صحيفة المثقف

أنا والشبيه (3)

قصي الشيخ عسكرالنشيد الرابع عشر

لابدّ أن أبحث عن حب جديد

عن أخرى أكتب عنها شعرا

أستطيع أن أنشره

فيصبح لي ديوانان: واحد مخفي وآخر منشور

مثل مدينتي التنومة تماما. 

أمّ عدي:

مرّت السنتان اللتان كدت أهلك فيهما بسلام.

أموت :من الرعب

الشبهة .. الخوف.. الحرب .. أم الخيال.

كانت أمي تلاحظ شرودي باهتمام. تعرف السبب وتتجاهل. أحيانا يدفعها حنانها لمواجهتي. تقول يا ولدي احمد الله على أنه خلصك منها. بنت من غير ديننا. واحمد الله أنك لم تغوها كي تهرب معك وإلا كنّا نواجه مصيبة تعجز العشائر عن حلّها،وفي هذه الأثناء كانت هناك زيارات بين والدتي وجارتنا أم خيرية. أحيانا كانت الجارة تصحب ابنتها التي تخرجت،فأصبحت معلمة في إحدى مدارس الفاو. ذات يوم بعد مغادرة أم خيرية وابنتهاخاطبت أمي أختي والكلام بلا شكّ يعنيني:

خيرية أخلاق وجمال. حسن وطول فارع مثل النخلة. يا بخت الذي تكون من نصيبه.

فقالت أختي بلمز:

والله أسألي كل ذي لب أن كان هناك بعد عقل لدى الآخرين.

وردّ أخي المتدين:

عائلة محترمة شرف وأخلاق لا عيب فيهم سوى أن عمها بعثي!

فقالت أمي:

أووه كنت أظنك وجدت شيئا معيبا!

فأكد أخي:

أجلّكم الله يقولون عنه عضو!

فزجرته أختي بنكتة:

في هذا الزمن سبحان من لم يجامل أو يصبح بعثيا!

فقال ممازحا أيضا:

يا الله ماشي الحال على الأقل أكثر نظافة ممن لا يختن!

 غير أني مع ذلك لم أحبذ الفكرة. لم أجد أي نقص في خيرية. شابة متعلمة. أصيلة،لكني وإن لم أشف تماما من مرض قديم،فأنا أحب أن أختبر الأشياء بنفسي لا أن يجلبها لي الآخرون. ناهدة. مازلت تعيش معي،ولا بدّ من أن أختار. وليس من باب المصادفة أن أفقد ناهدة،كما إنه ليس مصادفة أن تكون أمي راغبة في فتاة تعرفها.

إنّه القدر ثانية عاد ليقضي بأن يعوضني.

ينتشلني من شرودي،ومعاناة عامين.

وقد رسمت الأقدار ملامح المستقبل للعاشق حين أصبح معاونا بيطريا في مركز بيطرة الفاو. أحتلّ الرتبة الثانية في سلّم الوظيفة بعد الطبيب. م

ازالت مرتبتي هي الثانية مثل اسمي.

ساعات سعيدة عشتها مع الأبقار والخراف،والدجاج والبطّ،والأرانب. نقاء أنساني .. ناهدة وسنوات الحبّ الملتهبة والفراغ وحياة العسكرية التي لا تطاق. عرفت أن لبعض الحيوانات أسماء وللخرفان. الفلاحون اعتزوا ببقراتهم وعجولهم. هذا الحب ورثوه من أجدادهم وآبائهم،فسجّل بعضهم عجلا له في سجلات الإحصاء ظنا منه أنه سوف يحصل على حصة تموين أكبر. يقول أحد الفلاحين إنّ جده سجل العجل في سجلات النفوس،وبعد أعوام أخبرته الدولة أن ضرغاما مطلوب لخدمةالعلم. الفلاح يقول ليس لي عم اسمه ضرغام. أيام زمان وحكايات تنتهي ولا تنتهي،أنا والعجول والخرفان.

نسيان تام للماضي.

أناس آخرون.

كانت هناك سيارة خاصة لدائرة البيطرة. تمرّ على بيت الطبيب ومن ثمّ تأتي لحارتنا. الطبيب حسن طيب القلب،رائق المزاج صاحب نكتة،أزال أيّة كلفة بينه وبيني. عرفت أنه لا يحبذ السياسة ثم اضطر إلى أن يدفع البلاء عن نفسه والشبهة فانضم للحزب.

الحق ّكنت أرى خيرية واقفة تنتظر الحافلة،فوجدتها فرصة مناسبة ثم ترددت. المسؤول عن العربة الطبيب ولم أرد أن استغل صداقته لأمر خاص، وبعد الدوام وجهت الكلام لأمي:

والله يصعب عليّ أن أرى خيرية تقف تنتظر الحافلة ولا أدعوها لأن تستقل السيارة معنا. كان يمكن أن أدعوها..

أعرف تقاليد المجتمع،وأدرك تماما أي ّإحراج أسببه لها. اقتنعت أنها الفتاة المناسبة لي،ولا أريد أن يتمّ الأمر بيد أمي. الحبّ خلق. إبداع. شيء شخصي. لا أرغب في زواج تقليدي.

قلت إن القدر نفسه يتدخل أحيانا فيجعل أمورا نحياها في فوضى، ويرتّب لنا أمورا لم نكن لنفكر بها من قبل. وقد جاءت الفرصة المناسبة. ذات يوم اضطر الطبيب للاعتذار عن مباشرة العمل اليوم التالي،وقد حضرت السيارة لي وحدي،وقبل أن نقترب من موقف الحافلة قلت للسائق جواد:

هذه الآنسة خيرية من معارف والدتي معلمة في الفاو.

أووه دكتور (اعتاد العمال أن يخاطبوني بكلمة دكتور):

أووه دكتور ولو هذا واجب.

فنزلت وخاطبتها بكل لياقة:

آنسة خيرية يمكن أن تستقلّي العربة معنا!

تصرف ربما تقبله أمي على مضض،أما خيرية التي احمرت وجنتاها فردّت:

يمكن أن أسبب لكما إحراجا!

أبدا ليس هناك من إحراج.

صعدت وعلّق السائق جواد:

أهلا وسهلا،والتفت إلي حيث كنت أجلس جنبه مثلما يفعل الدكتور:

الدكتور حسن رجل طيب ذو أخلاق لماذا لا تسأله أن نصحب الأستاذة معنا كلّ يوم.

فقالت بخجل:

شكرا أخي لا داعي لذلك.

وصمتنا ولم ألتفت إليها،سوى أنها حين هبطت من السيارة قلت ملاطفا:

بلغي تحياتي للوالدة.

وتوارت خلف بوابة المدرسة،وكنت إلى هذه اللحظة أعدّ نفسي بدأت الخطوة الأولى. كسرت التقليد الشائع،وتوقعت أن تأتي أم خيرية إلى منزلنا لتشكرني، وصدق حدسي. جاءت مع خيرية.

تأكّدت تماما أني بدأت مشواري الطويل.

وعلي ّأن أبادر بالخطوة الأخرى.

في بالي شيء ما.

ترتيب آخر.

لم تختف ناهدة.

أما عقدة العزلة والصمت فقد انتهت.

مازالت أشعر أن الوقت طويل ولما يحن بعد لكتابة قصيدة عن خيرية.

في المركز بعد أيام اعتذرت عن يوم غد. لم أخبر أهلي أن طلبت إجازة بل نهضت في الوقت المحدد. ارتديت ملابسي، وتناولت فطوري،ثم خرجت.

قصدت موقف الحافلة،فوجدتها تقف في المكان ذاته. ردت على تحيتي:

صباح الخير.

فقطعت الشك باليقين: 

اليوم السيارة عاطلة وسأستقل الحافلة معك. هل أضايقك؟

بالعكس أهلا ومرحبا بك!

جلست جنبها.

لدي كلام كثير. كلام أختصره بعض الأحيان بالنظرات.

ربما سيأتي يوم تنتقلين فيه إلى مدرسة في العشار أو في محلتنا.

يا ليت يسمع الله منك!

فتجرأت وقلت:

لكن الفاو ستصبح كئيبة!

الله هل أنت شاعر!

والله كادت مدّة الخدمة في الجيش تقتل فيّ الشعر.

وصمتنا وقبل أن تهبط إلى المدرسة سألتها:

أية ساعة ينتهي دوامك.

الواحدة.

سأستأذن قبل ساعة فهل تمانعين أن نعود معا.

أبدا لا كما تحب!

تراقصت أنغام وغرّدت طيور،أيضا وجدت الوقت ثقيلا،فأين أمضي ولا رغبة لي في الذهاب إلى العشار والعودة مرة أخرى إلى الفاو. الوقت بطيء وبعيد. ثقيل وخفيف،توقفت السيارة في الشارع الرئيس على بعد مسافة من دائرة البيطرة. ولم يكن هناك أمامي سوى الهبوط باتجاه النهر. نزلت درجات عند الساحل،ورحت أراقب البواخر والزوارق الصغيرة وهي تجتاز النهر من أضيق نقطة. لقد بدا لي النهر أليفا ألفة حمام ينوح بين سعفات النخل. ضيق مثل خصر فتاة رشيقة. كان يشيع فيّ الرعب بساحليه المتقابلين عند التنومة أو بفمه الواسع الكبير في مصب الخليج،لكنه هنا حيث الضيق المتناهي،وعبادان أمامي والجرف الآخر ببناياته العالية ودخان مداخنه يوحي إليّ بألفة حميمة تشيع الراحة في نفسي.

وددت لو كتبت شعرا.

والوقت طويل.

مازال الضحى،والظهيرة لا تلوح من بعد.

الحزن يتزحزح عن صدري.

والماضي نفسه يذوب في أشعة الشمس.

راح النهر يغسل أحزاني بانتظار أن تحين الساعة فلا أعود وحدي بل معها.

النشيد الخامس عشر

الموت ذلك الزائر الغريب

المعروف والمجهول

لا يأتي قط مرّتين

مع ذلك نراه كلّ يوم في أي مكان يشاء

الصورة والفرشاة

لوحات وأخي سامي ثم الذكرى الموعودة يوم 15 -6 -1995

هل يتحقق في عام 1995 ما تحقق عام 1963 أمام مقرّ الحرس يوم كنت في العاشرة من عمري حينها لم أكن أحمل اسم الرئيس ولا كنيته. قبل أن أنساق مع التاريخ الذي بقي عالقا في ذاكرتي ووداع أخي سامي الذي يصغرني بسنتين إلى الكويت،وكأني لا أعلم أني أفارقه الفراق الأبديّ. كان سامي مغرما بالرسم لا يعشق غيره ولا يهتمّ بفن آخر سواه،ومن المفارقات العجيبة أن عمّا لنا شجعه على القدوم إلى الكويت،والعيش هناك. وقد قرأت الرغبة في الرحيل بعيني سامي ورأيتها تزداد كلما زارنا عمي يوم الخميس،فأسمعه يؤكّد لأمّي أنّ سامي سيكون في موضع بين عينيه فلا داعي لأن تقلق.

اتفق عمي وسامي على خطة يديرها مهربون قديرون. فصحبت أخي إلى صفوان،لا أذكر اليوم غير أن عام 1970 بقي علقا في ذهني حيث رأيت فيما بعد أن العام كلّه تلاشى بيوم واحد. وفق الخطة تلك جلسنا في مقهى لا يبعد كثيرا عن نقطة التفتيش. بقينا ننتظر أكثر من ساعة حتى قدم شخصان أحدهما في الخمسين من عمره والثاني شاب في الثلاثين. توجه لنا بالسؤال:

أنت سامي فهد؟

ساورني شك ففال أخي:

كيف عرفتني؟

نحن من قبل عمك. مرحبا بك ستسير معنا.

أدركت أنهما مهرّبان يعرفهما عمي،وزادني يقينا أننا حين خرجنا من المقهى وجدنا أربعة شباب ينتظرون،في الوقت نفسه خاطبني الرجل الخمسيني:

هنا يجب أن تترك أخاك معنا وتعود من حيث أتيت.

لقد سار كلّ شيء بسرعة مذهلة مريبة. العناق. القبل.. كنت أودع لحظة تختصر السنوات بين عامي 1970 و 1995 فأتأمّل لحظة صفوان والفراق،فيما بعد أخبرني عمي أن أخي الموهوب اشتغل في إحدى الشركات يمارس هوايته الرسم التي لا يعرف غيرها،وكان وهو ابن الخامسة عشرة من العمر يبعث بيد عمي أحيانا بنقود إلى أمي،وحين اندلعت حرب العراق وإيران سارع ودفع البدل النقدي عن الخدمة العسكرية ليتحاشى أي مشاكل هو في غنى عنها.

سررنا جميعا لنجاح سامي وشهرته،وتابعنا أخباره فعرفنا أنه شارك في أكثر من معرض خارج الكويت وأن الشركة التي يعمل فيها اعتمدت رسوماته في إنتاجها وإعلامها حتى حدث أمر ما فغادر أخي سامي الكويت إلى الإمارات إذ تعاقد مع شركة معروفة وفتح مرسما خاصا به.

ذات يوم اتصل بنا من أبي ظبي ليقول أنه سيتجه إلى إسبانيا ومعه الكثير من لوحاته،فهناك معرض شهير للرسم دعي إليه يشترك فيه بعض الرسامين من بعض الدول. أفرحنا الخبر بقدر ما ترك انطباعا قاتما على وجه أمّي. فبعد عودته كان يحدثنا عن نجاحه الفني وتقدير النقاد الأسبان له،فوجئنا بعد أسبوع بوفاته.

 صدمت حقّا

علامة فارقة بحياتي والتفاتة إلى يوم الوداع في صفوان

مستشفى أبو ظبي يذكر أنه توفي بالسكتة القلبية.. الأمر الذي بعث الشكّ في نفسي فأخي سامي لم يتجاوز الأربعين من عمره،أمّي تذرف دمعة وحسرة وتقول كيف لي أن أزور مقبرة أبي ظبي وأنا في هذه السنّ لأشعل له بخورا وأوقد بعض الشموع.

وأنا لا أقدر أن أحوز من سفارة الإمارات على تصريح فأقصد مقبرة أبي ظبي.

وازدادت شكوكي حول مصرع أخي الغامض ثم تأكّدت بعد سقوط بغداد..

أحد أصدقاء سامي في الإمارات من الأهواز يعمل معه مخرجا في الشركة ذاتها مرّ على بيتنا وهو وهو في طريقه إلى كربلاء فاجأنا بوصف جديد أكدّ أن بعضا من رحال المخابرات زاروا سامي في شقته بعد عودته من أسبانيا بيومين ثم تلاها أن داهموه في مرسمه وأطلقوا النار عليه.

لعل الخبر يبدو غريبا

لكن ما مصلحة الإمارات في أن تخفي سبب الوفاة الحقيقي والحادث وقع بعد احتلال العراق للكويت وانقلاب دول الخليج عليه

أسئلة لما تزل تدور بذهني

غير أني أدرك أني ودعت سامي إلى الأبد في صفوان وكان هناك هاجس يلحّ عليّ في أني لن أراه قطّ

أما طريقة موته فلم تعد تشغلني بقدر ما أحاول أن أرسم صورة لقبره وهو القبر الوحيد الذي لم يزره أحد من عائلتنا في تلك المقبرة البعيدة التي لا أستطيع الوصول إليها.

 

النشيد السادس عشر

يأتون إليك من كلّ مكان

أحيانا يزجّون أنفسهم بأنفاسك

فتراهم ولاتراهم

وليسوا سوى خيول مرعبة في كابوس أبدي يداهمك خلال الحلم

فلا أنت تقدر أن تغادر النوم طوعا

ولا الليل يقدر أن يتلاشى

أنا واسمي ثانية والكويت

مثلما ظهر اسمي في مباراة قطر يوم المسدس المشهود أجد نفسي وسط دوامة الاحتلال والانسحاب. احتل العراق الكويت،فكان الذي احتلها أبا عدي،فلا يتعجلن أحد الاحداث. إنها سوف تأتي مطابقة لما أقوله تماما. لكن الذي يهمني هو الانسحاب بحد ذاته.

لم يلتفت إليّ أحد حين دخلت القوات العراقية الكويت.

بل

كاد يلتفت إليّ الجنود الكويتيون الذين دخلوا العراق ساعة الانسحاب. كان المتظاهرون يحملونني على الأكتاف ويهتفون بالروح بالدم نفديك ياصدام. ماذا أفعل سوى أن ألوّح بقبضتي كأنني السيد الرئيس.

الآن احتل اسمي المرتبة الأولى.

الرئيس نفسه وقف في القاعة.. طرد رفاقه. هددهم. قدهم نصفين،أزاحهم،وبقي هو الوحيد. راح الناس يتفاءلون باسمي. منحوني كنية جديدة. كنوّني بأبي عدي. حين أسلم على أيّ شخص يجيبني عليكم السلام يا أبا عدي. صدام أبو عدي. عند الناس أنا هو،وعندي هو لست أنا،فهل أحمل اسمه وكنيته. يا للمفارقة العجيبة.

جاء أبو عدي.

ذهب أبو عدي.

إن شاء الله يا أباعدي تسمي المولود الآخر باسم قصي.

تكامل آخر. مرحلة ثانية يطالبني بها الجمهور. جدتي اختارت اسمي والآخرون بعد سنوات اختاروا كنيتي. أما خيرية فقد انتقلت معي إلى بيتنا الجديد. كانت أكثر من كنّة بنظر أمي. صديقة. بنت.. بنت حلال. أحيانا تسألني بيني وبينها هذا السؤال التلقيدي:

ياترى لو قدر لك وتزوجت من ناهدة هل تجد نفسك تعيش بسعادة مثل الآن.

هو القدر يا أمي،أمّا خيرية الطيبة قد رغبت في أن تكمل دراستها فدخلت الهندسة. وامتحنت أنا ثانية فأنهيت الثانوية ودخلت الجامعة. كنا نعمل وندرس. الأسرة تكاثرت ماعدا شيئا واحدا لم يتغير هو اسمي وكنيتي،سوى مرة واحدة تغيّر فيها اسمي وذلك حين دخل الجنود الأمريكان البصرة ومعهم بعض الجنود الكويتيين.

حدث ذلك بعد انسحاب العراق من الكويت،وانهيار المدن.

لم أخش من اسمي قط.

فإذا كانت جدتي قد سمتني باسم الولي السيد صدام سيد صروط فإن الناس كنوني بكنيتي. لا دخل لي في كل شيء. أما أبنائي الآخرو وابنتي،فقد سميت كل منهم وفق رغبتي.

لا أخاف أبدا.

لا شيء يزعجني.

الجندي الكويتي يوقفني ويطلب هويتي.

أتمعن فيه:

يسألني :

أين ؟

إلى الجامعة.

يعيد:

هويتك؟

تفضّل.

يقرأ ويضحك:

اسمك صرّام؟

ماذا؟

يبتسم الجندي. أستغرب. تنقلب الحروف. ينقلب حرف الدال يصبح راء. يتضاعف. هل قرأ الجندي الكويتي اسمي كما هو. هل تمعّن فيّ؟لا أظنه يستهزيء. ربما غلب عليه سوء الفهم. أمّي يظن الاسم يخص سيادة الرئيس. لكن على أية حال هو التغيير الوحيد الذي طرأ على اسمي. يا ترى لو ذهبت إلى دائرة النفوس ورفعت طلبا لى السجل المدني أعربت فيه عن رغبتي في التغيير فماذا يمكن أن يحدث لي.

اسمك صدام.

نعم.

لايعجك.

مجرد تغيير.

لامانع عندي

يقول أمين السجل المدني ويضيف:

مادام الأمر كذلك فالأفضل أن تجلب لي تصريحا من دائرة الأمن

كل مواطن له الحق المطلق في تغيير اسمه إلا أنا. مادام اسمي هو اسم السيد الرئيس فلا مجال لتغييره. اختيار اسم آخر يعني محاولة انقلاب. ث

ورة مضادة.

اسمك يطابق اسم سيادته ألا يعجبك؟

أعرض عن الفكرة وأمضي إلى حيث لا أدري،فقد أدركت أنّ اسمي لم يعد خطرا عليّ بل هو خطر على الشبيه نفسه.

 

النشيد السابع عشر

الجميع يختلفون فيك

منهم من يراك عدوا

آخرون يجدون فيك صديقا

ولعلك لاتعرفهم

ولم تتحدّث معهم من قبل

فلماذا كل هذا التناقض؟

كربلاء

وصلنا إلى كربلاء نلهث

إنها المحنة التي سلبت النوم من عيون الناس والطمأنينة من قلوبهم.

بعد أن استوقفني الجند الأجانب في طريقي إلى الجامعة وأجروا متعمدين أو من دون أن يعلموا تغييرا على اسمي،انقلب حرف الدال إلى راء رحت أضحك مادام التغيير خلّصني من محنة مضاعفة. تخيّلت أن الجندي غبي.. أمّي.. فاته أن يعلن للعالم عن اعتقال السيد الرئيس.. محال أقرب للواقع لكنّي مع ذلك وقعت في الفخّ مرّتين. ذلك حدث في عنفوان الانتفاضة. قلت أهرب من الموت،وكانت خيرية والأطفال معي،ليس هناك منجى سوى كربلاء لنكون بجوار الحسين.. تركنا البصرة التي هاجت كالبحر،والناس مثلنا يهربون،عيوننا معلقة بكربلاء والنجف،لا أدري لم اندفعنا بعفويّة نحو كربلاء،ربما أحسست أننا يمكن أن نكون ضحية جديدة فنحيا ونموت قرب الحسين. ا

الجندي الرابض على حدود البصرة يسألني:أنت .. أين ذاهب؟

إلى كربلاء.

لا يبالي بالعائلة التي معي ويردّد:

سأعدمك إن كنت من الغوغاء.

زوجتي تندفع نحن هربنا أما ترانا لا سلاح معنا.

يفكّر قليلا ويسأل:

ما اسمك؟

صدام وهذان طفلاي عدي وقصي.

يصفن ويقول:اعبروا

وصلت بعد أن تقطعت أنفاسنا مرات ومرات وخرجت بعد يوم من سكني في حي متواضع أشتري خبزا للعائلة. لا أفكر بغير الخبز. وهل هناك شىء آخر يستحقّ أن تخرج من أجله؟إنّه الشخص الآخر يتحدّث يقول :بعد أن وجدت بيتا في أحد أحياء كربلاء خرجت أبحث عن فرن قريب أبتاع منه الخبز. كان الصغار جوعى ولم يفكّر الأب بشىء آخر. هناك حيث تتقطّع الأنفاس،لا عند الفرن بل أمام حاجز للثوّار. يقف مجبرا يسأله أحد المسلحين:

بطاقة تعريفك؟

تمتدّ يده المرتجفة ويداري بأدب جمّ.

تفضل؟

اسمك صدّام؟هل أنت من كربلاء؟

كلا من البصرة

يلتفت إلى حارس صارم القسمات يحتسي قدح شاي:

إذهب معه إلى البيت فإذا وجدت أنّ اسم زوجته ساجدة أعدمه على الفور؟

اسمي مثير للشبهة واسما ابنيّ.. ثلاثي يحاصرني الآن مع الحواجز،نجوت من حاجز على الطريق يوم الاجتياح وفي أثناء الانتفاضة نجوت من حاجز آخر ربما بتدخّل من اسمي،وهاهو ثالث حاجز يواجهني ويلاحقني إلى منزل آواني قبل أن أسدّ جوع الأطفال برغيف خبز. مدّت خيرية يدها إلى الحارس بالهوّية ،وأردفت:

يا أخي زوجي مولود في الخمسينات قبل أن يعرف العراق حزب البعث وصدام وجدّته سمّته باسم الولي صاحب الضريح سيد صدام أيعقل هذا منكم؟

طيب واسم ابنيكما ليس واحدا فقط بل قصي وعدي؟

قالها بلهجة لانت حدّتها كثيرا فكانت أقرب إلى الدهشة والاستنكار:

يا عزيزي كان الناس ينادونني مرغما أبا عدي قبل أن يولد ابني ولو غيّرت اسم الوليد لجلب ذلك عليّ مشاكل كثيرة ثمّ حدث لي مع الوليد الثاني مثلما حدث لي مع أخيه الناس أنفسهم لفتوا النظر إلى اسمي وسامح الله المرحومة جدتي!

صمت وطال سكوته .. حظات هدأت قليلا وبدأ القلق يساور خيرية لكنه التفت إلى عدي وسأله بابتسامة:

هل تحفظ شيئا من القرآن؟

فاندفعت أمّه:

علمته ربع المصحف وكلّ أسماء المعصومين.

تشجّعت فقلت:

اقرأ بعض قصار السور.

فاندفع عديّ يرتّل:

والتين والزيتوان وطور سنين وهذا البلد الأمين..

وقفنا خاشعين وحينما انتهى من التلاوة قال المسلّح:

بارك الله فيك

أمّا قصي الذي بقي صامتا فقد اندفع قائلا بحماس مفرط:

أنا علمتني أمي أسماء الأئمة الإثني عشر..

وبدأ يعد.. والابتسامة تعلو وجوهنا وحينما انتهى من العدّ هزّ المسلح رأسة وأجاب بارك الله فيك واستدار خارجا وكنت وقتها أفكّر بالفرن والخبز والعودة مرّة أخرى إلى الشارع.

النشيد الثامن عشر

ماذا يحدث لك حين يبتلعك حوت

لا يقبض عليك بأسنانه

بل يزدردك ازدرادا ب

رغوة بطنه تلفّ جسدك

يغطّي الظلام عينيك

والرغوة اللزجة تذيبك حتى تصغر فتصبح كأنك رجعت جنينا في بطن أمك

تتنفس

كل من عاش في دنيا النور تركك ماعدا الخوف

تحسّ أنك حي ولا تحسّ

وتدرك بعدئذ أن الحوت تعجّل فالتهمك ولم تطحنك أسنانه

ترنيمة النبي يونس

 كنت خارجا من مكان ما

لعلّه سوق خضار ، أو قاعة درس ،وربّما السوق الشعبيّ،أتطلّع في الحياة الراكدة العجيبة التي تسير وهي واقفة. وجوه الناس غريبة عنّي.

أتذكّر بعض الماضي القريب والحاضر العجيب..

كلّ ما في الأمر أن الغالبيّة هبّت .. أطلقوا النار.. هنا في هذه المدينة الفاتنة كانت حرب شوارع . أخي كريم هرب،ولست عالما بالغيب فأعرف مكانه. ثمّ يتناهى إليّ أنه سقط في براثن الأمن فأعدم. كريم الذي جلب لي مسدسا ذات يوم اكتشفته عضوا في تنظيم سريّ محظور ،شارك في الانتفاضة ثم هرب إلى النجف وفق أغلب الهمزات.

اجتزت ساحة أسد بابل ثم انحدرت نحو لجنة التمور. كنت أتوجّس ريبة من أي شىء،فالمعمعة التي مرّت لايد لي فيها،ولم أخرج مع من خرجوا.. هناك قلق ينتابني بين حين وآخر. أين هو كريم يا ترى الآن؟ كريم صاحب المسدس الذي ادعيت أنه اشتراه من راع،فوجئت به يهب مع من هبوا،وعرفت أنه عضو في تنظيم سري.

ذلك لا يعفيني من الذنب.

وقد تحقق حسدي فأنا لست بريئا مادمت أخا لآخر ذي شبهة.

قبل أن أعبر الرصيف المقابل لتمثال السياب قاصدا الجسر قابلني اثنان :عضو الفرقة الحزبية، والمعلم )ق( وضع الرفيق يده على صدري يصدني عن المسير وسأل:

أين أخوك كريم؟

قلت بذهول:

كيف لي أن أعرف عنه؟

لاح الغضب في عيونهما واندفع ق:

كذاب أنت تعرف أين هو

أجبت يائسا:

كيف لي أن أعرف وأنا لزمت البيت طول مدة الشغب.

أكيد أرسل لك خبرا عن مكانه.

قال ذلك ق وعقّب الرفيق:

هل هرب عند أحد أقاربكم؟

أين تظن؟

تشتت ذهني مع سيارة مرّت وتابعت عيناي جنديا عن بعد يتنكّب سلاحه ويقطع الرصيف جيئة وذهابا:

لا أعرف أقسم.

وتساءل الرفيق:

يعني لم يخبرك أحد أنه في النجف؟

ويسأل الآخر:ألم تلتقه حين هربك إلى كربلاء يوم الأحداث؟ معقول؟

 يقول الرفيق:هذا لا ينفع معه اللين

فتح كيسا ظل يتأبطه طول الوقت تحت ذراعه اليسرى . طوّق الرفيق رقبتي بقبضته. : ادخل ادخل.. قال كلاهما ذلك بصوت واحد.. هامت عيناي على العابرين االمتناثرين الذين يجرّون أقدامهم نحو العشار أو العائدين إلى التنومة. وجدتهم لا يعنون بالمشهد. الجندي الذي يحرس الجسر يبدو غير مبال.. عملية اختطاف في وضح النهار..

العالم ظلام

لا أبصر شيئا

تتناهى الي ّاصوات وتصبح الدنيا خارج الكيس همهمات.. ألقياني في سيارة ما .. حوت جديد،أنا في بطن حوتين،أنفاسي تتلاحق.. الظلام يأكلني وأتآكل معه..

إحساس

بل هاجس

بل يراودني ظنّ أنهما يعبران الجسر إماّ نحو البرّ أو لمكان ما يقتلاني فيه..

فجأة توقفت السيارة .. وألقى بي أحدهما على الأرض..

صدمة..

ألم..

والهواء يتخلى عنّى. أفكّر به وحده.. الألم في صدري وضلوعي،رجلان يابستان.. أشبعاني ركلا.. أقدام في خاصرتي وعلى رأسي.. وفوق صدري.. ثمّ خفّت الحركة والسكون،بدأ أزيز السيارة يتلاشى،هل نمت أم هل أجّلا قتلي؟عاودتني جرأة فظيعة قبل أن يهرب الهواء من عندي.. الظلام منحني جرأة أكبر،وألم الركلات شجاعة تستنطق الهواء،فأصرخ..

أصرخ ..

أظلّ أصرخ..

أصيح

أنادي..

أنقذوني..

رحم الله والدي من يفتح الكيس.

لحظات ..

ربما

ساعة والهواء يتحجّر..

يقسو..

يتصلّب.. وصوتي يخفت.. إنّي أشهد أنهما لم يبتعدا كثيرا فأنا لست في البرّيّة.. إذن لعلّ الفرج يأتي عمّا قريب.. لابدّ أن يلفت صراخي أحد العابرين.. وقد حدث ما ذهب إليه ظنّي.. هناك يدان تتلمسان عقدة الكيس.. ليس هو بحيوان ضال.. كلب.. أوقطة.. إنهما يدان.. الكيس يفتح فمه، والنور يهجم دفعة واحدة.. ينتشر ومع طلعته أمدّ

 رأسي من فوّهة الكيس،فإذا به السيد )ط( مدير ثانوية شط العرب،كان يجتاز الرصيف الآخر.. كنت مرميا فوق رصيف الطريق الساحلي على الجرف أمام بستان الشعيبي فلفت فضوله منظر الكيس والصراخ.

رحت ألتقط أنفاسي قبل أن أدخل في التفاصيل بعد حين..

النشيد التاسع عشر

أغنية للموت

تبدأ الأغنية ببطاقة التصقت ببعض الجدران:

نعي

أنتقلت إلى رحمة الله السيدة خيرية أم كلّ من،

الدكتور الجراح عدي الأسدي

الدكتورة نادية الأسدي

الدكتورة فادية الأسدي

الدكتور لؤي الأسدي.

المهندس قصي الأسدي

الدكتورة شادية الأسدي

وستقام الفاتحة على روحهافي دارها بمحلة ... للفقيدة الرحمة ولأهلها الصبر والسلوان.

تزوجنا في الحادي عشر من آذار وتوفيت خيرية في عام 2019 . رحلة عمر طويلة. بطاقة النعي راعت ترتيب عمر أولادي بدءا من عدي الذي أبصر النور عام 1976 فولدي لؤي الذي فرحت بمجيئه عام 1986.

كانت رحلة عمر طويلة. أكثر من ثلاثة عقود تشكلت فيها دول وقامت دول جديدة. أشرقت أمم وغابت أمم. كانت تحب الرياضيات فأتمت دراستها الجامعية وتخرجت ثم أصبحت مدرسة في مدرسة التنومة.

شجعتني على أن أكمل دراستي. كانت في رعاية عمها الذي عارض في زواجنا. ولم يكن الأمر سهلا فقد دام رفضه أربع سنوات. لا أعرف السبب وحاولت قدر الإمكان ألا أمر بتجربة مثل الأولى كرة أخرى.

العالم يتغير.

لو قبلت ناهدة بعرضي لما حدثت المأساة الأولى.

هذه المرة سيشمل الحزن والشعور بالقهر أمي وأختي والعائلة كلها.

أحببت فعارض أهلي وأحببت ووافقوا. المشكلة ليست فيّ بل في الآخرين.

وجاء الفرج أخيرا.

أخبرتني أن عمها الوصي عليها سيسافر بعد بضعة أيام سفرة تدوم أكثر من شهر،ويمكنني أن أزور خالها .

عندئذ

ومن دون تردد

حل الفرج. خالها لا يطيق عمها وسيوافق وفي اليوم نفسه نتزوّج وليكن مايكون.

وأثمر التحدي،وخلال فترة الزواج الطويلة أكملت دراستي الجامعية،بعدها نلت شهادتي الماجستير فالدكتوراه.

كانت معي.

ورافقتي معها ديوان ناهدة الذي لم أطبعه"ناهدة وميلاد الأجنحة الراحلة"

رحلة طويلة حقا لكن الذي قرأ بطاقة النعي يستغرب إذ لم يجد اسمي.

أقول بكل حب وصدق،كل عائلة عرضة للخلاف.

بعد سنين طويلة اختلفت في مسائل كثيرة مع أم عدي فتم الطلاق!

نعم!!!

كل ذلك الحب والحنان انتهى بالطلاق.

هناك أخطاء أتحملها . لا أنكر. وأخطاء تتحملها هي أما الفرق بيننا وبينهن فهن على ما أظن لا يعترفن.

وفي سيرتي الذاتية أني تزوجت بعدها من الآنسة إيمان أم أولادي أعيان وعلي وحسن. كلهم ولدوا بعد الاحتلال . لم يعيشوا مثل إخوانهم نكد الحصار وقسوة أيامه مثل إخوتهم الكبار. إلا أنهم وبدلا من أن يفتحوا عيونهم على الطائرات والقصف والدمار،عايشوا المفخخات والمتفجرات، فرؤا ما لا عين أبصرت ووعوا ما لا أذن سمعت.

 وقد أصبح كل همّي أن يتعايش أبنائي الكبار مع أخوتهم الصغار.

أريدهم أن يكونوا آباء لهم وأن يكن أخواتهم أمهاتهم.

وأن تششت الكبار وعاشوا بعيدا وأولهم عدي الذي أصبح جراحا مشهورا في كندا!

وكانت أم عدي تحمل الإحساس ذاته. بقينا بعد الطلاق صديقين. يحترم كلّ منا الآخر. ووجدتها تشجع أبناءها على أن يزوروا إخوتهم،وكم رأيتها فرحةحين تسمع بزيارة أحد من أبنائي لأخوته أولادها.

لكن

مهما يكن فها أنا استجمع ذكرياتي،وأغادر البيت،ولم أكن اطلعت بعد على بطاقة النعي التي خلت من اسمي وقبل أن أخطو خارج الباب سألتني أم أعيان:

هل من شيء المكالمة غيرّت أحوالك.

أجبت والدموع تترقرق بعيني:

أم عدي تعيشين أنت!

فتمتمت بأسف:

إلى رحمة الله.

وكنت أقف مع أولادي أستقبل المعزين وإن كانت البطاقة /بطاقة النعي/بعد كل ّتلك السنوات تخلو من اسمي.

 

تنويه

حين التقطت لمحة مضيئة من حياة الدكتور الناقد عبد الرضا علي وصغتها وفق بناء خاص جعلت له عنوانا هو الساعة الثامنة والنصف رواية قصيرة عندئذ أطلقت على محاولتي تلك الواقعية المستنيرة وقد استحسن الدكتور الناقد عبد الرضا علي التسمية نفسها،بعدها بمدّة غير قليلة التقيت في عمّان بالدكتور الباحث الأكاديمي ه ن الذي حكى لي معاناة أخيه الضابط عام 1959 وعائلته بعد حادثة قتل تمّت في أحد معسكرات البصرة فجاءت رواية قصة عائلة التي سمعت بعض أحداثها من الصديق الدكتور ه ن وبعض مذكراته فكانت الرواية وكان الكتاب النقدي الكبير منهجا وبحثا فيها من قبل الناقد الدكتور خسين سرمك وهو بعنوان البطل البرىء.

أمّا قصة حياة صديقي الدكتور الأديب الشاعر والباحث صدام فهد الأسدي فلم أسمعها من أحد بل عايشت بعض أحداثها. كان الصديق صدام من سكنة التنومة وهو أصغرنا وفق ترتيب السنّ هناك الشاعر عبود هاشم والكاتب صباح الزيدي والرسام المعروف كاظم حسين مكي وعلي إبراهيم وقاسم السوّاد وقصي عسكر 1951 ثم صدام الأسدي 1953.

أحيانا كنا نجلس مجتمعين على ساحل شط العرب قرب المعبر وقت العصر فنتحدث عن السياسة والفن والشعر والمسرح.

تصغر الحلقة أو تكبر وفق الظروف.

ثم غادرت العراق عام1979 وفي ذهني معرفة حقيقية عن معاناة الدكتور صدّام فهد قبل الاحتلال وبعده حتّى التقيته عدّة مرات فسمعت منه عن حياته ما لم أعرفه من قبل وقد قلت له ذات يوم إنّ في حياتك لمحات ولقطات يمكن أن تتحوّل إلى رواية كولادج فحدثت نفسي بكتابتها وهاهي الرواية بين يدي القارىء الكريم لعلني أكون قد ختمت بها منهج الواقعية المستنيرة الذي رغبت الكتابة فيه

 

قصي الشيخ عسكر

نوتنغهام

من منتصف 2019 حتى نهاية آذار 2020.

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم