صحيفة المثقف

يحيى السماوي: هـبوط إينانا من عالمهـ العلوي

يحيى السماويورحيل أنكيدو الى اللامكان


  

 

(1) هبوط اينانا

هَـبَـطـتْ مـن بُـرجِـهـا الـعـلـويِّ  " إيـنـانـا " (1)

احـتِـجـاجـاً

ضـدَّ " أنـلـيـلَ " ومـا يـكـنـزُ مـن تِـبـرٍ

ومـالٍ  وقِـيـانْ

*

وريـاشٍ  فـي رِحـابِ  " الـمـعـبـدِ الأخـضـرِ "

فـي وادي الـيَـتـامـى  ..

والــمُــرائـيـنَ الــمُـصَـلِّـيـنَ  أمـامَ الـنـاسِ

جَـهـراً  ..

ووراءَ الـسُّـورِ مـا نـالَ امـرؤُ الـقـيـسِ مـن الـلـذةِ

مـن زادٍ وكـأسٍ ونـدامـى

وغَــوانْ

*

هَــبَـطَــتْ مـن بُـرجـهـا  الـعـلـويّ

أنـثـى

مـثـلَ بـاقـي الأنـثَـيـاتِ الـغِـيـدِ

إلآ أنـهـا لـم تـكُ مـن طـيـنٍ

فـقـد كـانـتْ مـن  الإبـريـزِ والـمـاءِ (2)

وزَهــرِ الــزُّعْــفُــرانْ

*

تـرتـدي ثـوبـاً مـن الـبـرديِّ والـعـشـبِ

وقـد  أبـدَلَـتِ  الـقُـبَّـعـةَ الـقـطـنَ

بـمـا تـحـمـلـهُ كـاهـنـةُ الـمـعـبَـدِ  ..

والـمـشـحـوفَ بـالـهـودجِ .. (3)

واسْــتـغـنـتْ عـن الـقـزِّ

فـأضـحـتْ تـرتـدي الـعُـشـبَ وزهــرَ الأقـحـوانْ

*

لـم تـقُـلْ شُــكـراً  لِـيـاقـوتٍ

ولا أفٍّ  لـفـقـرٍ

رمَـتِ الـمِـكـحَـلـةَ الـفِـضَّـةَ

والـعِـقـدَ الـمُـوشَّـى بـعـقـيـقٍ

ورمَـتْ بـالـصَّـوْلَـجـانْ

*

جـابَـتِ الأحـيـاءَ

تَـسـتـقـرئُ حـالَ الـنـاسِ فـي أوروكَ

فـي عـهـدِ الـسـلاطـيـن الــسِّــمـانْ

*

فـرأتْ ما لـمْ يَـرَ الآلـهـةُ الأعـلـونَ :

أكـواخـاً مـن الـبـرديِّ والـطـيـنِ ..

قـصـوراً ..

وقـلاعـاً  ومَـغـانْ

*

وجَـدَتـنـي ألـعَـبُ الـنـرْدَ

وأحـسـو مـن مُـضـاغِ الـعَـسَـلِ الــمُــرِّ كـؤوســاً (4)

تـائـهـا أبـحـثُ عـنـي فـي فـصـولِ الـلامـكـانْ

*

أخَـذَتْـنـي مـن تـلابـيـبِ قـصـيـدي

أسْــكَـنَـتْـنـي

فـي مـكـانِ الـلازمـانْ

*

أدخَـلَـتْـنـي ســبـعَ واحـاتٍ

وقـالـتْ:

لـكَ مـنـهـا مـا تـشــاءُ

الـزرعُ والـضَّـرعُ

ومـا فـي داخـلِ الأرضِ وفـوقَ الأرضِ

إلآ

ما عـلـى الأرضِ مـن الـغِـيـدِ الـحِـسـانْ

*

فـأنـا رغـمَ هـبـوطـي مـن سَــمـاواتـي الـى الأرض

فـلا زلـتُ عـلـى طـبـعـيَ:

لا أقـبَـلُ أنْ تُـشْــرِكَ بـيْ أخـرى

ولـو كـانـتْ يـواقـيـتَ ودُرَّاً وجُـمـانْ

*

كـلُّ مَـنْ  يـنـكـثُ عـهـداً بـالألــوهِــيَّــةِ

قـد أبـدَلَ بـالـعـزِّ الـهَـوانْ

*

لا يَـغـرَّنَّـكَ  أنْ أنـتَ قـتـلـتَ الـوحـشَ  " خـمـبـابـا " (5)

فـمـا زلــتَ ضـعـيـفـاً ..

أنـتَ لا تـمـلـكُ  أنْ تـمـسـكَ خـيـطـاً مـن دُخـانْ

*

فـاحْـتـرسْ مـن  حِـلـمِ " إيـنـانـا "

إذا حـارسُـهـا الأرضـيُّ خـانْ

*

قـلـتُ:

يـامـولاتـيَ الـمـعــصـومـةَ الـلـذّاتِ

ســمـعـاً وامْـتـنـانْ

*

فـأنـا أتـعَـبَـنـي الـلـهــوُ

فـلا " شـامـاتُ " تـغـويـنـي كـمـا  فـي الأمـسِ

أمـسـيـتُ نـدامـايَ قـصـيـدي

وأنـيـسـي الـبـحـرُ  والـوردُ

وغـابُ الـسـنـديـانْ

*

رفـعـتْ سُــبّـابـةَ الـيُـمـنـى

وقـالــتْ:

قـبـلَ أنْ تـدنـوَ مـن بـحـرِ قـصـيـدٍ

حَـدِّدِ  الـقـصـدَ

فـشِـعـرٌ دونَ  قــصــدٍ طـاهـرِ الـنِّـيَّـةِ

ضَـربٌ

مـن ضـروبِ الـهَـذَيـانْ

*

وأضـافـتْ:

يـذكـرُ  الآبـاءُ والأجـدادُ

أنَّ الـنـاسَ فـي أوروكَ كـانـوا

" عـروةَ  بـن الـوردِ " فـي  الـغُـنْـمِ  (6)

وصَـحـنـاً  واحـداً  فـي الـقـحـطِ

كـلُّ الـنـاسِ كـانـوا  واحـداً فـي رزقِ بـيـتِ الـمـالِ

راعـي الـشـاةِ  والـوالـي

ونـجـلُ الـراهــبِ الــقــسِّ

ونـجـلُ  الـزّبْـرقـانْ (7)

*

 

فـلـمـاذا أصـبـحـوا الان كـأسـنـانِ الـتـمـاسـيـحِ

وكـانـوا  مِــثــلَ مِــشــطٍ ؟ (8)

حـانَ وقـتُ  الـفـصـلِ بـيـنَ الـصـدقِ والـزيـفِ

وبـيـن الله والأصـنـامِ

حـانْ

***

يحيى السماوي

.....................

القصيدة من مجموعتي الجديدة  (فراديس إينانا) التي ستصدر مطلع العام الجديد  بإذن الله .

(1) إينانا إلهة المطر والخصب والحكمة والحب والجنس .. وإنليل رئيس مجمع الآلهة في ملحمة كلكامش .

(2) الإبريز: الذهب الخالص .

(3) المشحوف: زورق رشيق يصنع من قصب البردي، سومري الأصل، يستخدم للصيد والتنقل بين الأهوار.

(4) العسل المرّ:  مصطلح كنت أطلقه على الخمر في شبابي .

(5) خمبابا: وحش غابة الأرز القويّ  الذي كان يرعب مواطني أوروك.

(6) عروة بن الورد: أمير الصعاليك ونصير الفقراء القائل:

أوزّع جسمي في جسوم كثيرة

وأحسو قراح الماء والماء بارد .

(7) الزبرقان: صحابي جليل واسمه الحصين بن بدر التغلبي . والمراد في المقطع أن الناس كانوا متساوين في الحقوق فلا فرق بين ابن نصراني وابن صحابي  أو بين مذهب وآخر .

(8) إشارة الى القول المنسوب للإمام جعفر الصادق "ع ": الناس سواءٌ كأسنان المشط " .

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم