صحيفة المثقف

صلاح حزام: هذا من اهم اسباب تخلّف العراق:

صلاح حزاممنذ تأسيس الدولة العراقية اوائل العشرينيات ولحد الآن، لم يتولَّ السلطة في العراق شخص لديه خبرة في العمل الوظيفي المدني.

اول رئيس وزراء هو السيد عبد الرّحمن الكيلانيّ النّقيب، رئيس المجلس التّأسيسيّ الملكيّ العراقيّ ورئيس أوّل حكومة عراقيّة في العصر الحديث ونقيب أشراف بغداد..

مهنته في الوثائق: سياسي !!

وبعده جاء عدد من رؤساء الوزراء معظمهم من ضباط الجيش العثماني السابق او انهم مثل النقيب، سياسيين فقط ..

اشهر رئيس وزراء وهو نوري السعيد، كان ضابط مدفعية في الجيش العثماني وأنضمَّ الى ثورة الشريف الحسين بن علي ضد العثمانيين ..

قتله الجيش في انقلاب عام ١٩٥٨ وجاء بعده عبد الكريم قاسم وهو ضابط كبير.

اطاح البعثيون بعبد الكريم وجاؤوا بعبد السلام عارف والبكر وكلاهما ضباط .

مات عبد السلام في حادث طائرة فجاء شقيقه عبد الرحمن عارف وهو ضابط.

عام ١٩٦٨ أطاح البعثيون بعارف بانقلاب عسكري (يحلو للبعض تسميته ثورة في تلاعب واضح ومبتذل بمعنى الثورة) وجاء البكر للسلطة ثانيةً وهو ضابط ..

بعده جاء صدام للسلطة وهو بلا خبرة

اطلاقاً، فهو ليس عسكرياً ولم يعمل في وظيفة في حياته ولو ليوم واحد!!

ادارة دولة ليست مجالاً للتدريب والتجربة والخطأ، كما ان الخبرة العسكرية لاتصلح لادارة بلد لأن عقلية العسكري لاتصلح لادارة الحياة المدنية.

فما بالكم بمن يفتقر الى الخبرة تماماً في الميدانين العسكري والمدني؟

قد يقول قائل ان تشكيلة الحكومات المتعاقبة كانت تضم اشخاص اكفاء ولهم خبرة، لكني اتحدث عن صانع القرار وربّان السفينة!!

ماقيمة وجود مهندس او طبيب،كوزير في حكومة يرأسها ويسيطر عليها مجموعة من الجهلة والقتلة الموتورين؟

كيف يتفاهم معهم ويقنعهم بما لديه وهم جهلة؟

اسوأ فترة مر بها العراق وشهدت انحساراً في حضور الخبرات في مراكز القرار هي فترة مابعد العام ١٩٧٩ عندما تنازل البكر لصدام ..

تأملوا خارطة القوى :

صدام حسين : بلا خبرة وهو خريج اعدادية وحصل على شهادة القانون وهو في السلطة،

عزت الدوري: يحمل شهادة بسيطة ولديه كشك ثلج (هذا ليس عيباً لكنه لايؤهله لادارة بلد).

طه الجزراوي: نائب ضابط وقد تولى مسؤولية لجنة تنظيم التجارة التي تمسك بالملف الاقتصادي . لقد عاث فساداً بالاقتصاد (عندي ذكريات عن مواقفه عندما كنت اعمل في الجهاز المركزي للاسعار سوف اكتب عنها في المرات القادمة).

حسين كامل: شهادة المتوسطة ورتبة جندي

على المجيد: عريف

محمد حمزة : شهادة المتوسطة وعَمِلَ قاطع تذاكر في مركز صحي في الحلة.

هؤلاء السادة رحمهم الله، حتى لو امتلكوا درجة عظيمة من الوطنية وحب الوطن، فأنهم لايستطيعون خدمة الوطن لانهم لايعرفون كيفية القيام بذلك ..

واعتقد اننا شهِدنا وعانينا من نتائج قراراتهم الخاطئة ودفع بلدنا ثمناً باهضاً.

عام ٢٠٠٣ جاء الاحتلال واطاح بهؤلاء المناضلين (خريجي مدرسة النضال كما كانوا يقولون عن انفسهم وللاستهزاء باصحاب الاختصاص)، لكنه وضع بدلاً عنهم من هو بدون خبرة تماماً !!

ليس فيهم من مارس وظيفة مدنية ابداً. حتى الاطباء منهم، لم يمارسوا مهنة الطب !!

يضاف الى انعدام الخبرة، نزعة الفساد وتشتت الولاءات ..

كيف للبلد ان ينمو ويتقدم في ظل هكذا اوضاع ؟

وكلما جاء حاكم جديد استهزأ بالذين كانوا قبله وانتقدهم وانتقد سوء ادارتهم (كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا)..

التقدم والنماء يحتاج الى ادارة سليمة قبل ان يحتاج الى موارد...

هنالك بلدان غنيّة بالموارد، لكنها فقيرة. وهنالك بلدان فقيرة بالموارد لكنها غنية..

الادارة هي من تصنع الفرق..

 

د. صلاح حزام

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم