صحيفة المثقف

دروس مجلَّة "قضايا إسلاميَّة مُعاصِرَة"

لؤي خزعل جبرعِندما تكون مع أساتذتك في مجلَّة حقيقيَّة

د. لؤي خزعل جبر1

أنا أكتُب وأنشُر مُنذُ أكثَر مِن (15) سنة، وقد نشرت عشرات الأبحاث والمقالات في عشرات المجلَّات الأكاديميَّة والثقافيَّة، العراقيَّة والعربيَّة، وعلى الرغم من اعتزازي البالِغ بكل تلك المجلَّات، إلا أنني لم أبتهِج وأشعر بشعور غريب من الاعتزاز كما حصلَ الآن عند نشرِ دراسةٍ لي في "مجلَّة قضايا إسلاميَّة مُعاصِرَة". وذلك لسببين شخصيين ومعرفيين في الوقت ذاته.

أساتذتي

1802 محمد مجتهد شبستريمنذُ ما يزيد على العقدين وأنا شغوفٌ بالفكر الإسلامي، بكل مجالاتِهِ وتنوعاتِهِ، مُحِبٌ لمفكريهِ بكل اتجاهاتِهِم، التقليديَّة والتحديثيَّة، ومِن أولئِك المفكرين الذين تشرَّفت بالتلمذةِ على كتاباتِهِم: "مصطفى ملكيان" و"محمد مُجتهِد شبستري" و"عبد الجبار الرِفاعي"، وكانَت لهم بصماتٍ عميقة في تكويني المعرفي، وكما هو مع جميع المفكرين، يبقون – مهما اختلفت أو اتفقت مع بعض أفكارِهم – أساتذتي، وأبقى تلميذهم مهما بلغت، وأُجلُّهم بشكلٍ يفوق الوصف، لاسيما مع منجزاتهم الفكريَّة الغنيَّة، التي حرَّكَت السكون المُهيمِن على واقعنا الثقافي، كما يرتبطون في ذاكرتي بسنواتٍ طويلة من الرفقة المعرفيَّة، حيث الكُتب الممنوعَة، والنُسخ المُصوَّرَة، التي كُنا ننتظرها بشوق، ونتداولها خفيَة، ونقرأها بشغف، والتي فتحَت لنا آفاقاً في الوعي جديدة وجريئة. فأن يوضع إسمي إلى جانب هؤلاء فهذا – بالنسبة لي – تكريمٌ ما بعدَهُ تكريم.

المجلَّة الحقيقيَّة

1803  مصطفى ملكيانكثيرة هي المجلات، في العراق والعالَم العربي، بين مجلات ثقافية عامة لمؤسسات غير رسميَّة، ومجلات أكاديميَّة جامعيَّة، إلا إنَّ الأغلَب – ولا أقول الكُل – بلا قيمة معرفيَّة حقيقيَّة، فالمجلات الأكاديميَّة – مثلاً – في الجامعات العراقية ما هي إلا مجلات وظيفية إدارية، تنشر فيها البحوث لأغراضٍ إداريَّة، كالتقييمات السنوية والترقيات العلمية، وغائِبَة بالكامِل عن التداول العلمي، فضلاً عن الثقافي، فضلاً عن المجتمعي، بل هي أكداس في رفوف منسيَّة، ولا أريد التحدُّث عن المضمون لأن ذلك يشيب له الرضيع.

1792 قضايا اسلامية معاصرة 1 أما الثقافيَّة العامة فهي – في الغالب – بروتوكوليَّة، مفتوحَة لمن هبَّ ودبَّ، بلا رسالَة واضحة، ولا مشروع محدد، ولا تواصل. في هذا السياق تبرز مجلَّة متخصصة بالفكر الإسلامي الحديث، بطباعة بسيطة، وبجهودِ رجلٍ واحِد (الدكتور عبد الجبار الرفاعي)، تتواصَل – بانتظام – على مدى (23) سنة إلى الآن، وتكون بذات المستوى الرصين على امتداد كل ذلك الزمن، وتستكتِب أعاظِم المتخصصين، وتفتح أخطر الملفَّات الساخِنَة، وتُساهِم في تشكيلِ وعي فئة من جيلٍ بأكمَلِهِ، على امتداد البلدان الإسلاميَّة، ولا تتنازَل عن مبدئيتها و"صرامتها" المعرفيَّة، ولا تُسِف، بل تُصر على العُمق والجِدَّة والجديَّة، ولا تنزَلِق – في سياق الواقع الذي يموج بالاضطرابات والتفاهات – إلى "التسطيح" أو "التجهيل"، بل تتحوَّل إلى "مراجِع"، ولا تنهزِم أمام الضغوط التنظيمية والاقتصاديَّة، بل تستمر برساليَّة إيثاريَّة مُخلِصَةٍ واستثنائيَّة، فهذهِ المجلَّة علامَةٌ فارِقَة بلا شك. وأنا نشأتُ على هذهِ المجلَّة، التي انطلقت وعُمري (17) سنة، وكُنتُ قد ولجتُ آنذاك عالَم الفكر، فتلقفتها مُنذُ عددها الأوَّل (الذي صدر في 1997)، وشكَّلَت رافِداً من روافِد معرفتي بالفكر الإسلامي وإشكاليَّاتِهِ ومباحثه. فأن أكون أحد كُتاب هذهِ المجلَّة – وأنا تلميذها – فذلك موضع اعتزاز كبير.

1803  الرفاعي حج 2004م

أستاذي الدكتور عبد الجبار الرفاعي، ولا أقول أستاذي تأدُّباً، بل فِعلاً وبكل ما للكلمة من معنى، بورِكَت جهودُك الفريدَة، فأنتَ – بمؤلفاتِكَ وترجماتِكَ ومجلَّتُكَ العتيدَة – أسهَمتَ مُساهَمةً حقيقيَّة في بناءِ سياقات فكريَّة تنويريَّة، ستؤتي ثمارها – حتماً – في صناعَةِ إنسانٍ أفضَل، وعالَمٍ أفضَل. شكراً لأنَّك أتحتَ لي أن أُساهِم – ولو بدرجة بسيطة قد لا تكادُ تذكر – في هذا الفضاء الحقيقي والنقي.

 1792 قضايا اسلامية معاصرة 3

  د. لؤي خزعل جبر

 أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة المثنى في العراق.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم