموقف من الإستقراء. فلأنْ كان هيوم يرى الإستقراء منطوياً على عقدة ذاتية؛ فإن الأمر عند مل غير محمول على محمل الجد. ولإنْ كان الأول يبني تحليله للإستقراء من خلال مبدأ السببية؛ فإن الآخر يصادره إبتداءاً، وعليه يقيم استكشافه للسببية. هذا بالاضافة إلى ان فهمهما للسببية مختلف، فهي عند مل تنطوي على الضرورة، وعند هيوم مجرد تتابع زمني.

ويلاحظ في موقف مل وجود مصادرتين أساسيتين كالتالي:

الاولى ايمانه المطلق بمبدأ الإستقراء كأداة صحيحة وسليمة لكسب المعارف جميعاً من دون إستثناء. فحتى العلوم التي يعتبرها المذهب العقلي اولية كعدم التناقض والعلية ومبادئ الرياضيات؛ فإنها عند مل مستمدة من التجربة والإستقراء، بل وتخضع إلى تفسير قوانين تداعي المعاني التي ادلى بها هيوم[8]. وكما يقول: ‹‹إن اصل كل العلوم، حتى تلك العلوم الإستنباطية أو البرهانية هو الإستقراء››[9].

أما المصادرة الثانية فهي انه قام بتبرير ما ينشأ لدينا من تعميمات مستقبلية طبقاً لما يلاحظ من ثبات في الوقائع المضطردة في الماضي[10]. فهذه المصادرة تعتمد على ما تنتجه المصادرة الأولى في توليد الخبرات السابقة، والتي تصبح فيها الطبيعة بمثابة الكتاب الذي يمكن أن يحكي ما فيه دون حاجة لاضافة خارجية. الأمر الذي يتطلب ان يكون المتطلع إليها مؤمناً بما تضفي عليه من حقائق، إذ لا مهمة للباحث سوى ان يصِف ما يجري فيها من غير إضافة عقلية أو ذاتية.

هكذا فبحسب المصادرة الأولى لا فرق لأداة الإستقراء من أن تكشف ما عليه الطبيعة من علاقات؛ سواء إتصفت بالخضوع للسببية أو كانت صدفوية عديمة النسق. أما بحسب المصادرة الثانية فإنها يمكن أن تقوم بدورها اعتماداً على ما تنتهي إليه المصادرة الأولى في الكشف عن السببية، فهي تقوم بتعميم الحكم على الحالات المستقبلية؛ تبعاً لإفتراض الاضطراد المرصود في الخبرات السابقة. فستيوارت مل يعتبر التجربة قد علمتنا بأن علاقات الطبيعة ليست فوضوية عشوائية، بل تسير على نسق واحد مركب من عدة اطرادات جزئية تسمى قوانين الطبيعة. وكما يقول: ‹‹اذا تأملنا الاطراد في سلوك الطبيعة المفترض في كل تجربة، فمن الملاحظات الأولى التي تكشف نفسها ان الاطراد في هذه الحالة ليس إطراداً واحداً وإنما هو في الحقيقة عدة اطرادات. فالإنتظام العام ينتج عنه وجود إنتظامات جزئية، وسلوك الطبيعة على العموم ثابت، لأن سلوك كل الظواهر المختلفة تنظمها حقيقة معينة تحدث بلا تغيير عندما تتواجد ظروف معينة، ولا تحدث عندما تغيب هذه الظروف››. ويقول أيضاً: ‹‹فملاحظة الاطراد في سلوك الطبيعة، هو في حد ذاته شيء معقد، ومركب من جميع الاطرادات المتفرقة التي توجد من جهة الظاهرة الفردية. هذه الانتظامات المختلفة، هي ما نسميه في حديثنا العام بقوانين الطبيعة››[11].

وعلى العموم يعتقد مل بوجود نوعين من الاطراد، أحدهما دال على الإقتران في الوجود؛ من قبيل ملاحظة ان كل زنجي يقترن مع ظاهرة تجعد الشعر، وكل صيني يقترن مع انحراف العينين. أما الآخر فهو دال على الإقتران في التتابع، ويطلق عليه السببية، سواء كانت عامة أو خاصة[12]. فكل ظاهرة تسبق أخرى بإطراد وكانت بينهما علاقة ضرورية لا تقبل الانفكاك فإن الأولى تسمى علة والأخرى معلولاً، إذ لا تعني العلة إلا مجموعة الشروط والظروف التي متى تحققت فلا بد للمعلول ان يقع بصفة مطردة. فهذه الصفة من الاطراد يمكن تعميمها بحسب المصادرة الثانية، إذ ان قانون تداعي المعاني يجعل الذاكرة تعيد الظواهر بنفس النسق الذي كنا نراه ثابتاً في الطبيعة، طبقاً للضرورة المستنتجة بواسطة الإستقراء[13].

والملاحظ في هذا التفكير انه يواجه بعض الصعوبات كالآتي:

أولاً: ان مصادرة مل لمبدأ الإستقراء في تحقيق القضايا المعرفية يصطدم مع ما يلاقيه من مشكلة منطقية تلوح عملية الترجيح وتحويله إلى اليقين. إذ لا يمكن فصل معرفة قضايا الطبيعة عن إعتبارات مبادئ الإحتمال واصوله. فإذا كانت جميع المعارف نتاج التجربة والإستقراء؛ فكيف نبرر الحكم على قضية إستقرائية مثل سببية الحرارة لتمدد الحديد؛ مع انها تخضع للعديد من الإحتمالات الممكنة، وهذه الإحتمالات إذا كانت مستنتجة بدورها من خلال الإستقراء فسوف نقع في دوامة من الدور والتسلسل، ولو لم تكن إستقرائية لكانت مصادرة قبلية لا تتناسب مع ما عليه مذهب مل والاتجاه التجريبي عامة. كذلك فإن الاستناد إلى منطق الإحتمالات والترجيح لا يحول القضية الإستقرائية إلى يقين، الأمر الذي يحتاج إلى منطق آخر مختلف كالذي دعا إليه المفكر محمد باقر الصدر في (الأسس المنطقية للإستقراء).

ثانياً: إن إعتقاده بأن الضرورة مستنتجة عن طريق الإستقراء لا يُقر عليه؛ إذ كل ما يمكن للإستقراء كشفه هو ثبات العلاقات الطبيعية، لكن إثبات هذا الثبات شيء وإعتباره خاضعاً للضرورة شيء آخر.

ثالثاً: إن جعل المستقبل على وتيرة الماضي إن كان يجد ما يفسره نفسياً عن طريق تداعي المعاني؛ فإنه لا يجد ما يبرره منطقياً. وتتضاعف المشكلة عندما نقوم بتعميم نوع على نوع آخر مختلف. فمثلاً ان أنواع الظواهر التي يخضعها مل للبحث العلمي هي غير الانواع الملاحظة خلال التجارب الماضية، واذا كنا نرى في هذه الأخيرة اطراداً ثابتاً لبعض الانواع بين العلة ومعلولها؛ فكيف يحق لنا ان نفترض سلفاً نفس الثبات بالنسبة للأنواع الأخرى من العلاقات؟!

 

طرق الإستقراء العلمي لدى مل

يعتقد مل ان التنبؤ في القوانين العلمية الإستقرائية يعتمد على معرفة العلاقات الثابتة للسببية في عالم الطبيعة. ففي هذا العالم هناك نوعان من العلاقات؛ أحدهما يمثل إرتباطات صدفوية، وهي نتاج تأثير عدد من العلل المتغيرة التي لا يمكن تحديدها. والآخر يمثل ارتباطات قائمة على العلية الثابتة. فمثلاً إن سقوط الحجر على الارض لا يعتبر من الارتباطات الصدفوية، وإنما هو من الارتباطات العلية الثابتة؛ بإعتبار أن هناك علاقة لزومية محددة بين سقوط الحجر وبين جاذبية الارض. في حين أن اصطدام سيارتين في طريق ما من الطرق هو إرتباط صدفوي، إذ لا توجد علاقة لزومية محددة بين حركتي السيارتين.

بهذا التفريق لروابط الطبيعة أراد مل أن يضع منهجاً للكشف عن علاقات العلية الثابتة ليتسنى له بناء صيغة علمية للإستقراء. وهنا نتساءل: ما هي الوسيلة المنطقية التي يمكن من خلالها تمييز الارتباطات الصدفوية عن غيرها من الارتباطات السببية الثابتة؟ وبعبارة أخرى، ما هو المنهج الذي يجعلنا نعتبر العلاقة صدفوية أو غير صدفوية؟

حول هذا التساؤل طرح مل في البداية منهج التكرار في الوقائع والاحداث. وخلاصته هو انه إذا كانت هناك ظاهرتان ـ أو أكثر ـ قد تكرر وقوعهما بكثرة؛ فيمكن أن نستنتج بأن بينهما علاقة سببية ثابتة، وإلا إذا لم يتكرر الوقوع على شكل متواتر فالعلاقة بينهما صدفوية. وهو منهج يعبّر عن نفس الطريقة التي استخدمها أرسطو في مبدئه القائل (ان الصدفة لا تتكرر أكثرياً ودائمياً).

لكن مل ما لبث ان تنازل عن هذا المنهج ونقده. فبرأيه انه يمكن أن توجد ظواهر تتكرر بشكل متواتر رغم عدم كشفها عن وجود علاقات سببية ثابتة، لعلمنا بكونها صدفوية. كما انه على العكس قد توجد ظواهر أخرى لا تتكرر كثيراً، رغم أنها تنطوي على علاقة السببية الثابتة. وبالتالي فهو يرى كما يقول: ان ‹‹المسألة ليست ما إذا كان الوقوع يتكرر كثيراً أو نادراً بالمعنى العادي لهذه الكلمات، وإنما ما إذا كان يتحقق أكثر مما تسمح المصادفة››[14].

فبهذا ان مل لا يضع اجابة تحدد مقدار التكرار الذي يمكن أن تتحقق فيه المصادفة، إذ الأمر يختلف باختلاف الحالات، فالمسألة نسبية تماماً، فربّ تكرار مستمر لا يخضع إلى السببية الثابتة، ورب تكرار قليل لا يمكن رده إلى المصادفة.

فعن الحالة الأولى يذكر مل إنه قد تكون هناك ظاهرة ـ لنفرضها (أ) ـ موجودة دائماً، واخرى ـ لنفرضها (ب) ـ توجد بين حين وآخر، فتصبح جميع حالات (ب) متفقة في وقوعها مع (أ)، وعلى الرغم من هذا فهو يعتبرها من المصادفات العارضة. ويؤيد ذلك بمثال يضربه حول العلاقة الصدفوية بين النجوم الثوابت الموجودة منذ القدم وبين أي ظاهرة أخرى تحدث على الارض. أما عن الحالة الثانية فيضرب مل مثالاً يخص العلاقة المتغيرة بين هبوب الريح وسقوط المطر، إذ رغم أنه لا يحدث باستمرار لكنه ينطوي على علاقة السببية[15].

لكن هناك من إعترض على الحالة الأولى التي ذكرها مل، حيث انه لم يقم بتوحيد الأسس حين قارن بين إستمرار الوجود وتكرار الوقوع. إذ يفترض أن الظاهرة المتكررة الوقوع تقارن بظاهرة مثلها، وكذا الحال مع الظاهرة المستمرة الوجود[16]. وهو اعتراض يصح فيما لو لم نجد هناك علاقات سببية ثابتة بين الظواهر المختلفة الاسس، أما مع وجداننا لهذه العلاقات فإن صورة الاعتراض تكون ضعيفة الاثر. ونحن حين نستقرئ الواقع سنجد هناك الكثير من تلك العلاقات، فعلى سبيل المثال ان الهواء الذي هو مستمر الوجود له علاقة سببية ثابتة مع تكرر حياة كل فرد من أفراد الإنسان أو الحيوان أو النبات. وحتى مع غض النظر عن ذلك فهناك الكثير أيضاً من الإقترانات المستمرة الوجود أو المتكررة الوقوع والتي يمكن أن نوحد فيها الأسس دون ان نجد فيها روابط ثابتة للسببية، كما هو الحال مع وجود كل من الهواء والارض، إذ هما موجودان باستمرار، وكما هو الحل ايضاً مع تكرر كل من الولادات والوفيات في كل لحظة. فرغم أن مثل هذه الإقترانات دائمة الوجود أو الوقوع فإن من الواضح انه لا يوجد فيها علاقة سببية لزومية.

على هذا فإن مسألة الإقتران الدائم أو المتكرر لا يبعث دائماً على إستنتاج السببية، كما ان العلل المتغيرة لا تبعث هي الأخرى على منعها. فرمي قطعة النقد - المتساوية الوجهين - باستمرار كبير يخضع إلى ظروف عشوائية وعلل متغيرة، لكن رغم ذلك فإنه يحافظ على معدل الإحتمال المقدر بنصف لكل من الوجهين، مما يجعلنا نتأكد بأن هذا الاقتراب ليس مصادفة، بل يعود إلى سببية ثابتة - نسبياً - على الرغم من وجود العلل المتغيرة. وبالتالي فعلاج هذه المشكلة يعود إلى صميم نظرية الإحتمال.

وعلى العموم يمكن القول ان مل لم يصل إلى ضابط محدد في التمييز بين علاقات السببية والعلاقات الصدفوية، لكنه إكتفى بوضع عدة طرق نصح باستخدامها كأداة لاستخلاص السببية ضمن منهج الإستقراء العلمي. وهو مع ذلك حذّر الباحث من أن يقف عندها جامداً، كما إعتبرها لا تصلح للتطبيق في جميع الحالات[17]. وتنحصر قواعد كشف السببية عند مل بأربع طرق أطلق عليها: الإتفاق والاختلاف والتلازم في التغير والعوامل المتبقية. ويمكن التعرف عليها كالتالي:

 

طريقة الإتفاق

تتحدد هذه الطريقة بأنه لو كانت لدينا ظروف متعددة، وقد اتفق ان وقعت الظاهرة المراد تفسيرها مع ظرف محدد لكل حالة إختبارية نجريها، ففي هذه الحالة يمكن أن يكون هذا الظرف هو الوحيد الذي يعتبر السبب في وقوع الحادثة.

فمثلاً لو كانت لدينا أربع تجارب وقعت فيها الظاهرة (ب) مع بعض الظروف التالية:

(أ، ج، د، هـ، م، ن)، وذلك كما يلي:

في التجربة الأولى: ظهرت (ب) مقترنة مع (أ) و (د) و (هـ).

في التجربة الثانية: ظهرت (ب) مقترنة مع (أ) و (د) و (م) و (ن).

في التجربة الثالثة: ظهرت (ب) مقترنة مع (أ) و (ن).

في التجربة الرابعة: ظهرت (ب) مقترنة مع (أ) و (م).

وبالتعبير الرمزي تكون المواقف السابقة كالتالي:

الموقف الأول: أ + د + هـ ← ب.

الموقف الثاني: أ + د + م + ن ← ب.

الموقف الثالث: أ + ن ← ب.

الموقف الرابع: أ + م ← ب.

من هذه الصور يمكن إعتبار (أ) هي السبب في (ب)، فهي الوحيدة التي إقترنت معها في كل التجارب المختبرة. لكن مع هذا فإن طريقة الإتفاق تواجه العديد من الصعوبات، بعضها فني والآخر منطقي. وعلى الصعيد الفني نلاحظ الصعوبات التالية:

1 ـ من المسلم به ان هذه الطريقة لا تنفع كأداة شاملة للبحث العلمي.

2 ـ تفترض هذه الطريقة وجود ظروف محددة يمكن تعيينها، والحال ان هذه المسألة نسبية، حيث من الصعب تحديد جميع الظروف.

3 ـ كما تفترض حصر السبب في ظرف واحد حال إقترانه مع الظاهرة المراد تفسيرها، في حين أن من الصعب تحصيل ظرف منفرد في إقترانه مع الظاهرة. بل كل ظاهرة تقترن مع جملة من الظروف بشكل مستمر، ويزداد الأمر تعقيداً مع الظواهر الاجتماعية.

4 ـ في أحيان معينة قد تقترن الظاهرة مع ظرف معين بشكل مستمر، ومع ذلك لا نظن ان ذلك الظرف هو سبب حدوث تلك الظاهرة. فعلى سبيل المثال ظهر في إحدى السنوات مرض مجهول هاجم بعض مناطق أمريكا، وكانت ضحاياه الأولى من النساء، وحين بدأ العلماء في البحث عن سبب المرض وجدوا أن الظرف المشترك الذي اتفق وجوده مع المرض هو (الفرو الرخيص) الذى كانت تلبسه النساء المصابات. وبطبيعة الحال لا يعقل أن يأتي في بال الباحثين إعتبار الفرو سبباً لذلك المرض، بل توقعوا أن سبب ذلك يتمثل بوجود بعض الجراثيم المحمولة على الفرو. وفعلاً تحقق هذا التوقع بعد الفحص الدقيق، فكان إتفاق وجود الفرو مرشداً وليس سبباً لحدوث تلك الظاهرة من المرض[18].

أما على الصعيد المنطقي فقد أبرز المفكر الصدر اشكالاً صحيحاً مفاده: انه حتى لو لاحظنا إقتران (أ) مع (ب) دائماً فهو وإن كان يرجح لنا السببية بدرجة عالية من الإحتمال لكنه لا يبرر لنا التأكد منها بدرجة اليقين، فهناك إحتمال يظل ساري المفعول مهما كان عدد الإقترانات، وهو إحتمال أن يكون إقتران (أ) بـ (ب) صدفة.

 

طريقة الاختلاف

وهذه الطريقة على عكس الطريقة السابقة، إذ تقر انه إذا كانت هناك ظاهرة تظهر مع مجموعة من الظروف، ثم تختفى في جميع الحالات التي يتغيب احدها، فالمتوقع ان يكون هذا الظرف هو السبب في ايجاد تلك الظاهرة. لنفترض - مثلاً - ان (ب) تظهر مع هذه المجموعة (أ، ج، د، هـ)، وانها لم تظهر مع الظروف التالية (ج، د، هـ)، فالمتوقع ان تكون (أ) هي السبب لـ (ب).

فمثلاً لو كانت لدينا أربع تجارب اظهرت لنا النتائج التالية كالتالي:

أ + ج + د + هـ ← ب.

ج + د ← 0.

د + هـ ← 0.

ج + د + هـ ← 0.

ففي هذه الحالة نتوقع ان تكون (أ) سبباً لـ (ب). وهذه الطريقة تواجه نفس الصعوبات التي مرت على الحالة السابقة (الإتفاق)، سواء على الصعيد الفني أو المنطقي.

 

الطريقة المزدوجة

تتحقق هذه الطريقة من خلال ايجاد إختبارات تستند إلى كل من قاعدتي الإتفاق والاختلاف.

فمثلاً لو قمنا بستة إختبارات اظهرت لنا النتائج التالية:

أ + ج + د + هـ ← ب.

أ + ج + هـ ← ب.

أ تنتج (ب).

ج + د + هـ ← 0.

ج + د ← 0.

د + هـ ← 0.

ففي هذه الحالة سوف نتوقع ان تكون (أ) سبباً لـ (ب).

وعلى الرغم من أن هذه الطريقة كثيراً ما يعتمد عليها في الابحاث العلمية، كتجارب باستير وما اليها، لكنها مع ذلك لم تتخلص من جميع المشاكل السابقة على الصعيد الفني، كما انها تواجه نفس المشكلة التي اثارها المفكر الصدر على الصعيد المنطقي.

طريقة التلازم في التغير

بحسب هذه الطريقة انه إذا كانت هناك ظاهرتان تقترنان معاً في حالة من التغير المنتظم؛ فمن المتوقع ان يكون بينهما شكل من السببية. فمثلاً لو كانت (أ) تظهر باشكال مثل (ج، د، هـ، م)، وكانت (ب) تظهر باشكال أخرى مثل (ل، ك، س، ص)، ولاحظنا النتائج التالية:

ج ← ل.

د ← ك.

هـ ← س.

م ← ص.

ففي هذه الحالة سنستنتج ان (أ) هي السبب لـ (ب).

وتستخدم هذه القاعدة في حالة عدم إمكان اجراء الطريقة المزدوجة. وقد طبقها مل على تفسير ظاهرة المد والجزر. فالملاحظ ان للقمر مواضع يتغير فيها من مكان إلى آخر بالنسبة للارض، ومع كل موضع يتخذه تحدث حركة في المد والجزر، إذ تحدث حركة المد العالي على جانب الارض الذي يكون اقرب إلى القمر من الجانب الآخر، وحين يتبدل موضع القمر إلى هذا الأخير، فإن المد يلاحقه، مما يعني ان القرب من هذا التابع هو السبب في المد، نتيجة الجاذبية كما هو معروف.

ومن الواضح ان هذه القاعدة لا تنحصر في حالات التناسب الطردي بين (أ) و (ب)، بل تنطبق أيضاً على حالات التناسب العكسي، كما هو الحال في تفسير ظاهرة الانتحار (الأناني) من خلال التفاوت في درجات التماسك الاجتماعي، إذ كلما زاد هذا الأخير كلما قل الانتحار، وكذلك العكس صحيح.

وفي كلا الحالتين تعتبر هذه الطريقة كفوءة - إلى حد ما - من الناحية الفنية. لكن من الناحية المنطقية تواجه نفس الاشكال الذي طرحه المفكر الصدر ضد الطرق السابقة، إذ لا مانع من أن يكون إقتران حالات (أ) بحالات (ب) ناتجاً عن الصدفة مهما كانت ضئيلة، لأن المعول عليه هو تبرير درجة اليقين بعد عملية الترجيح الإحتمالي.

 

طريقة العوامل المتبقية

قدم مل هذه الطريقة الجديدة ليضيفها إلى الطرق السابقة التي ترجع في الاصل إلى بيكون[19]. والمقصود بها انه إذا كان هناك مبدأ معتمد يفسر عدداً من الظواهر باستثناء واحدة لا يتمكن من تفسيرها إلا عند إفتراض وجود ظاهرة أخرى جديدة تؤثر عليها، فالمتوقع هو قبول هذا الإفتراض وتصديقه اتساقاً مع المبدأ السابق. وهذه الطريقة تختلف عن سابقاتها بأنها لا تستخدم لكشف علاقة السببية بين (أ) و(ب)، بل تفترض وجود هذه العلاقة، ومن خلالها يمكن اكتشاف ظواهر جديدة خاضعة لها، إذ لو لم تخضع لها لكان هناك شك في خطأ العلاقة التي افترضناها سلفاً.

ومن أمثلتها حالة اكتشاف بعض الظواهر الكونية بالاستناد إلى مبدأ الجاذبية المفترض حاكميته على مختلف العلاقات المادية. فقد لوحظ ان هناك انحرافاً في مدار الكوكب (يورانوس) يحتاج إلى نوع من التفسير الذي يشترط ان لا يكون متعارضاً مع مبدأ الجاذبية المسلم به سلفاً: لذا تم تقدير وجود كوكب آخر مجهول هو الذي يسبب حالة الانحراف في ذلك المدار، وبالفعل فإن أحد علماء الفلك استطاع ان يكتشف هذا الكوكب ويحدد مكانه، وهو ما أطلق عليه كوكب نبتون. بل وتم اكتشاف كوكب آخر تبعاً لما لوحظ من وجود انحراف في مدار الكوكب المكتشف (نبتون)، حيث أطلق عليه (بلوتو)[20]. ثم انه احتمل وجود كوكب آخر نتيجة الشذوذ ايضاً ولم تتم رؤيته بعد، إذ بلوتو ذو حجم صغير لا يصلح لتفسير حركة نبتون الذي يدور ببطئ شديد جداً. وبالتالي تبين انتهاء الشذوذ والحد من إحتمال وجود كوكب عاشر[21].

كما استخدمت هذه الطريقة في الكشف عن غاز الارجون، إذ لوحظ ان غاز الازوت الموجود في الهواء يختلف في خواصه ومن ثم في تركيبه الكيميائي عن غاز الازوت النقي، فافترض أن هناك غازاً مجهولاً يختلط به فيسبب ذلك الفارق. وفعلاً تم اكتشاف هذا الغاز الذي أطلق عليه الأرجون. كذلك ان مدام كورى استطاعت ان تكتشف الراديوم عن ذلك الطريق، إذ لاحظت ان بعض المعادن تحتوي على طاقة اشعاعية أكثر منها في المعادن الأخرى، فبحثت عن الظاهرة الخفية من خلال إفتراض وجود عنصر مجهول، حتى تم لها اكتشافه[22].

ولا شك أن هذه الطريقة كفوءة، رغم أن التنبؤ من خلالها قد يكون خاطئاً في أحيان معينة؛ لسبب يعود إما إلى خطأ الفرضية المسلّم بها، أو إلى خطأ يتعلق بنوع التنبؤ ذاته بالخصوص.

أما من الناحية المنطقية فالطريقة السابقة عاجزة كغيرها عن تبرير حالة اليقين بين سببية (أ) و(ب) مهما كان بإمكانها أن تتنبأ به من ظواهر، وذلك لوجود إحتمال أن تكون هناك علل مختلفة ومجتمعة صدفة تعمل على توجيه تلك الظواهر، وهو إحتمال يتناقص بأطراد مع زيادة إكتشاف الظواهر، لكنه لا ينتفي منطقياً.

وعلى العموم فإن طرق مل لا تحل مشكلة الإستقراء في تبرير درجة اليقين؛ كما نبّه عليه المفكر الصدر[23]. إضافة إلى انه من الناحية الفنية ان مل لم يعر أهمية للفروض العلمية، فظن أن لها وظائف ثانوية - كحال إعتقاد سابقيه - بحجة انها تطلق عنان الخيال فتضلل الباحث وتجعل للظاهرة الواحدة العديد من التفاسير، وهو تكرار لبعض ما كان يقوله بيكون[24].

 

يحيى محمد

مفكر وباحث

....................

[1] ريشنباخ: نشأة الفلسفة العلمية، ترجمة فؤاد زكريا، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الثانية، 1979م، ص102.

[2] روبير بلانشي: الإستقراء العلمي والقواعد الطبيعية، ترجمة محمود اليعقوبي، دار الكتاب الحديث، القاهرة، 1423هـ ـ 2003م، ص35، عن المنتدى الإلكتروني ليبيا للجميع:

www.libyaforall.com.

[3] انظر تطبيقات بيكون حول الحرارة ضمن تصنيفاته لقوائم الحضور والغياب: فرنسيس بيكون: الاورجانون الجديد، ترجمة عادل مصطفى، رؤية للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 2013م، الكتاب الثاني، ص148ـ180. وانظر ايضاً: يوسف كرم: تاريخ الفلسفة الحديثة، دار المعارف بمصر، الطبعة الرابعة، 1966م، ص50.

[4] للتفصيل راجع كتابنا: منهج العلم والفهم الديني: العبور من العلم إلى الفهم ومن الفهم إلى العلم، مؤسسة الانتشار العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 2014م.

[5] ايسايا بيرلين: عصر التنوير، ترجمة فؤاد شعبان، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي في دمشق، 1980م، ص137ـ139.

[6] لينين: المادية ومذهب نقد التجربة، سلسلة اضواء على الفكر الماركسي الكلاسيكي، العدد الأول، اعداد توفيق سلوم، ص174ـ175.

[7] المصدر السابق، ص167.

[8] توفيق الطويل: جون ستيوارت مل، دار المعارف بمصر، ص141.

[9] السيد نفادي: الضرورة والإحتمال، دار التنوير، بيروت، الطبعة الأولى، 1983م، ص75.

[10] انظر:

J.S. Mill, ‘Of The Ground of Induction’, in: Madden, The structure of Scientific Thought, Great Britian,1968, p.294.

[11] الضرورة والإحتمال، ص76.

[12] محمود قاسم: المنطق الحديث ومناهج البحث، دار المعارف بمصر، الطبعة السادسة، 1970م، ص245.

[13] جون ستيوارت مل، ص142ـ143.

[14] محمود أمين العالم: فلسفة المصادفة، دار المعارف، 1970م، ص145.

[15] المصدر السابق، ص146.

[16] نفس المصدر، ص147.

[17] أحمد بدر: اصول البحث العلمي ومناهجه، نشر وكالة المطبوعات في الكويت، الطبعة الخامسة، 1979م، ص263.

[18] اصول البحث العلمي ومناهجه، ص263.

[19] جون ستيوارت مل، ص145ـ148. والمنطق الحديث ومناهج البحث، ص262 .

[20] انظر:

Hemple, carl G., Philosophy of Natural Science, 1996, current printing 1987, USA, p. 72.

[21] فرانك كلوز: النهاية: الكوارث الكونية وأثرها في مسار الكون، ترجمة مصطفى ابراهيم فهمي، عالم المعرفة (191)، 1415هـ ـ 1994م، ص233 و75ـ76، عن مكتبة المصطفى الإلكترونية: .www.al-mostafa.com.

[22] المنطق الحديث ومناهج البحث، ص228ـ229.

[23] الأسس المنطقية للإستقراء، ص87.

[24] جون ستيوارت مل، ص144ـ145.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم