صحيفة المثقف

محمد الذهبي: فقرُ دم

محمد الذهبيفقرٌ قديمٌ منذ أيام الطفولة

لا تبتئس يا أيها المحللُ القدير

فقرٌ قديمٌ منذ أيامِ الصرائفِ والمعاملِ والحفاةِ على الطريق

فقرٌ سأكشفهُ قريباً بالوثيقة

لم أكنْ وحدي أعاني من صداعْ

كانوا جميعاً يشتكونْ

وكذاك ناصية الطريقْ

هذا الصداع ُرفيقُ دربي

خطوتي الأولى على دربِ المدارسِ والهمومْ

في أي تحليلٍ جديد... فقرٌ قديمْ

فقرُ الصرائفِ والليالي البارداتْ

من أين يأتي البرد يا أُمي؟

فتضمني ... نم يا بنيَّ فبردُ هذا الليلُ لم يكُ بالكبيرْ

نذرٌ جديدٌ للإمام وسوفَ تشعرُ بالحنانْ

سيغادرُ البردُ اللعينْ

البردُ يا أمي سيقتلني فماذا تفعلينْ

وهناك في أعلى السواترِ والجيوشْ

البردُ يا أمي عدوٌ من حديدْ

تصطكُّ أسناني وأشعرُ بالمزيدْ

وكأنهُ فقرٌ جديدْ

الجوُّ باردُ يا رفاق ؟

لا إنهُ يومٌ جميلْ

لكنني أختضُّ كالسعفِ النحيلْ

يا أمُّ فقرُ دمي يزولْ وأعود أدفأُ ؟

سيزولُ .. لكنهُ يحتاجُ للحمِ الوثيرْ

وسنأكلُ الخضرةَ تعويضاً عن اللحمِ الذي لا نشتهيهْ

سأشتري لك ما تريدُ من الخضرْ

الرشادُ والريحانُ والخبازُ

أو ربما نجمعهُ من تلك الجزائرِ والكهوفْ

أيعودُ فقري في المشيبْ ؟

لا لنْ يعودْ

تتناولُ المرآةَ تدنيها اليَّ

وجهٌ به ترعى النجومْ

من قال وجهك أصفرٌ ؟

هذا الطبيبُ لا يراكَ كما أراكْ

لكنهُ قد عاد ثانيةً سيقتلني الصقيعْ

الكلُّ قال

ليس الطبيب

حتى المعلم قال ذلك

وأصدقائي في الصفوفْ

لا تبتئسْ المعدنوس يعالجُ الفقرَ الشديدْ

الآن يا أمي تمادى

فقرٌ قديمٌ كالجديدْ

لم نبرحِ الفقرَ القديمْ

احلامُكُم فينا غدتْ مثل الغيومْ

مازالَ بيتٌ من صقيعْ

ولم يزلْ فقرٌ على تلك الدروبْ

هي خطوةٍ للموتِ أقربُ ما تكون

لم يتسعْ حلمٌ لدينا

أحلامُنا حد الكفوفْ

***

محمد الذهبي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم