صحيفة المثقف
يحيى السماوي: جرَّبتُ يوماً أن أكون سوايَ
جَـرّبْـتُ يـومـا ً أنْ أكـون سِـوايَ
غـيـرَ الـبـابـلـيِّ ..
كأنْ أكونُ الطائـرَ الـجَـوّالَ
جـرّبْـتُ يومـا ً أن أكونَ سِـوايَ .. (1)
غـيـرَ الـسّـومـريِّ الـزّاهـدِ المـسـكـونِ بامـرأةٍ
ومـشـحـوفٍ " يـطـرُّ الـهـورَ " ..
يـخـرجُ فـي الـصّـبـاحِ بِـعُـدّةِ الـصّـيْـدِ الـقـديـمـةِ:
" فـالـة ٌ " و " الـزّهْـرُ " ..
" قوري الـشّـاي " و " الـخـبـزُ الـرقـيـقُ "
فلا يعـودُ قُـبَـيْـلَ قـهـقـهـةِ الأصـيــلْ
*
جَـرّبْـتُ يـومـا ً أنْ أكـون سِـوايَ
غـيـرَ الـبـابـلـيِّ ..
كأنْ أكونُ الطائـرَ الـجَـوّالَ
والغـجَـريَّ لا وطـن ٌ لـهُ غـيـرُ الفضاءِ
وخيمةٍ تُـطـوى عـلـى عَـجَـل ٍ
إذا أزِفَ الـرّحِـيــلْ
*
أبدلـتُ بــ" الـيـشـمـاغِ " قُــبَّـعـة ً .. (2)
وبـ" الـمَـشـحوفِ " نـعْـلَ تـزلّـج ٍ
وبـطـاسَـةِ الـلـبَـنِ الـخَـضيـضِ الكأسَ ..
والـسّـمَ الـمُـعـتّـقَ بالـنّـمـيـر ِ الـسّـلـسـبـيـلْ
*
طـوَّفـتُ في مُـدُنِ الـنُّـحـاسِ ..
قـطـفْـتُ مـن روض ِ الـثـغـور ِ الـوردَ ..
لـكـنْ:
فـي الـحقـيـقـةِ لم يـكنْ إلآ رمـادا ً
غـيـرَ أنَّ الـسّـومـريَّ تـوهَّـمَ " الـجـنـفـاصَ " قَـزّا ً .. (3)
كان يـجْـهَـلُ مـا يُـريـدُ
ولـم تـكـنْ فـي حـيـنـهِ " أوروكُ " مـسـغـبـةً ..
و" عـشـقـائـيـلُ " ذاك الـوقـتُ لـمْ تـبْـعَـثْـهُ " إيـنـانـا "
لـذا فـالـسّـومـريُّ أضـاعَ قِـنـديـلَ الـسّـبـيـلْ
*
جـرّبْـتُ يـومـا ً
أنْ أعـيـشَ تـمَـرُّدي فـي جَـنَّـةِ الـمُـتـشـرّديـنَ:
غـفـوتُ في الـمُـتـنـزّهـاتِ
وفي مَـحـطـاتِ الـقـطـاراتِ الـقـديـمـة ِ ..
قـاسَـمَـتْـنـي غـادةٌ " روسِـيّـة ٌ " مـأوايَ
فـوق الـمَـصْـطـبـات ِ ..
وفي الـمـزارع ِ ..
فـي بـيـوتٍ بَـخـسَـةِ الإيـجـار ِ
يَـنْـدرُ أنْ يـعـودَ إلـى أسِـرّتِـهـا ـ إذا خـرجَ ـ الـنّـزيـلْ
*
وصَحَـبْـتـهـا فـي رحْـلـتـيْـن ِ ..
وحـيْـنـمـا أفـلـسْـتُ:
بـعـتُ الـخـاتـمَ الـذهـبـيَّ والـسّـلـسـالَ ..
عِـشـنـا لـيْـلــة ً حـمـراءَ ـ أو سـوداءَ ـ
فـي نُـزْلٍ يُـطِـلُّ عـلـى مَـضـيــق ِ " الـدّرْدَنـيـلْ "..
*
ثـمّ افـتـرقْـنـا بـعـد شـهـرٍ واحِـد ٍ
ذهـبَـتْ إلى " هِـنـغـارِيـا " ..
وأنـا اتّـجـهْـتُ إلـى " بـلـغـرادَ " ..
الـحـقـيـقـة ُ لـمْ أفـكّـرْ بـالـرّحـيــلْ
*
لـكـنّـمـا " اسْــتـنـبـولُ ":
مـوحِـشـة ٌ بلا مـالٍ تـنـشُّ بـهِ
ذئـابَ الـوحـشـةِ الـخـرسـاءِ فـي الـلـيـل الـطـويـلْ
*
حـاولـتُ أرجـعُ لـلـسـمـاوة ِ
غـيـرَ أنّ الـمـارق َ الـشّـيـطـانَ أغـوانـي ..
فـيَـمَّـمْـتُ الـحـقـيـبـة َ نـحـوَ " صـوفِـيّـا " ..
رقـصْـتُ ...
ثـمـلـتُ ...
نـمـتُ بـفـنـدق ٍ ..
أفـلـسْـتُ :
بعـتُ الـسّـاعـة َ الـرّولـكس ..
بعـتُ الـسـتـرةَ الـجـلـديـّـة َ ..
القمصان َ ..
بعـتُ حـقـيـبـتي ..
سـأعـودُ ـ قـالَ الـسّــومَـريُّ ـ إلى الـحـقـيـقـة ِ:
لـنْ أكـون سـوايَ ..
يـأبـى أنْ يـفـرَّ مـن الحـمـامـة ِ
ســيّـدُ الـشـجـر ِ الـنـخـيـلْ
*
فـرجـعـتُ صَـبّـا ً سـومَـريّـا ً:
يـرتـدي عـشـبـاً
ويـصـنـعُ لـلـتـي لـيـسَـتْ تُــسـمّـى:
مِـعْـضَـدا ً مـن فِـضّـة ِ الـكـلـمـات ِ ..
ثـوبـا ً مـن زهـورِ الـيـاسـمـيـن ِ ..
حِـلـىً ... ومِـسْــبـحـة ً..
وشـالا ً مـن يـواقـيـتِ الـهَـديـلْ !
*
ورسـالـة ً بـيـضـاءَ مـن عَـتَـبٍ
مُـبَـلـلـة ً
بـدَمـع ِ نـدامَـةِ الـقـلـبِ الـمـوَزّع ِ
بـيـن مـفـتـاح ِ الـغـد ِ الـمـاضـي
وبـاب ِ الـمـسْـتـحـيـلْ:
*
أأنـا قـتـلـتُ بـسـيْـفِ وهْـمـي الـسّـومـريَّ الــعـاشـقَ
الـمـسـكون َ بـامـرأة ٍ
ومـشـحـوف ٍ " يـطـرُّ الـهـورَ "
أمْ كـنـتُ الـقـتـيـلْ ؟
*
أيّـاً أكـونُ :
فـإنَّ سـيـدةَ الـنـسـاءِ الـسـومـريَّـةَ
لم تـكـنْ قـد أرسـلـتْ بالأمـسِ " عـشـقـائـيـلَ "
فـانـزَلـقَ الـفـؤادُ عـن الـسّـبـيـلْ
***
يحيى السماوي
...................
(*) من مجموعتي (بعيداً عني .. قريبا منكِ) الصادرة عام 2011
(1): المشحوف: زورق يصنع من القصب والبرديّ ـ سومريّ الأصل . والفالة: أداة بدائية لصيد الأسماك .. والزهر: نوع من أنواع الحنظل الشديد المرارة يُستخدم طُعما لاصطياد الأسماك .. و " يطرّ الهور ": يقطع / يجتاز الهور ـ والجملة من أغنية فولكلورية عراقية .
(2): اليشماغ: غطاء الرأس / الكوفية ..الطاسة: إناءٌ صغير نصف كروي يصنع من النحاس غالبا .
(3) الجنفاص: قماش خشن يصنع غالبا من نسيج الكتّان ، يتخذ منه الفقراء ثيابا .