صحيفة المثقف

على شفا ماضٍ هار

حيدر جاسم المشكورتمطرُ الدنيا بصرةً بصرةً

وتضاء الجنوب بزيت النخيل

وأكثر من نصف الشعب يبحث عن خبز

القمحُ والنفطُ على سفرةِ الحاكم

والسوقُ مكتظة بالشُّراة

وجيوبُ الشعبِ متخمةٌ بالهوى والخيال

أبٌ مَجَلت يداه وهو يخصف نعل الحلال

وطفله ينتظر كيس الخيش و(الخرخاش)

وابنه الشابُ مفلسُ المستقبل ينسج اشرعة الهجرة

صوب أملٍ مدججٍ بالضياع

وابنته التي تزوجت قبل شهرين نذرت صداقها للبقاء

في كنفِ زوجٍ تعاطى عقاقير الجزيرة

وموبقات التكفير

البيتُ من سبعينيات القرن المنصرم

مرت عليه ثلاثة حروب

وثلاثون هجرة حتى استوطنته الاشباح

ألفُ دعاء وعشرون تميمة

وما زال يعلو صوت البكاء من المجهول

اُعدِم الابنُ الكبيرُ لأنه قال: لا

وكررها بإيمان

وكم كانت تكلف مفردات الجحد

من رؤوس ومشانق

وتلاه اخوه المجنون حتى صُلِب

وأكل الطير من رأسه

في بلد أُحكِم بالحديد والاكسيد

يقال إن بلدي غارقة بالنفط

فما بالنا غرقى بإفلاس

وارضي الواسعة الكبيرة

لم تمنحني بعد زريبة المُوَاطَنَة

خمسون عاماً والحلم كالكابوس بالأرض

بيتٌ مشيدٌ من صفائح (التنك)

وشباكٌ يطلُّ على نهر يزخرُ بالجيّف

وفي رأس الشارعِ عيون

نفسُ المخبرِ ونفسُ الطاس

من اودى بهذا البلدِ

ووالدٍ وما ولد لهذا الانحدار

مواطن على شفا ماضٍ هار

وحاضر امنياته كوابيس

يتمنى لو أبدل جلدة قلبه بنعل

ولا عشق يوماً ولا مال

وما زال يا سيدتي النفط يلامس الجداول

وتُغرس الأرض بالجوع

ونحن نغرقُ بضحالة القرار

السلطان يُفتي بتقنين الطعام

والاصوات الحرة تطالب الاسراف بالعدس

والقانون لا يحمي الشجر والعصافير

خريفٌ وتيهٌ وضلال

واجلف من الصحراء صارت قلوبنا

واعناقنا تطاول الدخان بالآمال..

***

حيدر جاسم المشكور

العراق/ البصرة

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم