صحيفة المثقف

إغضبْ إذا سَكَت الورى

مصطفى عليفَتِّشْ عَنِ الشَبَحِ الرجيمِ بِسوحِنا

وإسْألْ دَمَ الفُقَــراءِ عمّن أرْسَلَهْ

 

وإسْألْ تُرابَ السوقِ عن عَبَراتِهمْ

كانت برائحةِ الـــــــرغيفِ مُبلّلةْ

 

في ساحةِ الطَيرانِ ألْفُ حَمامةٍ

كالباعــــــةِ المُتَجوِّلينَ مُحَجَّلةْ

 

لا فَضْلَ للدُنيا عليها إنّمـــــــــا

كانت على كلّ الورى مُتَفضِّلة

 

إِذْ تَستَفيقُ مَعَ الطيورِ عَنادِلاً

بِشَذا القناعةِ والرِضا مُتَبتِّلةْ

 

حُسِدتْ على الطيرانِ في عَرَصاتِها

فإذا بِهــــا خلْفَ السماءِ مُرَحّلــــــةْ

 

شَهِدتْ تفاصيلَ القِيامةِ كُلِّها

فَهَلِ القيامةُ للجياعِ مُفصّلةْ

 

السائلينَ إلاهَهُمْ بِقلوبِهـــمْ

لُقَماً حَلالاً بالشقاءِ مُعسّلة

 

الحالمينَ بِأن تجودَ سماءُهم

فَوعودُ ساسَتِنا اللئامِ مُؤجّلةْ

 

عَرَقُ الجباهِ مع الدموعِ نبيذُهم

وَسَمائهم فَرْطَ الحياءِ مُخَضَّلةْ

 

قُمْ يافُؤادي هاتِكاً عـــــــوراتِنا

إذ لَمْ تعُدْ شكوى القلوبِ مُبَجّلةْ

 

كُنْ كالقيامةِ مستبيحـــــــاً عُهْرَنا

إنّ الدموعَ على الضحايا مُخْجِلةْ

 

وإسْألْ ضيوفَ أللهِ هل رَبُّ الورى

سَهـــــــــــواً أباحَ دَمَ الجِياعِ وَحلَّلَه

 

وإرفعْ الى ربِّ العبادِ شكايةً

شكوى عليلٍ بالدليلِ مُعَلّلةْ

 

وإغضبْ إذا سَكَتوا وَقُلْ مالي أرى

أبوابَ رحمتِكَ العظيمةِ مُقْفَلَــــــــةْ

 

ربّاهُ عَفْوَكَ إِنْ سألْتُكَ حانِقاً

فإغفرْ لِقلْبٍ ثائرٍ لا حوْلَ لَهْ

 

لا حوْلَ لي غيرُ اللسانِ وَخافِقٍ

أمّا يَدايَ كمــــــــا رأيْتَ مُكَبَّلةْ

 

ماكانَ ربُّكَ غافِلاً قيلتْ لنا

حقاً ولكــــنْ ثَمَّ وغْدٌ أغْفَلَهْ

 

شَبَحٌ تَمَرّغَ بالضَلالِ تسوقُهُ

زُمَرٌ بأهواءِ الرجيمِ مُضلّلَهْ

 

شاختْ بأفياءِ الخطيئةِ والخنا

وقلـــــوبها بالموبقاتِ مُظلّلةْ

 

رضعَ الضغينةَ من لظى أفواههم

منه الرذيلةُ تخْتَزي مــــــا أرْذَلهْ

 

حَطَبٌ تَكدّسَ فــي جُحورِ ضميرِهِ

وَعلى رصيفِ البُؤْسِ لُؤماً أشْعَلهْ

 

أَنَسيتَ ما قَالَ الذي رفعَ السَما

أمْهَلْتُهُ لكنّني لـــــــــــن أهْمِلَهْ

 

مَسَختْ نِفاياتُ الفتاوى دينَنا

صِرنا هباءاً والفناءُ مُحصِّلةْ

 

نَسَفتْ حُمّيّاتُ العقائدِ شَمْلَنا

عدوى العقائدِ كالوباءِ مُدوّلةْ

 

إنّ العقيــــــدةَ إن طَغَتْ آفاتُها

مَشَتِ العقولُ وراءها مُتَسوِّلة

 

وإذا تمادى في الهشيمِ أُوارُهــا

تعمى الضمائرُ والقلوبُ مُعطّلةْ

 

تغلو العقـــــــائدُ والضميرُ ضحيّةٌ

والروحُ من عَبَثِ العُطوبِ مُهَلْهلةْ

 

وإذا العقيدةُ صالَ سادِرُها غَدَتْ

جُـــــــــرْثومةً بالسافياتِ مُكلّلةْ

 

وَعَجِبْتُ إِذْ تلكَ البهيمةُ سُيِّبَتْ

بينَ الشغيلةِ آفَةً مُتَغــــــــــوِّلةْ

 

ملغومةً قوّادُها أوْحى لها

لا جَنّةٌ إلّا بِنَحْرِ الأرْمَلةْ

 

أو بائــــعٍ مُتَجوِّلٍ قد هدّهُ

جوعٌ وطِفْلةِ بائعٍ مُتَجوّلةْ

 

من أيِّ جُحْرٍ في القصورِ تَرَجّلتْ

تلكَ البهيمةُ فـــــي الدُجى مُتَسَلِّلةْ

 

وَتَزَنَّرتْ بالعارِ عارِ زُناتِها

وَبِغُبْرةِ الأفيونِ قيلَ مُكحَّلةْ

 

مَرّتْ على( الخضراء) وإبتسمتْ لها

كَحَليفةٍ لَحَستْ ثُمــــــــــــــالةَ مَزْبَلةْ

 

هَمَستْ لها أختاهُ لا تَتَخوّفي

فَأنا القرينةُ: جِنَّةٌ مُتَنقّلــــــةْ

 

لن أرْهِبَ الخضراء أو أشباحَها

مهما عوى رأسي وَسُـــــمٌّ أثْقَلَهْ

 

فَأنا صَبيّتُها الـــــــــوَفيّةُ والتي

بِرِعايةِ الأشْباحِ صِرْتُ مُؤهّلةْ

 

لكنّما الفقراءَ أضحيةٌ لكــمْ

فأنا المَنيّةُ للجموعِ المُهْمَلةْ

 

أنا دُمْيةُ الشيطانِ رَهْنَ فُجورِكمْ

وَبِشانِئيكمْ والجِيـــــــــاعِ مُوَكّلَةْ

 

مَنْ أرسلَ الشبحَ الغريبَ لِسوحِنا

وبالرذيلةِ والخطيئةِ حَمّلَــــــــــهْ

 

كلُّ الجِهاتِ مُريبةٌ مِنْ حَوْلِنا

قوموا الى ربِّ الجهاتِ لِنَسْألَهْ

 

سأعـــوذُ من كلِّ الجُوارِ بَرَبِّنا

وَمِنَ الذي عَبَدَ الغريبَ وأنزَلهْ

 

في سوحِنـــــــا وَ ديارِنا وَ عُقولِنا

حتى غدى الأوْلى وصارَ المَوْئِلةْ

 

عُـــذراً سأكفرُ باللذينَ وبالّذي

دَلَّ الغريبَ الى الحِمى أو دَلَّلَهْ

 

كم من فقيرٍ طاحَ في ساحاتِنا

وَدَواعِشِ الأحزابِ تَعْلِكُ مَقْتَلَهْ

 

وَيَصيحُ من بينَ الضحايا مُعْدَمٌ

يبقى دَمـــــي بِثيابِكم لن يَغْسِلَهْ

 

إلّا الجياعُ الزاحفونَ على الطِوى

لِعـــــروشِكمْ وَكُروشِها المُتَرَهّلةْ

 

أَيَظَلُّ مجهــــــــــــــولَ الهُويّةِ قاتِلي

ويضيع في جوْفِ الدُجى كي أجْهَلَهْ؟

***

مصطفى علي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم