صحيفة المثقف

متى سنتتهي فصول مسرحية إقرار الموازنة؟

raed alhashimiيعاني المواطن يومياً من سوء الأداء السياسي من قبل طبقة سياسية ابتلينا بها لاهمّ لها إلا مصالحهم الشخصية ومصالح كتلهم ضاربين بعرض الحائط مصالح البلد والمواطن الذي أنتخبهم وأوصلهم الى مناصبهم وهذه المعاناة تترسخ يومياً في جميع مفاصل الحياة ولكن من أكثر الأمور التي عانى منها المواطن العراقي منذ عام 2003 ولحد الآن هو الفصول السمجة لمسرحية تتكرر سنوياً وهي (إقرار قانون الموازنة) حيث ينص الدستور أن يكتمل التصويت على إقرار الموازنة للعام الجديد قبل انتهاء العام الحالي بفترة مناسبة لكي تتمكن وزارة المالية من توزيع مستحقات الوزارات والمؤسسات بوقت مناسب لكي تتمكن من أداء أعمالها الاعتيادية وتنفيذ مشاريعها المثبتة في الموازنة بدون تأخير وبانسيابية عالية،ولكن مايحدث كل عام أصبح أمراً لايمكن السكوت عليه ويُعدّ تقصيراً واضحاً ومتعمداً فجميع الكتل السياسية وبدون استثناء ترى بأن مناقشة قانون الموازنة هي الفرصة الذهبية لتقسيم كعكة المغانم والمكتسبات وارضاء الخواطر السياسية من جانب والبحث عن مكاسب انتخابية من جانب آخر وفرصة لتمشية قوانين أخرى تهم كتل بعينها وذلك باستخدام اسلوب رخيص هو اسلوب (السلة الواحدة) الذي تشترط فيه كل كتلة شروط على الكتل الأخرى بتمشية القوانين التي تخدمها سوية مع قانون الموازنة فتبدأ دوامة المفاوضات العقيمة والتي تجري دائماً وراء الكواليس المظلمة وتبدأ التصريحات والتسقيطات الإعلامية وتبادل التهم بين جميع الأطراف وكلٌ يُيريء ساحته ويلقي التهم على الطرف الآخر في عملية التأخير فالبرلمان يتهم الحكومة بالتأخير والحكومة تتهم البرلمان وهذه الكتلة تتهم تلك ودواليك، وكل هذا يجري والأيام والشهور تمضي ومصالح البلاد والعباد معطلة بالكامل وسيدخل البلد في اشكالات كبيرة تأتي في مقدمتها اشكالية تأخير الموزانة التشغيلية التي تعتمد عليها الوزارات والمديريات في صرف رواتب موظفيها، وكذلك اشكالية وزارة الصحة واحتياجها لصرف الأموال في شراء الأدوية والمستلزمات الطبية الكثيرة واضطرار مؤسسات الدولة الى ايقاف التعيينات الجديدة وايقاف الترفيع والعلاوات السنوية لموظفيها، وهذا سيؤدي الى ارتفاع معدلات البطالة في البلاد وكذلك تأخير اقرار الموازنة سيؤدي الى تأخير تنفيذ المشاريع الخاصة بالوزارات والمحافظات وسيؤدي الى حدوث إرباك كامل في جميع مفاصل البلاد الاقتصادية وسيؤثر بشكل مباشر على الخدمات الأساسية المقدمة للمواطن وسيخلق حالة من الركود الاقتصادي في البلد وسينعكس على القدرة الشرائية للمواطن البسيط وبعدها سيفرز ظواهر خطيرة في المجتمع أهمها ارتفاع معدلات السرقة والجريمة والطلاق والتسول.

أتسائل الى متى يبقى المواطن يعاني من هذه التصرفات الغير مسؤولة للكتل السياسية والى متى تبقى الاستهانة بمصالحهه والمتاجرة بمعاناته اليومية ديدن السياسيين ومتى سيتحرك الواعز الوطني والانساني في قلوب هذه الطبقة السياسية التي عاثت في الأرض فساداً ومتى سيحترمون الدستور الذي كتبوه بأيديهم ويفصلون مصالحهم الشخصية والحزبية عن مصالح البلاد والعباد ومتى سيلتزمون بالتوقيتات الدستورية الموضوعة، وأخيراً أقول متى سيفهم المواطن المسكين ويفهم اللعبة ومتى ستنجلي الغشاوة التي على عينيه ويفهم معدن السياسيين الذين يحكمونه،ومتى سيفكر ولو مرة واحدة بشكل صحيح ويتخذ القرار التأريخي بالتغيير والفرصة قريبة وسانحة والانتخابات على الأبواب والمطلوب منه أن يفعلها ويلعبها بشكل صحيح وهو يقف على صندوق الاقتراع بأن يفكر ألف مرة قبل أن يعطي صوته الثمين لمن لايستحقه، ويتذكر كل الأفعال الشنيعة وكل الفساد وكل الاستهانة بمصالحه وكل معاناته هو وعائلته ويسأل نفسه من الذي كان السبب فيها ويستبعده من تفكيره حتى لاتتكرر المأساة نفسها لأربعة سنوات قادمة وعليه أن يبحث عن الأصلح والأنزه والأكثر وطنية والذي يراعي مصالح شعبه فإن لم يجده فلاينتخب ولايعطي صوته الثمين لمن لايستحقه لكي لايصبح مشاركاً بجريمة كبيرة سيحاسب عليها في يوم لاينفع الندم.

 

رائد الهاشمي - باحث وخبير اقتصادي..

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم