صحيفة المثقف

سوق المبادئ وسمسرة نتنياهو الفاشلة في المغرب

بكر السباتينيبدو أن العربدة التي يمارسها نتنياهو بدعم أمريكي في الوطن العربي قد طالت المغرب، لكن السحر باغت الساحر وانقلب عليه، بعدما أصر الشعب المغربي على أن فلسطين هي قضيتهم الأولى.

ولن يقبل مقايضة فلسطين بالصحراء المغربية.

فكيف حدث ذلك!

من المعروف أن أمريكا تواصل دعمها للعملية السياسية التي تشرف عليها الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع حول الصحراء المغربية، وفي أواخر ديسمبر 2019 كان القائم بالأعمال في السفارة الأمريكية بالرباط دايفيد غرين، قد صرح بذلك في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، بمناسبة زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرباط. وما يزال الموقف الأمريكي ثابتاً على حاله.. والرهانات ظلت منوطة بجهود الأمم المتحدة.

ولكن الكيان الإسرائيلي الطفيلي القائم على اقتناص الفرص، بدأ يناور باتجاه صفقة مقايضة، بين الدعم الأمريكي للرؤية المغربية للحل مقابل تخلي المغرب عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية لصالح توطيد العلاقة المغربية مع الاحتلال الإسرائيلي المستفحل في الساحة العربية، ودعوة نتنياهو لزيارة الرباط.

حيث جاء في موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي أن "الكيان الإسرائيلي" يجري محادثات مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن اتفاق من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة الأمريكية تعترف بسيادة المغرب على منطقة "الصحراء الغربية"، مقابل أن تتخذ الرباط خطوات نحو تطبيع العلاقات مع تل أبيب.

وذكر الموقع أن هذه الخطوة "ستكون بمثابة إنجاز دبلوماسي كبير لملك المغرب، محمد السادس، وكذلك ستمنح دفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".

ولم يرد تعليق رسمي من المعنيين بما ورد في هذه التسريبات.

من جهة أخرى ألقت هذه الأخبار المفاجئة بظلالها على المشهد السياسي المغربي فانداحت دوائر النقاش عبر مواقع التواصل الاجتماعي والبرلمان المغربي والصحف الكبرى.. حيث أشعل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة نقاشاً داخل البرلمان المغربي في رده على برلمانية مغربية اعتبرت فلسطين قضية المغرب الأولى، فيما اعتبر بوريطة أن قضية الصحراء المغربية هي الأولى ولن "يكون فلسطينياً أكثر من الفلسطينيين" الأمر الذي استفز غالبية الشعب المغربي وأثار حفيظتهم.

 ومما زاد النقاش حدة، هو المحادثة التلفونية بين رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني ورئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، وأكد المسؤول المغربي على دعم الفلسطينيين لنيل حقوقهم المشروعة.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي قد اشتعلت بآراء المغربيين المتضاربة حول الموضوع، وكانت في غالبيتها لصالح القضية الفلسطينية، حينما أثير نقاش حول الأولويات الوطنية في المغرب.

من جهته قال الكاتب العام لمجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين عزيز هناوي: "إن مقابلة قضية الصحراء بقضية فلسطين لتبرير الركوع لأمريكا هو شيء اسمه الدعارة الوطنية باسم الصحراء، وخيانة لدماء الشهداء".

وقد أخذت التداعيات الموقف الشعبي المغربي باتجاه التفاعل الميداني على الأرض لصالح أولوية فلسطين في الاهتمام المغربي، حيث ستشهد العاصمة الرباط يوم الأحد المقبل مسيرة لدعم الشعب الفلسطيني ورفض صفقة القرن، وتتزامن مع الجدل السياسي الحاد حول الموقف الذي يجب اتخاذه بهذا الخصوص بعد ربط نزاع الصحراء المغربية بفلسطين التي تحظى بتأييد جماهيري كبير في المغرب.

وبذلك يثبت الشعب المغربي بأن المبادئ غير قابلة للبيع وإن الخيانة ليست وجهة نظر. وإن السحر الإسرائيلي انقلب على الساحر وأثبت فشله الذريع في المتاجرة بالموقف المغربي.

 

 بقلم بكر السباتين.

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم