صحيفة المثقف

شجرةُ الموسيقى

سعد ياسين يوسفحينَ أهتزَّ الغصنُ

تسارعَ خطوُ النَّهرِ

وهو يخبّيءُ قرصَ الشَّمسِ

تحتَ جناحِ الأسئلةِ .

هيَ شالُ حريرٍ فيروزيٍّ

لفّتهُ الرّيحُ وطارَ،

كجسدِ ملاكٍ في حقلِ سنابِلَ،

هيَ لغةُ الحزنِ إذ تتغلغلُ في روحي ...،

نشوةُ فنجانِ القهوةِ في رأسي

بعدَ فناءِ اللَّيلةِ بالحربِ معي ...،

هيَ مرآتي،

اشتعالُ الشَّمعة ِ،

انطفاؤُها ....،

انبلاجُ الضَّوءِ  من شفتيِّ الأرضِ،

سماءٌ خلعتْ بردتَها الداكنةَ

لترينا بعضَ مفاتنِها...،

صرختُهُ الأولى ...

وهو يغادرُ عرشَ الدفءِ،

وجهُ الأرضِ إذْ ترفعُ صوبَ اللهِ يديها،

نزولُ الدَّمعةِ من علياءِ الدَّهشةِ،

نظرتُكِ صوبي....

عندَ رصيف ِغروبِكِ

متلفعةً بالأحمرِ،

تلويحةُ كفِّكِ

قبلَ التَّحليقِ بأجنحةِ الأبديَّةِ

كاسرةً موجَ الرَّغبةِ .

حفيفُ أكفِّ الأشجارِ...

وهي تصفقُ لي،

حينَ أمرُّ حزيناً تتناهبُني الفكرةُ،

ما يتركهُ عصفُك في أغصاني،

إرتعاشةُ  يدك ِ بينَ يديَّ،

سَرَيانُ الدفءِ وأنا أمرّرُ كفي

فوقَ قبابِ جنونِكِ ... جنَّتِك ِ،

ما تتركهُ لمساتُ يديكِ النّاعمتين

في جدرانِ الهيكلِ....،

ارتطامُ الموجِ بجسدِ الشَّاطئِ...،

رائحةُ الرَّعشةِ عندَ الزَّخّةِ الأُولَى،

من مطرٍ بعدَ يبابِ فصولِ الأرضِ،

خطفُ البرقِ ....

عزفُ النّافورةِ لحنَ الوحشةِ وهيَ تبوحُ

لآخِرِ مُصغٍ عمَّدهُ رذاذُ الماءِ الباردِ

في منتصفِ القيظِ

غناءُ  "الشَّبّوي*" ذاتَ مساءٍ

حينَ بَعُدنا عنها...،

وتجاهلنا خضرتَها

وهيَ تصوّبُ رشقاتِ العطرِ

وتشدُّ، تشدُّ، مثلَ صغيرٍ...

يشدُّ ضفيرةَ  أُمّهِ

يصطنعُ بكاءً

كي تمنحَهُ قُبلةَ إصغاءٍ،

فَلِمَ لا نُصغي،

نكسرُ "سُلَّمَها" اللامتناهي

ونردمُ كلَّ ينابيع الماءِ

ونحنُ نغورُ برملِ الصَّحراءِ ؟!!!

***

د. سعد ياسين يوسف

................

* الشَّبّوي : شجيرة عطريّة تُطلق عطرها في المساء، وتُسمى أيضاً "مسكة الليل" و"ملكة الليل" .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم