صحيفة المثقف

أُرْجوحةٌ بين الحُلْمِ والذكرى

مصطفى عليهاهُنا في شُرْفةِ الدارِ وحيداً يحتسي

قهْوةَ الصُبْحِ فيأتي من بعيدْ

صوْتُ فيروز الصباحْ

 

وشَّحتْهُ غيمةٌ حُبلى

بياقوت الرُؤى دُونَ وشاحْ

 

خضّبّ الريشَ خيالاً

من لَمى قوْسِ قزحْ

فإزدهى ريشُ الخوافي والجناحْ

 

وإعتلى زهوًا سنامَ الريحِ

مأخوذاً بأصداء الرِياحْ

 

حطَّ قُرْبَ النبْعِ

مسحورًا وتوّاقاً الى

غيهبِ الذكرى مجازاً وإستراحْ

 

أدركَ المعْنى مُوَشّىً بالجراحْ

 

حيثُ صارَ الشوقُ شعراً

وكلاماً لازَوَرْدِيّاً مُباحْ

***

نوْرسٌ من صدرِهِ المكْلومِ

قد فرَّ وطارْ

 

لِسَماءِ الجنّةِ الأولى

وعشقِ النظرةِ الخجلى

بريئاً مِثْلَ أضواءِ النهارْ

 

شهرزادُ الأمسِ صمْتاً

لمْلَمَتْ أسرارها وإرْتَحلتْ

 

ومضى في هوْدَجِ الذكرى

يُغنّي صادِحاً

لا مَليكا للهوى لا شهْرَيارْ

 

يرْشفُ الكأْسَ نبيذاً من جَنى

كهْرماناتِ الخوابي والجِرارْ

 

قرّرَ الحادي رَحيلاً ومتى

أبصرَ المفتون ما بعدَ القرارْ

 

أيُّها الموْتورُ في صدري تَمهّلْ وإتّئدْ

ربّما صِرْتَ غريباً رُبَّما

صدّتْكَ سلمى والأغاني والديارْ

***

ياغزالَ الروحِ يا سحْرَ الهوى بَلْ قيْدَهُ

قد أضعْناكَ فتهْنا

في خطى ليْلِ السُراةْ

 

ليسَ مُضناكِ غريباً إنّما

هدّه طولُ النوى والإغترابْ

في حِمى الرومِ وفي دنيا المنافي والشتات

 

رُدّهُ أسرابَ وهْمٍ

فَوْقَ غاباتِ النخيلِ الباسقاتْ

 

أٓهِ من هوْلِ الصدى والسافيات

جفّفتْ دمعَ السواقي

وجرى دمع الندامى

من عيونِ الساقياتْ

 

حانةُ العُشّاقِ ليلاً تتوارى

بين نجمٍ آفِلٍ في بُرْجهِ

ونديمٍ خلَّفَ الذكرى وماتْ

 

حلّقَ القلبُ بعيداً في المدى

حتى إرتوى

حين مرّتْ مِثْلَ طيفٍ عابرٍ

تيكَ الليالي العابراتْ

 

رائِياً وَقْعَ الخُطى في روحِهِ

نغماً ينْقدُّ من قَدْحِ السنينِ المورياتْ

 

فإقرأي فنجانَهُ المقلوبَ في كُلِّ اللغاتْ

 

وإمنحيهِ وردةً بيضاء صُبْحاً

رُبَّما تحيي الرُفاةْ

 

غادرتْ أحلامهُ الجذلى شواطي

قلبِهِ المهجور صمتًا فإبتدا

يحرثُ الستّينَ بحثاً عن بقايا الذكرياتْ

 

في غيابِ الحُلْمِ قسْراً وخريفِ الأُمْنياتْ

ترتدي الذكرى حضوراً زاهياً

كَمَواعيدِ الهوى والأُغْنياتْ

 

علّهُ يفْتضُّ شعراً للمها

كلّما مسّتْ عيونٌ

قلبَهُ الغافي على جسْرِ الهوى

يتدلّى في مهبِّ الريشِ عِشْقاً

من شفا دجلةَ حتى

جرفَ قلبي والفراتْ

 

فَتَمهّلْ أيُّها الساقي وهاتْ

من نبيذِ الروحِ كأساً فَلَقدْ

غابَ الندامى والخزامى

بعدما شَحَّ السقاةْ

 

وإمْلأ الدُنيا غناءاً مثلما

عندليبٍ حنَّ للحقلِ

وجودِ السُنبلاتْ

 

وإنتظرْني يارفيق الدربِ حتى

نشعلَ المشوارَ نوراً في دروبٍ

موحشاتْ

 

وإملأ الأكوابَ من دمعِ الدوالي والكروم

 

نَخْبَ من حيّا نهاراً

آخِرَ العُنقودِ في قلبِ الحياةْ

 

وَتَرجْلْ  أيُّها القاضي وغادرْ حانتي

 قد يجودُ النخلُ تمراً حالما

يهزمُ البُستانُ أسيافَ القُضاةْ

***

مصطفى علي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم