صحيفة المثقف

من دفاتر التاريخ.. في ذكرى اغتيال العربي بن مهيدي

علجية عيشفي عام 2001 اعترف الجنرال الفرنسي بول أوساريس بأنه هو من قتل العربي بن مهيدي شنقا بيديه وأن موته لم يكن انتحارا، وقال:" لو كانت لي ثلة من أمثال محمد العربي بن مهيدي لفتحت العالم"، وفي 2003 فضل الرئيس جاك شيراك زيارة الجزائر في ذكرى اغتيال بن مهيدي،حاملا معه هدايا للجزائريين  وهاهو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعترف اليوم  بتعذيب الشهيد علي بومنجل وقتله على أيدي الجيش الفرنسي وأن موته لم يكن انتحارا أيضا، هي شجاعة قادة الدكتاتورية في العالم، فهل سيعترف صانعي الثورة في الجزائر بمن أوشى بالعربي بن مهيدي للجيش الفرنسي، تلك أسئلة سيرد عليها التاريخ يوما

ما تزال أسئلة تطرح إلى اليوم حول إن كانت وفاة العربي بن مهيدي اغتيال أم انتحار داخل زنزانته؟، مثلما حدث مع علي بومنجل، لاسيما والعديد من الدراسات تشير إلى أن القائد الثائر العربي بن مهيدي تم اغتياله في الثالث من مارس 1957، وفي ذكرى اغتياله كان الرئيس الفرنسي جاك شيراك قد حل ضيفا على الجزائر في الثالث من مارس (آذار) 2003، واعتقد العديد من السذج أنه أن الرئيس الضيف باسم الشعب الفرنسي سيعتذر للشعب الجزائري على كل الجرائم والإغتصابات التي اقترفها الإستعمار الفرنسي، وبالخصوص تلك التي ارتكبت في ماي 1945، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تحتفل مع حلفائها بالإنتصار على ألمانيا النازية، واحتفالها كذلك بذكرى معاهدة الصداقة الفرنكو ألماني بقصر الإليزيه، في هذا الإحتفال انحنى رئيس القضاة آدينور Adenauer أمام قبر الشهيد جون مولان وطلب السماح من الشعب الفرنسي على الجرائم المرتكبة من طرف النازيين.

زيارة شيراك إلى الجزائر في الثالث من مارس 2003  وهو محملا بالهدايا كانت رسالة منه بأن الجزائريين  سيأتي يوم ويحتاجون فيه إلى المساعدات الفرنسية  بدليل أنه وبمجرد  أنه حط  قدميه على أرض الجزائر استقبل بالحفاوة وسط ارتفاع أصوات تردد (الفيزا يا شيراك)، والحقيقة أن زيارة الرئيس شيراك لم تكن زيارة اعتذار أو مجاملة، بل كانت زيارة تفقد لرعاياه من الأقدام السوداء الذين فضلوا البقاء في الجزائر، خاصة وأن الرئيس الفرنسي كان مرفوقا بوفد من فرنسيين من أصل جزائري من فنانين ورجال أعمال جاءوا من أجل التوقيع على عقود تجارية، والإستثمار في قطاع النفط  وإقامة مشاريع في الغاز والبترول الجزائري، كما ضم الوفد وزراء من اصل جزائري تبوأوا مناصب مهمة في صفوف اليمين الفرنسي، منهم حملاوي مقشرة (مكلف بشؤون قدامى المحاربين).

 وقبل سفره كان شيراك قد أصدر أوامر عديدة  وطلب من نيكولا ساركوزي وزير الداخلية الفرنسي والرجل الثاني في الحكومة الفرنسية، بتشكيل المجلس التمثيلي الأعلى لمسلمي فرنسا، ومنح عميد مسجد باريس الجزائري، دليل أبو بكر مكانة خاصة في المجلس، بالإضافة على التوقيع على اتفاقية الصداقة المشتركة على غرار تلك المعقودة بين فرنسا والمانيا،  كما دشنت هذه الزيارة مرحلة جديدة من التعاون بين البلدين، دون أن يعتذر قادة فرنسا من الشعب الجزائري على جرائمهم التي ارتكبوها في حقهم، في ظل صمت السلطات الجزائرية التي راحت تبرم عقد صداقة جزائري – فرنسي في 2005، في هذه السنة قام ممثل الحكومة الجزائرية علي بن فليس بزيارة إلى الإليزيه، وفي هذه السنة أيضا أصدرت الحكومة الفرنسية قانون 158-2005 يمجد فيه الإستعمار، المؤرخ في 23 فيفري 2005 والذي تبناه البرلمان الفرنسي، لكن لا أحد من الساسة الجزائريين أدرك العلاقة بين هذا القانون وبين مشروع 05 مارس 2003 الذي تبناه جاك شيراك وتصريحاته بمناسبة تدشينه مقام للضحايا المدنيين والعسكريين الذين سقطوا في افريقيا الشمالية بعد أكثر من 30 سنة من عودة الفرنسيين إلى المتروبول.

وقد أسالت الأقلام الكثير من الحبر على هذه الأحداث وجرتها للتذكير بمعاهدة السلام التي أبرمت بعد اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962 لوقف إطلاق النار، التي وقّع عليها  كل من كريم بلقاسم من جانب جبهة التحرير الوطني ولويس جوكس وجون دبروغلي من جانب الحكومة الفرنسية، لم يكن موقف فرنسا  من هذه الإتفاقية  خدمة للسّلام، بل كان غرضها السيطرة على السوق الجزائرية، لأنها كانت ترى أن تصفية الإستعمار في مصلحتها هي، كما أن الإتفاقية لم تكن سوى  خلاصة مفاوضات إيفيان التي جرت من 07 إلى 17 مارس 1962 وتضمنت 93 ورقة، ولم تكن لها أية علاقة باتفاقيات إيفيان، كانت عبارة عن مساومة تجارية، تجعل من الجزائر أرض صيد محمية لفرنسا كما يقال، أما بخصوص معاهدة السلام تقول المصادر التاريخية أنه كان على الحكومة الفرنسية أن تعترف بارتكابها جرائم ضد الإنسانة في الجزائر وأن تعتذر للشعب الجزائري وهذا لم يحدث منذ يوم توقيف السلاح.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم