صحيفة المثقف

أخاف لأكون

ياسين الخراسانيأخاف من فناء الخوفِ

بطاقة الهوية ودليل الوجود

لمن عُطّلت فيه حاسّة الشم والضحك

والتذمّر من جهامة السماءِ،

أخاف على يدي من البياض

لأن مثلها يعاف فرشاة الألوان

ولا تُصيب حروفها السطر ونقاط النهايةِ،

لا أريد لها كناية من أرض العمالقةِ

هي أنفاس جياد البريةِ

حرناء وتأكل من الغيم والمطرِ

ما يسد حاجتها من البكاء

 

أخشى تعب الفراشة التي تزيح الحجارة عن مجرى النهرِ

أخاف من أسئلة الصِبى الضائعة والوشْك على الحقيقةِ

وتمرد القراصنة في حكايا الطفولةِ

وشفاء الظل من عُقدة الشمس ...

أخاف من قمرين

من حكايا الجدةِ

وخِناق طوق الياسمين

واحتباس الهواء أثناء الضحك

والنوم على صخرة الحلمِ

والنهوض في أغلال الليل

 

أخشى شحّ الملائكةِ:

هل ألقي نظرةً على فؤادي في الجنةِ

ففؤاد المرء لا يُحرق من الحزن مرتين

 

أخشى تجرؤ الغد على طفولة اليومِ:

ستلوح إليّ بالبياض المختلس من لفيف القطن،

سَأَدُس من أهوال الصغر ما يُخفف من سأم الانتظار،

فلا تبطئ إليّ

أنا أنت وأنت أنا من غير حمرة الخد

 

أخاف من احتمال الحب الذي يُصدِئ في القلب معاول الذكريات،

ومن ضحك المتابع للعرض:

سئمت هذا البطل الغبي الذي قايض مطرقة إله الشمال

بمسمار في جدار الآدمية

 

أخاف من انقضاء الخوف،

من حسن الطالع والتمدد تحت الشمس وأوقية السنابل

أخاف من ارتباك الهوية لقطرة ماء بين النهر والبحرِ

أخاف من الفراغ على أسرة الدببة الثلاثةِ

ومن تباطؤ الطير الأخير في السّربِ

أخاف من التنفس أمام الريح لكي لا أدفع بها إلى أحضان العاصفةِ

بأثر الفراشةِ

ومن توقف الإحتمالات باليقين الأخيرِ،

أخاف من غضب الملائكة من وقاحتي

وغضب الكلمات من الحياء في اللغةِ

أخشى توقف القصيدة فهي كل ما يبطئ موتي:

غمامةٌ تحجب الشمس عن القمحِ

إلى حين قطاف العمرِ ...

***

ياسين الخراساني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم