صحيفة المثقف

رائد الهاشمي: رسالة الى العبادي ومجلس النواب

أعلن مؤتمر الدول المانحة لدعم العراق رسمياً في العشرون من الشهر الجاري عن منح العراق مبلغاً وقدره اثنان مليار دولار للشعب العراقي رداً على حملة داعش الاستبدادية التي أدّت الى حجم هائل من المعاناة والدمار والحرمان ، جاء ذلك في بيان رسمي صدر عن الدول الراعية للمؤتمر وهي ستة دول (كندا وأمريكا وألمانيا وهولندا واليابان والكويت) وقد تم تخصيص هذه المبالغ كدفعة اولى للمساعدة في معالجة الحالة المأساوية للنازحين وخاصة في تأمين الحاجات الأساسية لهم وهي الغذاء والماء والمأوى والسكن وللمساعدة في تهيئة الظروف التي تسمح لهم بالعودة الآمنة الى مناطقهم المحررة، وقد حدّد المؤتمر مجال الإنفاق لهذه الأموال بأربعة مجالات فقط وهي:

(المساعدة الانسانية وإزالة الألغام وتحقيق الاستقرار الفوري وتحقيق الاستقرار الموسع الذي أقرّته الحكومة العراقية) .

انّ هذه المبادرة الانسانية التي قامت بها هذه الدول ستساهم بشكل فعّال في جهود المصالحة في العراق وعلى المدى الطويل وسيساعد ذلك في تحقيق الاستقرار في البلاد.

ونحن إذ نثمّن ونقدّر هذه المبادرة الانسانية الرائعة التي قامت بها هذه الدول تجاه الشعب العراقي لمساعدته في تجاوز محنته الكبيرة التي وصل اليها نتيجة عوامل كثيرة أهمها انتشار الارهاب المتمثل بداعش وفشل الحكومات المتعاقبة في إدارة دفة الحكم وانتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة في ظل غياب الدور الحكومي والقضائي في محاسبة المفسدين.

ما أبغي التركيز عليه في هذه السطور القليلة هو ان هذا المبلغ الذي تم تخصيصه كدفعة اولى ليس بالقليل وهو كافٍ لمعالجة جزء كبير من الأزمة التي يعاني منها أبناء المحافظات المنكوبة، ولكن ما أخشاه أنا ومعظم أبناء الشعب العراقي هو ضياع هذه الأموال نتيجة الفساد الكبير الذي أصبح كابوساً يجثم على صدور العراقيين، فحيتان الفساد تترقب هذه اللقمة السائغة التي أتتهم على طبق من ذهب ومن المؤكد أنهم بدأوا بحياكة المؤامرات ووضع الخطط المحكمة للاستيلاء على هذه الغنيمة وترك الفتات القليلة لتوزيعها على العوائل النازحة، وهذه المخاوف التي تساورنا لم تأتِ من فراغ فقد تعودنا الفساد من أناس باعوا ضمائرهم للشيطان وتركوا الشعب الذي انتخبهم وأوصلهم لسدة الحكم يعاني من كل أنواع الحرمان والمعاناة والفاقة.

المطلوب من الحكومة ومن السيد رئيس مجلس الوزراء الاسراع بوضع رقابة شديدة على عملية الانفاق لهذه الأموال وبتشكيل لجان متعددة الواحدة تراقب الأخرى حتى الوصول الى المراحل الأخيرة من الانفاق والإشراف على عمل هذه اللجان بشكل مباشر من قبله تجنباً لحدوث الفساد وتحقيقاً للهدف المنشود من تخصيص هذه المبالغ وايصالها الى مستحقيها الحقيقيين، ولا أعتقد أن هذا العمل بشيء صعب على السيد رئيس الوزراء بالرغم من مشاغله الكثيرة ولكن الأمر مهم ويستحق العناء خاصة اذا ما عرفنا بأن الدول المانحة قد شخصوا هذا الفساد وتمت مناقشته في أروقة اجتماعاتهم وكان سبباً في حرمان العراق من مبالغ كبيرة أخرى إضافية كان في النية تخصيصها ولكن خشية هذه الدول من ضياعها نتيجة الفساد قد جعلهم يتريثون في منحها في هذا الوقت، أي بعبارة أوضح هي رسالة مباشرة للحكومة العراقية بأن هذا المبلغ الكبير الذي تم تخصيصه كدفعة اولى سيتم مراقبة عملية إنفاقه وبعدها سيتم اتخاذ القرارات بشأن المبالغ الاضافية المزمع تخصيصها لمساعدة الشعب العراقي.

أكرر دعوتي للسيد رئيس مجلس الوزراء بأخذ دوره المطلوب في هذا المجال ودعوتي لمجلس النواب بأخذ دوره الرقابي في تشكيل لجنة متخصصة لمراقبة عملية إنفاق هذه المنحة بشكلها الصحيح والعمل على حمايتها من وحوش الفساد الكاسرة التي كشّرت عن أنيابها وبدأت بالتربص للانقضاض عليها.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم