صحيفة المثقف

الكاظمي.. كن او لا تكن!!

متي كلومن اشهر عبارات في الادب العالمي، كتبها الشاعر الانكليزي الكبير ويليام شكسبير منذ اكثر من اربعة قرون"أكون أو لا أكون، هذا هو السؤال" على لسان شخصية هاملت في المسرحية التي حملت اسمه، واختلف الكثيرين في تفسير هذه المقولة، ولكن في مقالنا هذا نقصد من يواجه اتخاذ القرارات الحاسمة في عمله او منصبه وخاصة اذا كان عمله في السياسة، اي موقع قيادي في الدولة برؤية ايجابية او سلبية وتاثيرها على مستقبله السياسي ومستقبل البلد وخاصة في الدول التي يطلق عليها بالدول النامية مثل العراق ورئيس مجلس وزرائها مصطفى الكاظمي.

كلنا نعلم بان اختيار الكاظمي جاء بعد المظاهرات التي اجتاحت بغداد والمدن العراقية الاخرى والتي ادت الى استقالة عادل عبدالمهدي، وان تمرير حكومة مصطفى الكاظمي جاء على مضض من قبل الاحزاب الاسلامية وذلك لامتصاص بعض من غضب الشارع العراقي ومظاهراته منذ تشرين 2019 والتي استشهد فيها عدة مئات من الشباب الثائر وجرح الالاف منهم، كما يقال بان الموافقة على الكاظمي كان مقترنا بشروط لفترة وهي بين تاريخ اختياره رئيسا للحكومة لغاية اجراء الانتخابات المبكرة والتي حددها اخيرا في شهر حزيران من عام 2021، الجميع يعلم بان في مقدمة برنامج حكومة الكاظمي كان اولها القضاء على السلاح المنفلت الذي تملكه الميلشيات التابعة للاحزاب الاسلامية والذي بلغ عدده يفوق ما يملكه الجيش العراقي من السلاح الخفيف والمتوسط ولكن اغلب قادة المؤسسة العسكرية انتمائهم الى الاحزاب المتنفذة والتي تحكم العراق منذ 2003 واغلبهم تم ترقيتهم برتب اعلى كما كان في عهد صدام حسين وهي منح الرتب  وفق الولاء الى النظام، اما الثاني في برنامج حكومة الكاظمي، هو القضاء على الفساد، والسؤال هنا هل استطاع خلال هذه الفترة اي منذ توليه السلطة في شهر ايار الماضي الى الان وقد ورث تركة منها اقتصادا منهارا وانخفاضا كبيرا في عائدات النفط وازدياد البطالة ان يحقق شيئا من برنامجه ! وعندما اراد الكاظمي ان يبدأ باول خطوة في القضاء على السلاح المنفلت فكانت حادثة"الدورة" واعتقال 14 من عناصر احدى المليشيات ولكن ماذا كانت النتيجة! كانت النتيجة انتشارمئات من عناصر كتائب حزب الله العراقي في شوارع بغداد والاحياء القريبة من المنطقة الخضراء وهم يحملون الاسلحة الخفيفة والمتوسطة منددين بالكاظمي ومتوعدين بالانتقام! فكانت اول تجربة فاشلة لتطبيق برنامجه الحكومي، وكان اول فوز للميلشيات واول خسارة للكاظمي.

في عهده عادت المظاهرات في ارجاء البلاد واغتيال الناشطين والاعلاميين في وضح النهار ومنهم الاعلامي هاشم الهاشمي الذي التحق بقائمة شهداء الفكر الحر الذين فقدوا حياتهم بسبب صراحتهم ونقدهم من اجل عراق جديد ديمقراطي، تعهد الكاظمي للرائ العام امام عائلة الهاشمي بالقاء القبض على مرتكبي الجريمة خلال 72 ساعة لكن مرت اسابيع بدون ان يلقي القبض على اي قاتل بل اعتبرها المحللون السياسيون رسالة تحدي للكاظمي، وتبعتها اغتيالات اخرى، اخرها الشهيدة ريهام يعقوب الذي تعهد الكاظمي ايضا خلال زيارته إلى منزل عائلتها بمحاسبة قتلتها  وجميع اصابع الاتهام تشير نحو المليشيات التي تملك المال والسلاح !!

 قبل تولي الكاظمي للحكومة كانت بعض الفصائل المسلحة  تقوم بهجمات صاروخية نحو معسكرات عراقية يتواجد فيها قوات امريكية بدون ان تعلن عن هويتها ولكن في الفترة الاخيرة اصبحت هذه الفصائل تعلن جهارا عن هويتها بدون ان يستطيع الكاظمي محاسبتها بل حتى التطرق اليها مثل عصبة الثائرين واصحاب الكهف، ونشروا رسائل تهديد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وهو تحدي اخر لحكومة الكاظمي ومؤسساتها الامنية، وسيبقى هذا التحدي ما لم يستطيع الكاظمي التصدي لهؤلاء المسلحون والقاء القبض عليهم واحالتهم الى القضاء العادل الغير المسيس، فهل يستطيع ذلك! هل يستطيع ان "يكن"

نعتقد بان المليشيات سوف تبقى تتصدى بدون رهبة او خوف لانها خارج القانون وفي الحقيقة لا يعينها القانون! بالرغم من هذه المليشيات تتعرض لغضب شعبي من الشعب العراقي الذي يرغب بحياة مستقرة وبلد امن يسوده السلام والطمأنينة بعيدا عن الصراعات المذهبية او الطائفية او الاقليمية، لكن هناك بعض المليشيات ولائها ليس للعراق بل لدول اخرى بشكل متطرف ولهذا نجد حالة من عدم الاستقرار في انحاء البلاد،فنجد الفوضى ليس في انفلات السلاح فقط ، بل انفلات في كافة مفاصل الحياة ، وامام هذا المشهد على الساحة السياسية في العراق،لم يستطيع مصطفى الكاظمي على اتخاذ قرارا صائبا من اجل الاستقرار والتخلص من الفوضى و سلاح المليشيات.

بالرغم من زيارة الكاظمي للولايات المتحدة الامريكية، حيث اعتبرها اغلبية المحللين السياسيين والصحافة العالمية زيارة ناجحة بكافة المقاييس من خلال توقيع اتفاقات تفاهم بين البلدين "اذا نفذت" ولكن هناك من الاحزاب السياسية الاسلامية العراقية من لوح بان هذه الزيارة لم تلبي مطلب هذه الاحزاب ومليشياتها ومنهم قيس الخزعلي زعيم عصائب اهل الحق والذي هدد الكاظمي علنا عدة مرات، حيث قال ان الوفد العراقي الى واشنطن لم يكن مهتما بملف الانسحاب الامريكي ثم تبعه النائب مختار الموسوي من "الفتح" حيث قال"تنصل الكاظمي عن اخراج القوات الاجنبية، سيجعل الشعب امام خيار المقاومة واخراج المحتل" بالرغم من ان الرئيس الامريكي صرح اثناء المحادثات مع الوفد العراقي بان القوات الامريكية سوف تغادر العراق خلال ثلاث سنوات، فكيف يتصرف الكاظمي امام هذا التهديد! مع العلم بان ترامب قال في مؤتمره الصحفي "من يضربنا نضربه" فهل الكاظمي "يكون"ويتصدى للمليشيات وسلاحها ام "لا يكون" ويترك الامور معلقة الى نهاية رئاسته للحكومة وينظم الى شلة رؤساء وزراء العراق السابقين من ابراهيم الجعفري ونوري المالكي وحيدر العبادي الى عادل عبدالمهدي ! ام يترك القوات الامريكية ترد على اسلحة المليشيات بدون علمه "هذا هو السؤال".

 

متي كلو

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم