صحيفة المثقف

نهاية الخريف

محمد صالح الغريسيشعر: فرنسيس بونج

تعريب: محمد الصالح الغريسي

***

الخريف كلّ الخريف، ليس في النّهاية، أكثر من شاي بارد.

و الأوراق الميّتتة من كلّ الأنواع، جميعهامشبع بالمطر.

لا إمكانيّة فيها للاختمار ولا لِتَكَوُّن الكحول:

إذ لا بدّ من انتظار الرّبيع ، حتّى يؤتي وضع كمّادات على ساق خشبيّة مفعوله.

 

يتمّ الجرد عشوائيّا.

 كلّ أبواب قاعة الاقتراع تنفتح وتنغلق، منصفقة بعنف.

إلى السلّة.. إلى السلّة ! إنّ الطّبيعة تمزّق مخطوطاتها،

 تحطّم مكتبتها، تسقط آخر ما لديها من ثمرات.

 

ثمّ تتوقّف فجأة عن جدول عملها. تبدو قامتها على الفور هائلة

شعثاء، ورأسها في الضّباب. و ذراعاها تضطربان، تتمتّع باستنشاق الرّياح الباردة الّتي تنعش أفكارها.

تمرّ أوقات النّهار قصيرة، لذلك سرعان ما يخيّم اللّيل،

فيفقد الكوميديّ حقوقه.

 

بين الكواكب الأخرى في الفضاء ،تستردّ الأرض مكانتها الهامّة.

الجزء المضاء منها، أكثر ضيقا، تخترقها الوديان والظّلال.

أحذيتها تشبه تلك الّتي ينتعلها المتشرّدون ،

 قد شرقت بالماء فراحت تصدر موسيقى.

 

في هذا الجمهور الصّاخب من الضّفادع،

هذا المجمع الغامض الصحيّ،

الكلّ يستردّ قواه، يقفز من حجر إلى حجر ، متنقّلا بين المروج.

و تتكاثر الجداول

 

إليكم ما يسمّى بالتّمشيط الجميل،

و الّذي لا يحترم المواثيق !

فها هي بلباس شبه عار،

غارقة في الماء حتّى العظام.

 

ثمّ إنّ هذا ليدوم لفترة، ولا يجفّ على الفور.

ثلاثة أشهر من التّفكير الشّافي ؛

دون ردّة فعل من الأوعية الدّمويّة،

دون ميدعة، دون قفّازات لبديّة.

لكنّ بنيتها القويّة ما تزال صامدة في هذه الحالة.

 

ثمّ حين تبدأ البراعم الصّغيرة في البروز من جديد،

فهل هي واعية بما تفعل وما يمكن أن ينجرّ عن ذلك،

- لئن كانت تبرز بحذر وقد جمّدهاالصّقيع وورّد وجهها،

فإنّماذلك عن دراية بالأمر.

 

أمّا هنا، فتبدأ قصّة أخرى،

قد تكون ذات علاقة،

و لكن لا رائحة فيها لمسطرة سوداء،

يمكنها أن تساعدني مستقبلا أن أضع سطري تحت هذه.

 

.........................

فرانسيس بونج (بالفرنسية: Francis Ponge) (و.1899 - 1988) شاعر فرنسي حاصل على جائزة نيوستاد للأدب عام 1974.[6]

ولد في مدينة مونبلييه جنوب فرنسا لعائلة بروتستانتية، وسافر إلى بلجيكا وهولندا وإنكلترا وألمانيا، ثم عاد إلى باريس ودرس القانون في جامعة السوربون، كما درس الأدب في جامعة ستراسبورغ، خدم في الجيش الفرنسي بين عامي 1918-1919، وفي عام 1931 عمل في بريد دار هاشيت، وفي عام 1937 انضم إلى الحزب الشيوعي الفرنسي حيث ترك باريس منذ بداية الحرب العالمية الثانية وبدأ بمساندة المقاومة منذ عام 1937 حتى عام 1974، ولدى عودته مع عائلته إلى باريس ترك الحزب الشيوعي وعمل في التدريس. بدأت شهرته ككاتب بعد نشر مؤلفه "الانحياز للأشياء" عام 1942.[7]

 

ويكيبيديا

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم