صحيفة المثقف

منافي المبدعين العراقيين!

تتوالى بين حين واخر انباء محزنة حقا،  ذات وقع مؤلم لانها متعلقة بموت احد المبدعين العراقيين بالاخص الذين يقيمون منهم في المنافي منذ زمن النظام المقبور بدون ان نعي حقيقة اننا نفقد مبدعينا قبل الاوان في منافي بعيدة وباردة، بدون تكريم او اعتراف او اهتمام بمنجزهم الابداعي والنضالي وتضحياتهم التي لا حدود لها..انها من جملة ما يفرزه الواقع العراقي المضطرب على الصعيدين السياسي والثقافي، الذي دائما ما يكون المثقف ضحية له كانه مكتوب عليه ان يكون القربان لماسي ومحن الوطن بعد ان قدم كل ما يملك لاجله لدرجة انه ليس لديه بقية يمكن ان يمنحها له قبل رحيله عن هذه الدنيا .

وخلال السنوات القليلة الماضية لم تمر سنة دون ان نسمع عن رحيل احد المبدعين او المبدعات في المنافي،  واذا لم يصلنا نعي احد ما ـ تصلنا اخبار المرضى منهم، خاصة الذين يرقدون في المستشفيات بعيدا عن الاهل والوطن .ونكاد لا نعلم من يلام بكل هذا ..هل وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الرسمية ام اتحاد الادباء ام الوطن الذي لا يبالي بموت ابنائه في المنافي البعيدة ؟! قبل ايام فجعنا برحيل الروائي والشاعر والنصير صبري هاشم قبل الاوان وهو في قمة العطاء الشعري المميز الذي يحاكي به شاعر اخر على درجة عالية من التميز والابداع، الشاعر الراحل عقيل علي، وهما بنظري او كليهما: عقيل علي وصبري هاشم اشبه بجناحي طائر فريد لا تسعه رحابة سماء اخرى غير سماء العراق .

نعرف وسنعرف ان وطننا ليس بخير، اذا كان خيرة مبدعينا في المنافي الباردة،  اختصرت الحياة الرتيبة لبعضهم بين شقته الباردة وغرف المستشفيات لدرجة الممل القصوى واليأس احيانا ..اكتب هذا واستذكر ديوان الشاعر الراحل عقيل علي :"طائر اخر يتوارى" الذي جمعه واشرف على اصداره صديقه الشاعر والمترجم كاظم جهاد في فرنسا، ولولاه لما عرفناه الا لماما، وما زلت على اعتقادي بعد قراءة الديوان او على رأيي الشخصي به، ولا اقول النقدي، بانه الديوان الذي وصلت به الشعرية بقصيدة النثر الى حدودها القصوى ..وجاء صبري هاشم ليمنحها الفة بلغة من المألوف ومتجاوزة له، ولكننا فقدناه قبل الاوان كما فقدنا عقيل علي قبل الاوان .

ازاء هذه الاوضاع المريرة، لا نعول كثيرا على اتحاد الادباء رغم الاختلافات والخلافات، ان يتواصل مع مبدعينا، خاصة الذين يعيشون خارج العراق، ومعرفة اوضاعهم وتفقدهم، والمساهمة بطباعة وتقديم اعمالهم الابداعية والفنية، بعضها محهولة لاكثرية العراقيين، خاصة الاجيال الجديدة في العراق..انه شيء بسيط يقدمه اتحاد الادباء معنويا وادبيا للمبدعين العراقيين،  بدون منة، يؤكد دوره في رعاية ونشر الابداع العراقي سواء في العراق او المنافي .. شرقا وغربا .

وحين نستذكر الشاعرين الراحلين عقيل علي وصبري هاشم، نعلم ان هناك عشرات الشعراء والمبدعين والفنانين العراقيين يعانون من الاهمال وبعضهم استوطنته الامراض بوقت مبكر من حياته بدون رعاية او اهتمام من الجهات المعنية، ومنها اتحاد الادباء، كأنه غير معني باحوال الادباء العراقيين، او رعايتهم وتفقدهم والمساهمة بنشر ابداعاتهم للوقوف على حقبة مريرة ومظلمة من تاريخ العراق المعاصر .. بفنانيه ومبدعيه وادبائه في العراق او في المنافي .

.. متى يفيق الاتحاد العتيد من نومه اوغيبوبته؟!

 

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم