صحيفة المثقف

العولمة وقضايا البدائل السياسية (4)

العولمة الرأسمالية: إن العولمة الرأسمالية هي فكرة رأس المال الاحتكاري العالمي لجعل التجارة حرة في العالم. أنها محاولة ترسيخ نظام التجارة الحرة لرأس المال العالمي. وبالتالي ليست العولمة الرأسمالية سوى الرأسمالية كنظام عالمي. وهي بذلك تعيد هيكلة المؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية والثقافية والقومية بصورة عالمية. كل ذلك يجعل منها مرحلة جديدة في التطور الرأسمالي.

لم تتجه الرأسمالية بعد الحرب العالمية الثانية نحو تقسيم العالم وإعادة تقسيمه. وبعد انحلال الاتحاد السوفيتي أخذت تبرز بوضوح اشد فكرة العولمة الرأسمالية، بوصفها توسعا من خلال التشابك والترابط العالمي. وقد نجحت الرأسمالية في ذلك، واستطاعت ربح المباراة الاقتصادية مع المعسكر الاشتراكي والانتصار السياسي عليه واحتواء بقاياه في منظومتها. مما أدى إلى ظهور قوة عسكرية كونية واحدة هي الولايات المتحدة.

وتتميز فكرة وأساليب العولمة الرأسمالية بصفات خاصة. فهي الأولى من نوعها في محاولة دمج العالم في وحدة واحدة. فقد جرت محاولات عديدة في ما مضى لدمج العالم وتوحيده، إلا أنها باءت بالفشل. كما أنها جديدة في الفكر والأساليب والإمكانيات. إذ تحطم العولمة الرأسمالية دكتاتوريات عفنة وجبانة ومتهرئة وأوضاع جامدة وراكدة وأنظمة ومؤسسات بالية، وتخلق ديناميكية عالمية جديدة وإمكانيات كبيرة لزيادة الثروة. وهي بذلك تعتبر مرحلة تقدمية في تاريخ البشرية. توفر ظروفا افضل لنضال الطبقة العاملة العالمي من أجل تحسين ظروفها الاقتصادية – الاجتماعية، كما توفر إمكانية قيام يسار عالمي من اجل حياة سياسية ديمقراطية عالمية.

ثم أن حجم الرساميل المتحركة يومياً في مجال المضاربة يتجاوز قدرة البنوك المركزية على التدخل. مما يؤدي إلى أن تفلت السلطة من أيدي الدول على حد تعبير بطرس غالي. غير أن هذا الوضع يستجمع حركة عالمية مناهضة. وبهذا الصدد يقول ريمون بار ممثل النهج الليبرالي في الاقتصاد "إننا لا نقدر أن نترك العالم في أيدي عصابة من غير المسؤولين الذين لا يفكرون إلا في جمع المال". وهو واقع يمكننا التنبؤ بزواله كما زالت دكتاتوريات سابقة. وليس مصادفة أن تطلب الحكومات القومية المتآكلة (الدكتاتورية) ود الاحتكارات العالمية. وهو أمر يؤدي إلى صعوبة بناء اقتصاد متطور في الكثير من البلدان دون وجود سيادة عالمية جديدة. فالدولة العالمية المسئولة هي القادرة على وضع الأسس الدستورية – القانونية لاقتصاد عالمي، لا يمكن  للدولة القومية المتآكلة إنجازه. ألا يشير واقع تهديد الاحتكارات الألمانية لصناعة السيارات المستشار الألماني شريودر من نقلها هذه الصناعة إلى خارج ألمانيا في حال اتخاذ إجراءات مضادة لها، أو أن ترفض شخصية فرنسية الترشيح لأعلى منصب في الدولة الفرنسية، لأن خمسين لصا في العالم هم الذين يتحكمون في الاقتصاد العالمي؟ ألا يشكل ذلك دلالة على أن الدكتاتورية الجديدة لسلطات رأس المال الاحتكاري، وعلى ضرورة وإمكانية التغلب على هذه الدكتاتورية الجديدة في نفس الوقت؟!

وليس مصادفة أن نرى رأس المال الاحتكاري يسعى إلى الحفاظ على الدولة القومية والحكومات المحلية الدكتاتورية، لأنه يجد فيها أداة من أدواته في التحكم بالأوضاع المحلية. كل ذلك يجعل من الصعب العمل على الانتعاش المحلي دون الأخذ بنظر الاعتبار هذه الإشكالية الأوسع والأعمق والأكثر جوهرية بالنسبة للتطور الاجتماعي والاقتصادي على الصعيد العالمي. وإذا كنا نرى عودة للقومية في بعض مناطق العالم، فأن ذلك لا يعني انتعاش القوميات من جديد، بقدر ما أنها تشكل ظاهرة تسخرها الاحتكارات العالمية لأجل تفكيك بعض الدول وإعادة دمجها من جديد في اقتصادها الاحتكاري.

إن الولايات المتحدة تستخدم وتسخر كل قدراتها الاقتصادية لتحسين وضعها السياسي والعسكري، وتوظف إمكاناتها السياسية والعسكرية لتحسين وضعها الاقتصادي، وتسخر كل ذلك من اجل تجسيد أهدافها الخاصة على النطاق العالمي. أي أنها توظف كافة إمكانياتها في استراتيجية كونية لإعادة صياغة العالم حسب النظرة الأمريكية. إنها تحاول صنع وفرض عولمة رأسمالية أمريكية. وهي سياسة دكتاتورية خالصة، تستثير حركة عالمية ديمقراطية معارضة قادرة في نهاية المطاف على تحييد هذه الاستراتيجية والمساهمة بالتالي في حل إشكالياتها السياسية، بما في ذلك التأثير تدريجيا على كل الإشكاليات التي تثيرها العولمة الرأسمالية.

فقد كان بروز الولايات المتحدة كقوة عالمية كبرى بعد الحرب العالمية الثانية، وبالأخص بعد انهيار القوى الأوروبية التقليدية. واستطاعت الولايات المتحدة عبر احتواء أوروبا الغربية واليابان توظيف قواهم جميعا في الحرب ضد الاتحاد السوفيتي في استراتيجية كونية اقتصادية – سياسية – عسكرية – استخبارية. كما تعاملت الولايات المتحدة مع البيريسترويكا السوفيتية على اعتبار أنها تمثل لحظة تراجع وانسحاب سوفيتي من المسرح العالمي. وإن المسار العاصف للبيريسترويكا السوفيتية في انقلاب آب/91 الفاشل والقرار المتهور في حل الاتحاد السوفيتي وّفر إمكانيات إضافية للاندفاع نحو سياسة كونية متطورة للولايات المتحدة. وأخذت بتطوير استراتيجيتها وتكتيكاتها الكونية، والاندفاع نحو سياسة أكثر كونية، وإعادة صياغة الواقع السياسي والاقتصادي والعسكري للعالم أمام إغراء قوة مندفعة ومنتصرة. وكانت طريقتها في إدارة العدوان على العراق وما يزال، وفرض تسوية سياسية على الأمة العربية مرحلة جديدة وفتحا جديدا في السياسة الكونية للولايات المتحدة. كما شهدت منتصف التسعينات من القرن العشرين ولادة منظمة التجارة الحرة العالمية وتوسع الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي وتطور دور القمة السباعية للسبعة الكبار، كحكومة عالمية فعلية، وتطوير دور صندوق النقد الدولي في الاقتصاد العالمي، وتطوير سياسات اقتصادية ومالية عالمية في غياب شبه تام ليسار عالمي مؤثر في الأحداث وتطوراتها. في حين أن وجود يسار عالمي منظم ومتفق على المبادئ والأهداف الكبرى، وفي ظل استعادة أوربا المتوحدة واليابان لتأثيرهما الاقتصادي، وفي ظل التشابك والترابط العالمي، قادرة على مجابهة السياسة الأمريكية، التي تستمد قوتها الحالية ليس من مقدرتها الاقتصادية بقدر ما تستمدها من هيمنتها العسكرية.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة توجه الآن كامل ثقلها الجيوسياسي على أوروبا الغربية واليابان بعد زوال المعسكر الاشتراكي، لكي يكون بإمكانها تمرير استراتيجيتها العالمية، إلا أنها تتعرض لصعوبات جمة، سوف تعرضها إلى الهزيمة. وذلك لأن سياسة الولايات المتحدة الحالية هي تجسيد نموذجي لدكتاتورية عفا عليها الزمن. بصيغة أخرى أنها غير قادرة على إدارة العالم بصورة دكتاتورية. وهو أمر يفترض في البداية العمل من اجل دعم الإمكانيات القائمة في العولمة الرأسمالية نفسها صوب جعلها أكثر ديمقراطية، ثم تنظيم المقاومة العالمية لرأس المال الأمريكي، بالشكل الذي يكفل إمكانية فرض التراجع عليه.

فالاستهلاك الكلي في الولايات المتحدة يتجاوز نسبة 80% من الناتج القومي الإجمالي. وبالتالي، فان نسبة الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي منخفضة، ونفس الشيء يمكن قوله عن نسبة وإمكانية توسعها في حجم التجارة العالمية. كما يزداد الوضع الاقتصادي العالمي للولايات المتحدة سلباً مع استمرار العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي، فضلاً عن حجم المديونية الكبيرة التي على الولايات المتحدة. لهذا تسعى الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بمكانتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية ليس من خلال إعادة النظر بوضعها الاقتصادي والعسكري، بل عبر فرض ضغوطها المستمرة على الاتحاد الأوروبي واليابان، وصنع العقبات أمامهما وإثارة المشاكل لهما، أو التلويح بمخاطر ما زالت تهددهما. وفي المقابل  يشكل الاستهلاك الكلي في الاتحاد الأوروبي واليابان حوالي 70% من الناتج الإجمالي لكل منهما. مما يعني إمكانية ارتفاع نسبة الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي. وبالتالي التوسع في حجم التجارة العالمية لهما.

إن الاتحاد الأوروبي واليابان يمتلكان إمكانيات كبيرة على التوسع، تتفوقان على الولايات المتحدة في جميع المؤشرات الاقتصادية في الادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي والتوسع في حجم التجارة العالمية وفي ميزان المدفوعات. كما انهما يلعبان دورا أساسيا في إعادة بناء الاقتصاد العالمي. فالاتحاد الأوروبي يلعب دورا كبيرا في أوروبا الشرقية وحوض البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن أن له برنامجا عالميا للاتحاد الاقتصادي في مختلف أرجاء العالم بما في ذلك منطقة البحر الكاريبي. أما اليابان فأنها تتميز بتأثير اقتصادي هائل في شرق وجنوب آسيا. كما تقلق السياسة الاقتصادية لكل من اليابان وألمانيا الولايات المتحدة بصورة ليست اقل عما كان يشكل خطرهما بالنسبة لها زمن الحرب العالمية الثانية. إذ يتفوق التحالف الاقتصادي الألماني – الياباني في اغلب مؤشراته على اقتصاد الولايات المتحدة. بينما يفترض إصلاح الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة إعادة النظر في إنفاقها العسكري وفي دورها السياسي العالمي، بالشكل الذي يساهم في وضع أسس سياسة عالمية جديدة تنبع من إرادة مشتركة للقوى الاقتصادية – السياسية العالمية مجتمعة، وتساهم في ترسيخ وتطوير كونفدرالية سياسية للأمم المتحدة. أما محاولاتها فتح الأسواق الخارجية عنوة وبالتهديد وإعلان الحروب التجارية، فأنها تؤدي إلى مزيد من التدهور في المكانة العالمية للولايات المتحدة نفسها. أما محاولة تغيير الخارطة الاقتصادية – السياسية العالمية بالتفوق في مجال الأسلحة التقليدية والاستراتيجية، فأنها قد تؤثر في بعض توجهات الاتحاد الأوروبي واليابان، إلا أنها لن تستطيع تغيير الاتجاهات الأساسية في العالم. وفي كل الأحوال لن تستطيع الولايات المتحدة إدامة دكتاتورية جديدة لها على العالم في الوضع العالمي الراهن وآفاقه المرئية.

إن استمرار الاتجاهات الراهنة في الاستهلاك والادخار والاستثمار والنمو الاقتصادي والتوسع في حجم التجارة العالمية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي و اليابان، سوف يؤدي في العقود الثلاثة القادمة إلى تغييرات كبيرة في العلاقات الاقتصادية العالمية، مع ما يترتب على ذلك من نتائج اقتصادية وسياسية.

أننا نقف أيضا أمام بروز الصين فضلاً عن الاتحاد الأوروبي واليابان كقوة اقتصادية وسياسة وعسكرية متنامية. كما يتمتع العالم العربي والإسلامي بطاقة كبيرة على النشاط السياسي، فضلاً عن القدرات الهائلة الكامنة في استعادة اليسار العالمي لدوره المؤثر على اتجاهات التطور الاقتصادي والسياسي في العالم.

إضافة لذلك يمتلك الاتحاد الأوروبي قدرة كبيرة ومجالا أوسع على التأثير يفوق ما تمتلكه الولايات المتحدة، من حيث المؤشرات الاقتصادية والجاذبية الفكرية، إلا أنه ضعيف عسكريا مقارنة بما تمتلكه الولايات المتحدة. الأمر الذي يعطي للأخيرة إمكانيات اكبر في التأثير على مسار العولمة الرأسمالية. وهي حالة ليست معزولة عن نتائج الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة.

فقد كشفت السياسة الأمريكية تجاه الكثير من الدول والقارات،عن توجه دكتاتوري. إلا أن التاريخ والواقع والمعطيات تشير إلى الفشل الحتمي لهذه السياسة. فالولايات المتحدة ترغب في الحرب والنزاعات الإقليمية. وهي بحاجة لها رغم كل الشعارات الداعية إلى إقامة الأمن والسلام والنظام وما شابه ذلك. إذ تشكل هذه الحروب والقلاقل وسيلتها الوحيدة الآن في إعادة رسم مستقبل الوضع العالمي. إن هذه السياسة ليست معزولة عن المكانة المتميزة للمجمع الصناعي العسكري في الاقتصاد وتقدم صناعة الأسلحة التقليدية والاستراتيجية وكذلك انهيار القطب العسكري السوفيتي، كل ذلك يدفع الولايات المتحدة باتجاه استخدام وتسخير النزاعات والحروب الإقليمية كوسيلة في رسم خارطة عالمية وفقاً لمصالحها. وبهذا المعنى يمكن القول، بأنها تخطط لحروب ونزاعات إقليمية في إطار استراتيجيتها الكونية. إن مختلف النزاعات الإقليمية القائمة في العالم يمكن حلها بنهج التسوية السياسية – الاقتصادية في حال توفر الإرادة المشتركة.

أما أوروبا وبالأخص بعد تجسيد وحدتها الاقتصادية – السياسية، فان بإمكانها ممارسة نهج اقتصادي – سياسي عالمي قادر على حل مختلف القضايا العالمية بطريق التسوية السياسية – الاقتصادية. إن أوروبا قوة اقتصادية – سياسية، على خلاف الولايات المتحدة التي تسعى لاستخدام وتسخير قوتها العسكرية في مجال التوازنات العالمية الاقتصادية – السياسية. وهنا تختلف أوروبا عن الولايات المتحدة، التي تسعى لجعل أوروبا حليفا تابعا لها عبر تكريس استمرار القوة العسكرية في السياسة العالمية. غير أن إمكانيات أوروبا ومصالحها تفرض عليها نهج وممارسة التسوية السياسية – الاقتصادية عالميا. إذ أن إشراكها في حروب الولايات المتحدة يهدد وحدتها ويضعفها ويقلل من خياراتها الإقليمية والعالمية ويفقدها هيبتها الثقافية.

إن الوحدة الاقتصادية – السياسية الأوروبية وتوجهاتها وخياراتها الإقليمية والعالمية هي الخطر الأساسي الذي يستطيع تهديد الولايات المتحدة في مساعيها تربع قمة العولمة الرأسمالية. أما اليابان فأنها تأتي في الدرجة الثانية في حال عودتها إلى آسيويتها. أما اليسار العالمي وحركاته الإصلاحية، فان من الممكن توظيفه في حل الإشكاليات السياسية العالمية الراهنة عبر دعم كل جهود رامية إلى تطوير كونفدرالية الأمم المتحدة.

وهو أمر سوف يضع أوروبا أمام مهمة اختيار طريق تطوير الأمم المتحدة ونهج التسوية الاقتصادية السياسية للنزاعات الإقليمية، باعتباره الطريق الأفضل لتعظيم دورها في العولمة الرأسمالية، خلافاً للولايات المتحدة التي تتبع في ذلك نهجاً عسكرياً. إضافة لذلك أن الولايات المتحدة تسعى لفرض قيادتها للعولمة في الظرف الراهن، ولا تنتظر ما ستؤدي إليه التطورات الاقتصادية – السياسية اللاحقة.

واعتقد أن افضل وجهة نظر لحد الآن بهذا الصدد هي تلك التي يتبناها اليسار الأوروبي بشأن الاتحاد الأوروبي، باعتباره تحالفا ضد قوى الرأسمالية الاحتكارية الأوروبية. إذ يتمتع اليسار في أوروبا بإمكانيات كبيرة ومؤثرة في الاتحاد الأوروبي ومن ثم في العولمة الرأسمالية. وهو تأثير سوف يزداد مرارا في حالة حدوث تطورات جدية قادرة على الانتظام في يسار أممي.

إن التطورات الأكثر وضوحاً بالنسبة لرأس المال الاحتكاري العالمي والأمريكي بصورة خاصة يتمثل في تطوير منظمة التجارة العالمية وحلف الأطلسي واستيعاب تطور الاتحاد الأوروبي واعتبار القمة السباعية الحكومة العالمية الفعلية، التي تعالج مختلف القضايا العالمية في اجتماعاتها السنوية وتسعى لوضع الحلول لها من وجهة نظر مصالح الاحتكارات العالمية. بل يمكننا القول، بان أي توحيد للعملات العالمية، وهي عملية ممكنة جدا، مثل الدولار واليورو (الأوربي) والين (الياباني)، سوف تؤدي إلى تطورات اقتصادية وسياسية هائلة، بحيث يصبح من السهل رؤية طبيعة وشكل الإصلاحات الضرورية في الأمم المتحدة. فمن وجهة نظر الاحتكارات العالمية والأمريكية بشكل خاص، ليست الأمم المتحدة سوى منصة لإلقاء الخطب المؤيدة لوجهة النظر الأمريكية. وان فعالية الأمم المتحدة ممكنة فقط عندما تنسجم سياستها مع مصالح الولايات المتحدة. وهو طريق مغلق، بما في ذلك في العولمة الرأسمالية نفسها، دع عنك استثارته لردود الفعل السياسية التي لن تقبل به بتاتا.

إن المرحلة الجديدة من التوسع الرأسمالي، التي تستند إلى القوة الاقتصادية أساساً في توسعها إضافة إلى القوة العسكرية، خصوصا وبالتحديد من جانب الرأسمالية الأمريكية، خلافاً للمراحل السابقة التي اعتمدت القوة العسكرية أساساً في التوسع الرأسمالي، ستتمكن من دمج العالم وإلغاء الحدود الجغرافية – السياسية. خصوصاً وإن نخب فكرية واسعة باتت تقترب من القناعة الفعلية لما في العولمة الرأسمالية نفسها من إمكانية كبيرة للتطور الاجتماعي. وهي إمكانية فعلية تستلزم ضرورة التكيف معها والتعبير عن المصالح المختلفة ضمنها (يتبع....).

 

يوسف محمد طه

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم