صحيفة المثقف

ترهات..

عبد الجبار الحمديمن يشتري الترهات من بائع متجول كثير الحسرات، يحمل في جيبة رجوم لشياطين الانس من المزدلفة المليئة بالحجرات... هيا ضعوا رحلكم حولي فإن لي قصة تشبعكم ضحكا وبها الكثير من المنغصات .. اقسم لكم... أقسم لكم بأرباب دنيا العاهرات وأصنام العزة واللات، ألستم وما تعبدون بين أفخاذ تلك العاهرات نزعتم بطانة الحياء والخجل وبتم تتصنعون أنكم من أصحاب اللاقيود، أبحتم لأنفسكم ما لا تُبيحوه لراكبي العناوين والهتافات... هيا أعينوا عزيز قوم بلع كل ما تقولون خازوق فسق بدينكم الواسع الخرافات...

ما لكم لا تسارعون للإنصات فما طلبت عليه أجرا إني فقط اتيح لكم أن تأخذوا من تراهاتي عبرا... فأنا برعت في متاهاتها وألبست أذني أصفادهم أقراط بعد أن ملئت وقرا، يا عالم صدقوني إني أريد لكم الخير ولا يمكنني ما لم تغسلوا وجوهكم وما تحت الإبطين التي نام شيطان النتانة ببطانتها ببول بعير فبتم تفوحون فسادا تزكمون ما حولكم .. إنكم والله اولاد صاحبات حمر الرايات بجاهليتهن إقتديتم و وضعت الوسادة لينام عليها من يفترش ضمائركم، يلوط بها من يدفع أكثر ألزمتم أنفسكم أن تكونوا خازني بوابة الدعر عبر مسميات... هيا اقتربوا فأنا لم أبح بعد بالتراهات فكل ما سمعتموه مقبلات هههههههههههه اقسم أنها مقبلات فالوجبة الدسمة لابد ان سمنها شممتم رائحته وقد أراح البعض وأصبح منزلقا حيث لا يعلم هل يدس يده بجيب غيرة دون ان يسأل ويعيد الحسابات ام بوابات وطن بكم تباع ولا يعيل للشعب او ما يكابده من محن؟ نحن يا سادة فقنا ايوب بصبره وباتت قضيتنا والعراق عسيرة مثل المرأة حملت التأريخ آلاف من السنين ولم يبرع معها قوانين حمورابي او علاج إبن الهيثم وحتى معبد أرنمو لم يستطع أن يدفع عنها الم عسر مخاض الولادة... سادتي أبيحوا لألسنتكم إطلاق شكواكم ولا تكونوا كمن نام على بطنه ينتظر ان ينال حقنة شرجية تسمح له بأن يستفرغ ما في عقله من استه كفضلات حيوان وينسى انه صار حيوانا مدجنا بإمتياز، اي حرية تتحدثون عنها وقد أحاطوها بسلاسل وخطوط ملونة... إبحثوا في ضمائركم عن لسان حق؟ ام أنكم استبحتم لأنفسكم شراب وأكل قيح وآسن المياة على إنها وجبة دسمة ثواب مؤجل الى وقت غير مسمى بعد أن دس العسل في السمن...

- كم من الناس يقتربون حوله وهو لا ينفك قولا دون توقف، شاءت المصادفة أن يقترب منه رجل لَبِس البؤس قدميه فكانتا سوداوتي الوجه، سحنة شطب عليها القدر بقلم رصاص فبات وجهه لا يعطي عنوان لقرائته، ذقن طالت وغطت جيب ثوبه فكانت كغطاء السقيفة وايدي لو فركها صاحب الحمام لأستغاث من كم التحرشف الذي عمها... بَعُدَ البعض فزعا من هالته تركوه يقترب، وصاحب الترهات لا زال يذيع البيان كما كل يوم دون توقف... غير أن منظر الواقف أمامه راعه فبلع ريقه وتجرأ بالقول: هاهو أمام أعينكم المثل الحقيقي لترهات وطن، إنسان تحيونت نفسه فلبست جلد ووجه عنز او تيس أو ما أراد له ربه الذي يعبد أن يرتديه.. جاع وعرى تشرد وألِفَ الطرقات وحاويات النفايات وطنا جديدا، بدل وطنه سف القاذورات واستنشقها بعيدا عن نسمات وهواء وطنه شرع بأن يكون احد القاذورات التي لا يمكن ان تعيد نفسها وإن دورت وتأهلت كما تدار النفايات بمعامل إعادةالتصنيع، لكم أن تتخيلوا لو أدخلنا بقايا الإنسان هذا وأعدنا تدويره وظهر لنا انه بمنظر آخر استطعم شكله وذاق نفسه حلوا رائجا بعدها ألبس رداء سلطة ترى كيف سيكون شعوره وقد أمسك بعتبة باب توصله الى كرسي السلطة؟ لا شك سيدفع بكل ما أوتي من قوة بما يمسك دفتي اقدامه، سيضرب الواقع القديم بتغوط أيامه السوداء، سيقذف بالتابوت في بحر الظلمات حتى لا يصل موسى إلى ما قدر له، سيكتب بأنه لا يؤمن بالموت وإن دخل الكهف أو شاهد حمار عزير يُحيا بعد موته... إنه يا سادة من المتحرشفين الجدد من متسولي الدول الذين استجدوا عطاياهم ببيع وطن... الوطن ذلك الذي تكالبت عليه المنون وصار عرضة للبيع والشراء كإرث تلك الثلة اللاتي أمسكن بهن صاحبات الرايات وأختارن من يكون الأب للقيط الذي أدخل بطنها، حملته كي تبيعه لمن تريد بإعراف جاهلية أو لتكتسب له المسمى بإبن ابيه... يا لنا من بشر نرى الحقيقة والواقع وندلس، نوهم أنفسنا بحجة ما لنا قدرة على الجهر بها...أليس كذلك؟؟ ونظر الى ذلك المتشرد الذي ما أن سمع سؤاله حتى فتح كهف فمه ليتطاير الذباب الذي وقف عليه حاجب يأز أزا... خاف في بداية الامر وتراجع الى الوراء...

فقال المتشرد بصوت عميق: لقد كنت منذ وقت ما استمع لترهاتك وأظني سمعت وقرأت الكثير منها بل ان اغلبها انا من ابتدعها، روجت لها وصرت ممن يشيدون به وبترهاته، علقوا لي الصور والعناوين وأتاحوا لي بحرية التعبير كي أبشر بالجنة القادمة من خلال مسمياتهم واجنداتهم التي ما ان تسمعها حتى تظن نفسك ستعيش في المدينة الفاضلة تلك التي لو حملت مجرفتم وبقرت الأرض في بطنها وحفرت... وحفرت... ثم حفرت لن تجد لها أثر.. إننا يا بائع الترهات بقايا أشلاء لبشر كتب عليهم الذلة شئنا أم أبينا، مددنا قفا رؤسنا حتى أصبحت ملاذ لكفوف تراشقت تُسمِع البعيد، صفها كتصفيق... اسكنوا من ينادي بالديمقراطية والحرية بيتا مثل بيت يوسف عندما علم العزيز بكيد زليخة له...  أو كما في هذا العالم الكثير من أصناف النمرود الذين يريدون بناء الصروح حتى يحاربوا الله ليرشقوه بسهام غرور لإشباع غريزة ان يكونوا أرباب على رقاب أمثالنا... صدقوني إن ما تسمعوه من هذا هو القليل من الذي لا تعرفوه، ستحلق رؤسكم بعد ان يجعلوكم تطوفوا ببيوت افكارهم العتيقة، ستجرون كما الصفا والمروة وتشربوا من بول زمزم الجديد... ستدخلون ملبين  وأنتم لا تعلمون اي إله أو رب تلبون له... ستقفون على عرفات لتشهدوا وتعترفوا بأنكم أنتم المذنبون وهم الأتقياء... تعودون من حَجِكم هذا سود الوجوه بعد أن بيضتم وجوههم بحوارات الورع والتقوى ألبسوكم القناعة وأخذوا كنزها، صرتم تقنعون حتى لو مدوا أصابعهم الى أستكم ونالوا ختم عوراتكم ونساءكم برضاكم... إنكم يا سادة ما سمعتم إلا هوامش الترهات فالقادم منها سيكون حصاده كيوم عاد وثمود او قوم لوط، إنكم مقبلين على عالم جديد ستلبسون مثلي غالي الثياب نعم إن ما ترونه ساترا جسدي عورتي هو ما سيوزع عليكم كما في بطاقات التموين، ستشترون ايام حالكة الظلام فقط كي تبعدوا عيون السلطة وزبانية ربهم الجديد، ستعنونون يمكن الإستغناء عنهم.... عبارة كافية لأن تهربوا من جلودكم، من إمهاتكم، من ابنائكم كيوم الفزع الأكبر... أما سراطكم المستقيم فقد أصابه الإعوجاج بعد أن وضعوا نقاط سيطرة تكشف لهم هوية من سيعبر الى حيث جنتهم التي يعودون ههههههههههههه اقسم لكم كنت ممن كان يقف على تلك السيطرات وأزحت بالكثير حرصا على بقاء أن من يعبر يمتلك الولاء بخيره وشره، كفره وإيمانه لكني في لحظة ما كنت قد أهملت نفسي وعصيت وفسقت بأمر ربي الدنيوي فكان نصيبي الخروج من الجنة، وها انا امامكم خير برهان على واقعكم الذي ينتظركم تلك ليس سواودية او كذبة إنها حقيقة أو تراكم تحسبونها خيال، الم يقل لكم أنها الترهات وما أدراكم ما الترهات.

 

القاص والكاتب

عبد الجبار الحمدي   

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم