صحيفة المثقف

دهشة البداية

ياسين الخراسانيتبدأ أغنية في التمرّد على الرداءةِ

يهُشّ الصبح على قطيع الظلامِ

في الركب سيّدة تحمل آخر ما أملك من أشلاء السعادةِ

لم يفتني أن أرمي قطعاً من الخبز ...

إلى أين تسيرون بي :

"إلى مغسَل الطفولة، تعال ولا تكثرت، لم تكن خائفاً يوم صرختَ"

أعرف أن الأرض صادقة، لكنّي أوّل الأغبياء

أتبعها لأنها تحملني منذ البدايةِ

ولدتُ أعمى لكن حبل السُّرة أخبرني أني سأبصر قبل الممات ...

 

عرفت أنّكِ لوزة فضيّة

أقطف من المعنى ما يبقي الأشياء رمزيّةً

ترتفعين بي والاشتهاء صدريّ كلهاث العطشى

أنا اسمكِ ولا اسم لي

ولدت هنا على هذه الأرض اليانعةِ

و لكنّ أبجديّتي جفّت في الحلق قبل فصل اليباب

أنا مجهول عليك أنا مثل الصدى مرّ من هذه الباب

أنا مثل الصدى لا أدُلّ إلا على الآخر ...

 

أرى نطفةً من اللّون تشيّد قوساً كاملا

لم أُعلَّم مثل أبي أسماء الأشياء

فالحياة بديهيّة بين دفتين من خشب

ولدت لكي أوزِّع الأسماء على أطفال البَرِّيّة

ولدت لكي أفَرِّق بين الغياب والهوية

 

أتبع أغنيتي ساهياً

لا حدود لهذا النهار إلا ما سأختار

تذكرت لفيف القطن وصوت الآذان وتحيّةً من آذار

"كل ما حولكَ بدائيّ الدلالة، فوفّر دهشتك الأولى للحظة النهاية ..."

قالت لي طفلة في المهد المجاور

كنتُ أرجوحةً تتردد بين القمّة والهاوية

أنزلت صاريتي لأخيط كفناً مشبعاً بالرطوبة،

فلست أدري بأي صحراء أموت ...

 

أسير بشهيّة زنزانة خاوية، أفتح فمي لرذاذ البحر،

هكذا تدخل الكلمات إلى الجوف

مائيّة ومعقّمةً بالملوحة

لكن القصيدة تجيء مثل الغثيان

مليئةً بالأحشاء والقروح

 

لا يَعْبر الصدى الحدود إلى بلدة الفرح

فالصدى صوتي

و صوتي تفاحة مقشّرة للهزيمة

 

تخيّلت أنّ الإنحناء يكون كافيا لرأب الصدع بين السّرْو والدالية

و أن حكيما يوثّق منذ القديم هفوات الأبديّة

اعتقدت أن الموتى ينظرون إلينا من خروم برزخيّة

و تعلمت منهم تقنية الإنتظار

فلم أصعد مثل أشباهي إلى الجوديّ

فليس لي مهارة الماعز الجبليّ

و أنا أصغر من أن تغرقني يد الله ...

يكفيني أن أجير فراشةً من سطوة الريح

لكي أعلن أنّي انتصرت ...

***

ياسين الخراساني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم