صحيفة المثقف

النزعة الجمالية للذات

عقيل العبودكيف لنا ان نستقرئ حقيقة النزعة الجمالية للوجود الإنساني للذات، وما هي الأسس، والمكونات، التي تعتمد عليها هذه الحقيقة؟

مما لا شك فيه انَّ هنالكَ التزامات، وقوانين لها علاقة بحقيقة الوجود الإنساني للذات، وهذه الإلتزامات تفرض أنماط قيودها، بناء على حقيقة التفاعل الإنثروبولوجي لهذا الوجود، بمعنى الخط، أوالحقبات الزمنية المرتبطة بتطور الإنسان، وعلاقة هذا التطور بثقافات المجتمع الذي ينتمي إليه كاللغة، والمعتقد، والإرث الحضاري، والعلاقات الإجتماعية، وتلك أُسيَّات، وجذور مهمة في تكوين الجانب السايكولوجي، والاجتماعي للشخصية.

وهذا التفاعل يرتبط بمقولتين الأولى؛ العقل، والثانية الذات، أما العقل فهو طريقة التفكير، الذي يفرض أنماط علاقاته المتنوعة مع الأشياء، والموضوعات، وكافة المسميات، بما فيها المجتمع.

ومن هنا يصبح للوجود الإجتماعي، ما يتعلق منه ب <قانون الذات> دورا أساسياً في تفويض العقل لخوض تجربة إرتباطه المعرفي، والاجتماعي، والأخلاقي وفقا لأبجديات المنظومة الاجتماعية، التي تخضع لتفاعل القيم، والمعايير التاريخية، والبايولوجية.

وهذا يدخل في دراسات التطوير الذاتي، والتنمية، ما يتعلق منها بالقدرات، والمؤهلات، والإمكانيات الخاصة بالذات، ما يدخل اليوم في موضوعة ما يسمى ببرامج التنمية والتطوير البشري.

فالإنسان بحسب نظريات علم الإجتماع، كائن بايولوجي اجتماعي، بمعنى ان هنالك قانونين، الأول يرتبط بالجينات الوراثية لهذا الكائن، وهذا له علاقة بتاريخ التطور الإجتماعي للإنسان، بناء على تأثير الطفرات الوراثية الجينية للعائلة، والنسب، والقبيلة. والثاني يرتبط بحقيقة الوجود الإجتماعي بناء على افرازات الثقافة الاجتماعية لمكونات القيم الاخلاقية، والثقافية لهذا الإنسان.

ومنه تنصرف سياقات النظريات الإجتماعية الخاصة بطبيعة الشخصية، ما يرتبط بنزوعها الى الحرية، والحياة والأمل، والتحدي، والتعلم، والميل للشعور بالأمن، بناء على نظام ضبط الذات، والإلتزام بالقانون، واحترام المجتمع.

ومما لا يخفى ان لكل مجتمع ثقافة، وتاريخ، وحضارة وطقوس، وغير ذلك من المكونات ما يسمى بالنظام الإجتماعي.

ومن الضروري الإشارة الى ان حقيقة التفاعل السايكولوجي بين الإنسان، والمجتمع، اي مدى التقبل والتطبع، والتعايش مع منظومة القيم، والجوانب السلوكية للذات يخضع للتأثيرات البيئية، وهذه التأثيرات تشتمل على البيئة البايولوجية، والبيئة الإجتماعية، والبيئة البايولوجية هنا تخص الإرتباط الجيني للعائلة، اما البيئة الإجتماعية فتتلخص بعلاقة الإنسان مع الآخرين.

والبيئتان هما أساس تكون الشخصية، ما يسمى بالقانون السايكولوجي. والمشاعر هنا تخضع لهذا القانون.

فشخصية الإنسان من حيث المبدأ، والتصرف تتأثر تأثرا كبيراً بالطبيعة السايكولوجية للمجتمع.

وهذه الطبيعة تتأثر بعوامل خارجية، وداخلية، ومن ضمنها طبيعة العلاقات الاجتماعية للأسرة، بما في ذلك أنماط العيش، والثقافة، فإبن الريف مثلاً، يتأثر بموضوع الزراعة، والأرض، والحشمة في ما يتعلق بموضوع العلاقة مع المرأة مثلا كنمط من أنماط القيم الاجتماعية، بينما ابن المدينة، تراه يعيش في مساحة أوسع، وعلاقات اوسع.

 وعليه تكون القيود التي تترتب على طبيعة العلاقات الإجتماعية الخاصة بابن المدينة، أقل من قيود أبن الريف.

وهذا البحث تكمن أهميته في تشخيص الملابسات الخاصة بتتبع السلوك، والشخصية، بما يفرض على المعنيين دراسة العوامل السايكولوجية، ووضع برامج ثقافية، وإعلامية تفيد في تحفيز العوامل المؤثرة لدى الفرد، والمجتمع بما يتناسب والحاجة الى استخلاص البعد الجمالي لتطوير الشخصية، والحياة، والمجتمع من خلال هذا النمط من البحث والاستقراء.

 

عقيل العبود

ماجستير فلسفة وعلم الأديان:  جامعة سان دييغو باحث اجتماعي 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم