شهادات ومذكرات

فاطمة الزهراء بولعراس: يوم مع شلالات نياجرا

fatimaalzahraa bolaarasمن منا لم يسمع بتلك الشلالات العجيبة شلالات نياجرا؟.. من منا لم ينبهر بصورها والماء يتدفق مدرارا بقدرة فائقة.. من منا لم يرهب قدرة الله وقوته وعظمته وهو يرى هذه الآيات العظيمة وتلك الآلاء الخارقة؟.. لكن من فكر في زيارتها ؟ وهل هي متاحة مثلا بنفس الفرصة التي تتاح  لنا لزيارة برج إيفل  مثلا؟.. لا أظن ذلك

 شخصيا لم أكن أحلم بالوصول إليها وأذكر أنني عندما قرأت عنها وأنا مراهقة انبهرت أكثر بذلك الكاتب اللبناني (نسيت اسمه) الذي وصفها منبهرا بدوره.. تحدث عن اللجين المتدفق بقوة خارقة وعن الجمال الذي تمتاز به تلك الشلالات التي لا مثيل لها في أي مكان آخر وأعتقد أنه زارها من الجهة الأمريكية حسب ما أذكر يعني من ولاية نيويورك وكانت نيويورك المدينة أو الولاية (لا يهم) بالنسبة لفتاة مثلي تعيش في مدينة صغيرة تشبه القرية  هذه النيويورك بدت لي في ذلك الوقت وكأنها موجودة في السماء لا في الأرض.. لذلك كنت أتساءل لم يذهب هؤلاء إلى هناك أصلا وكنت معجبة بشعراء المهجر وكتاباتهم العميقة ولطالما بكيت وأنا أقرا بغض نصوصهم لما أجد فيها من صدق وحنين جارف..وخاصة بعض النصوص الإنسانية التي خاطبوا بها بلدهم (لبنان) لأن اغلبهم من هناك...ولكأن هجرتهم عمقت انتماءهم و ربطت قلوبهم  بوشائج الحب والحنين الأبدي.. وما أشبه اليوم بالبارحة مع اختلاف قد يكون كبيرا في ظل هذه العولمة وهذه الحروب وتلك الوسائل المتاحة

1058-fatima

وهكذا غمرتني فرحة عارمة وأنا أنطلق لزيارة الشلالات وعلى خطى ذلك الكاتب اللبناني شحذت قلمي وكل ما أملك من لغة لكي أكتب عنها  كأول مرة رغم أنها الأكثر شهرة في العالم تعم بدأت رحلتي إلى نياجرا في ذلك الخميس الرابع من أوث 2016

المسافة بين مونتريال بمقاطعة الكيبك وتورونتو بمقاطعة أونتاريو طويلة ولا تقطع في أقل من ست ساعات كاملة... لكننا قطعناها (ابني وزوجته وزوجي وابنتي وأنا) في أكثر من ثماني ساعات  نظرا للأشغال التي كانت تنجز في أجزاء من الطريق... المناظر كانت رائعة حيثما وليت وجهك شمالا أو يمينا غمرتك الخضرة والفضاء الواسع... الجو كان جميلا... فكنا نعب من الهواء النقي بينما نمسك بهواتفنا نلتقط صورا لهذه الأماكن الرائعة وفي بعض الأحيان نسجل فيديوهات كأننا نريد القبض على المكان الجميل ولو للحظات

وصلنا تورونتو وأكملنا إلى نياجرا ووصلناها على الساعة الثامنة ليلا   وبعد استراحة قصيرة نزلنا  لنرى الشلالات العظيمة وهي تتدفق بقوة خارقة تقابلها الأضواء الملونة فتنعكس على المياه فإذا بها تتلألأ  بألوان الزرقة والأرجوان... الناس ينتشرون أمام الشلالات على الحواجز الحجرية يلتقطون الصور صامتين أمام قدرة الخالق وعظمته؟؟ بعضهم يسجل فيديوهات البعض الآخر يحمل كاميرا...كل منشغل بما هو فيه كل حريص على ما هو فيه وكل يستمتع بالمكان بطريقته.... لكن الجميع متيقنون أنه مكان يجب أن يزار إذا ما أتيحت الفرصة لزيارته وأنه لا يوجد مثله آخر  في طول العالم وعرضه

لا شئ يمكن أن تقوله وأنت ترى هذا الجمال المتدفق في المياه الغزيرة والرذاذ يتطاير منها ويغطي مسافات واسعة فينزل على الوجوه فينعشها وينزل على الأرض فيبللها لا شئ سوى : سبحانك يا الله سبحانك يا رب يا بديع السموات والأرض

لم نفوت الفرصة في زيارة الشلالات مرة أخرى في الصباح مادمنا قد قضينا ليلتنا هناك فلم نعجل العودة إلى مونتريال وعدنا مرة أخرى إلى الشلالات نتملى جمالها في النهار لا لغة تصفها لا تعبير يفيها حقها وأي وصف سيزري بجمالها... بقوتها.... بنصاعتها.... بصفائها...  ولا شئ يصف شعورك وأنت على بعد يسير من العالم الجديد.... من نيويورك.... والشلالات  من الضفة الأخرى (الجهة الأمريكية) لكن وكما قيل لنا فإنها تشاهد بشكل أكبر وأجمل من كندا....

منظر الشلالات نهارا كان أفضل وأوضح وقد متعنا أنظارنا بكل هذا الجمال لأكثر من ساعتين كانتا من أجمل أوقاتنا انطلقنا بعدها عائدين إلى مونتريال محملين بذكريات جميلة وراحة وهدوء اكتسبناهما من الخضرة والماء والرحابة وعظمة الخالق

 وكانت رحلة العودة أقل صعوبة والجو ألطف ووصلنا مونتريال في السابعة مساء وقد ارتوينا بالطبيعة في رحلة جميلة لم نكن قد خططنا لها....ونحن نحلم (أسرتي وأنا) برحلة أخرى لكن لا أظن أنها ستكون أجمل من زيارة شلالات نياجرا المدهشة الرائعة.......يتبع

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم