شهادات ومذكرات

حسام الدين الآلوسي.. رائد الثقافة الفلسفية في العراق

محمود محمد عليما زلت أؤمن بل ربما أكثر من أي وقت مضي بأنه قلما يحظي مؤرخ الأفكار والباحث الأكاديمي المحقق المختص بأحد فروع الفلسفة ومشكلاتها وتاريخها بما يناله من أصحاب المشاريع الفكرية التي ملأت الساحة الثقافية العربية بإعادة النظر في التراث وفق أحدث تيارات ومناهج الفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة. فالأول ينصب اهتمامه الأساسي بالعقل في التاريخ، وما صدر عنه من اجتهادات في صراعه مع القوي المعارضة له، والثاني تنصب نظرته علي الواقع الاجتماعي والسياسي المعاش ومشكلاته، وكيفية التعامل معها انطلاقا من التراث الفكري التاريخي والأفكار الحديثة ؛ إلا أننا ( كما يقول د. أحمد عبد الحليم في مقال له بعنوان حسام الدين الآلوسي المنهج والرؤية): " نشهد في الواقع عدد من الأساتذة الاكاديميين الجاديين يقدمون لنا رؤي ومناهج من واقع خبراتهم للعديد من القضايا التي لا يستطيع المفكر والإنسان العربي المعاصر أن يغض الطرف عنها وفي مقدمتها: العقلانية، والحرية وإعادة النظر في التاريخ والواقع والمفاهيم اللامحدود التي تمتلأ بها الثقافة العربية والفكر العربي المعاصر": ومن هذا النوع نذكر حسام الدين الآلوسي الذي أكتب عنه هذه السطور.

يعد الفيلسوف حسام محي الدين الآلوسي (1936 – 2013) من أبرز المفكرين العراقيين المعاصرين، الذين قدموا لنا منهج عقلاني تكاملي متفتح ورؤية فلسفية ملتزمة: تؤكد التسامح، والحوار، والتعددية، وتفسح المجال للآخر، وهي رؤية ( كما أكد د. أحمد عبد الحليم في مقاله السالف الذكر) بين تاريخية ونسبية المفاهيم وإطلاقية الحقيقة، والتي يسميها " النسبية والإطلاقية" سواء في مجال المعرفة أو الأخلاق أو القيم .

ويظهر هذا في كتاباته المختلفة وفي حواراته المتعددة، والتي تؤكد لنا بحق أنه مفكر رصين، قوي الروح، سديد الرأي، عميق الفكر، واسع الثقافة والمعرفة، وهو من أصحاب الاتجاه الماركسي وفلسفة العلم، وأحد أعمدة وأركان الفكر العراقي، الذي عرفته المنتديات الفكرية، وكان له باع طويلة في ميادين وحقول الفكر النقدي والحراك الفلسفي.

كما يعد الدكتور الآلوسي أحد أساطين العقلانية المنفتحة، الذين لم يتخلوا عن ثقتهم بالعقل، وعن التشديد على ضرورة سيادة الحوار العقلاني في حل الإشكاليات العالقة، على الرغم من الأزمات التي عصفت بالتفكير الفلسفي والعلمي وبالقيم الثقافية والأخلاقية في زمانه، فهو أحد أبرز المفكرين العراقيين المعاصرين القلائل الذين تتميز بحوثهم بالسمة الموسوعية، فلا نجد ميداناً من ميادين النشاط العقلي لم يسهم فيه هذا المفكر. انشغل واهتم بدراسة الفكر الإسلامي بشقيه الفلسفي واللغوي، واهتم بمعالجة قضاياه بمنظور عقلاني مسترشداً بالمنهج الجدلي التاريخي الاجتماعي.

هو بشهادة الكثيرين يمثل أحد أعمدة الفلسفة في العالم العربي الذي تشهد له جامعات العراق ومعاهده ومراكزه العلمية، على طول باعه في ميدان الحراك الفلسفي والفكر النقدي، خلال العقود الأخيرة من عصرنا الراهن، فهو الفلسفة في العراق ؛ حيث ينتمي لجيل فلسفي ضمّ أسماءً جادة قليلة: يُذكر معه، من بين من يُذكر، الراحلون الدكتور ياسين خليل، والدكتور كامل مصطفى الشيبي، والدكتور عرفان عبد الحميد. مارس الفلسفةَ تدريساً أزيد من خمسة عقود، في العراق وفي جامعات عربية مختلفة، فتتلمذ على يديه العديد من الطلبة. لم تنتج، ولم تشهد، الأكاديميةُ الفلسفية في العراق باحثين فلسفيين متميزين كثيرين.

ولد الدكتور حسام الدين محيي عبد الحميد الآلوسي عام 1936 في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية في هذه المدينة لينتقل بعدها الى العاصمة بغداد لإكمال دراسته الجامعية؛ إذ درس في جامعة بغداد، كلية الآداب- قسم الفلسفة وتخرج منها. وفي عام 1961 سافر الآلوسي ببعثة على نفقة الدولة إلى بريطانيا لإكمال دراسته العليا؛ حيث دخل جامعة كمبرج وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1965 عن أطروحته (مشكلة الخلق في الفكر الاسلامي)، وبعد عودته الى العراق عمل أستاذا في قسم الفلسفة جامعة بغداد وترأس القسم في أوقات متفرقة. كما عمل الدكتور الآلوسي أستاذا للفلسفة في جامعات ليبيا، الكويت، صنعاء، وعمل مستشاراً للعديد من المجلات العلمية في العراق، وفي العديد من البلدان العربية، وفي السابع من تشرين الأول/ أكتوبر في عام 2013 انتقل إلي رحمة الله.

وفي سيرته العلمية نقرأ أنه: عمل أستاذاً في قسم الفلسفة جامعة بغداد منذ عام 1968 وترأس القسم في أوقات متفرقة، وهو عضو الهيئة الإدارية لجمعية العراق الفلسفية، والمسؤول عن الجانب العلمي والإنتاج العلمي في الجمعية، ونائب رئيس الجمعية الفلسفية العربية التي مقرها الأردن، وعضو مشارك في الجمعية المصرية الفلسفية، ورئيس قسم الدراسات الفلسفية في بيت الحكمة منذ 2006. كما أشرف على العديد من طلبة الدراسات العليا، الماجستير والدكتوراه، خلال مسيرته التدريسية، وعمل مستشاراً لمجلة دراسات معاصرة في كندا، كما عمل مستشارا لمجلة أوراق فلسفية التي تصدرها جماعة أوراق فلسفية جامعة القاهرة

والدكتور الآلوسي أحد المفكرين العراقيين المعاصرين القلائل الذين تتميز بحوثهم بالسمة الموسوعية، فلا نجد ميداناً من ميادين النشاط العقلي لم يسهم فيه هذا المفكر، ونشير هنا إلى كتبه الرئيسة: ": كتاب حوار بين الفلاسفة والمتكلمين، وكتاب مشكلة الخلق في الفكر الاسلامي باللغة الإنجليزية، وكتاب الأسرار الخفية في العلوم العقلية- تحقيق ودراسة، وكتاب من الميثولوجيا إلى الفلسفة أو بواكير الفلسفة قبل طاليس، وكتاب الزمان في الفكر الديني والفلسفي القديم، وكتاب دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي، وكتاب فلسفة الكندي وأراء القدامى والمحدثين فيه، وكتاب التطور والنسبية في الأخلاق، الفلسفة والإنسان، وكتاب الفلسفة اليونانية قبل أرسطو، وكتاب مبادئ علم الاجتماع والفلسفة، وكتاب مدخل الى الفلسفة، حول العقل والعقلانية، وكتاب الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم ؛ وكتاب تقييم العقل العربي ودوره من خلال نقاده ومنتقديه، وكتاب أزلية العالم ودور الإله عند ابن رشد (دراسة نقدية معاصرة).

كما نشر الآلوسي مجموعة من الأبحاث في المجلات العلمية العراقية والعربية من بينها: «البنية والعلاقة» (المجلة الفلسفية العربية، الأردن، شتاء 1990) «الفلسفة والعلوم الأخرى» (ضمن كتاب سلسلة المائدة المستديرة، بيت الحكمة، آذار 1998) «الأنسنة عند ابن رشد» (مجلة مقابسات البغدادية، العدد الأول 2005). كما قام بتحقيق بعض النصوص الفلسفية، مثل كتاب «الأسرار الخفية في العلوم العقلية»، للعلاّمة ابن المطهر الحلي، وذلك بمشاركة مع الدكتور صالح مهدي الهاشم.

وإلى جانب كونه مفكراً كان الآلوسي شاعراً يمتلك شعرية خصبة ؛ خاصة وله في هذا المجال ديوان شعري يحمل اسم " زمن البوح "، الذي قال عنه: " إن هذا الديوان يحمل غربة عن الزمن،،وعن الآخرين، وعن تراثي، وأنا ليس كما يراني الناس منتظماً، فأنا أعرف أنني ربما ضللت الطريق، وحين تجدوني وحدي، فأنا كذلك في الديوان وفي سلوكي، حيث إنكم ستجدون في القصائد إنساناً يتكلم بعقله في بيت شعر ما، وفي بيت آخر يتحدث بقلبه " .

وكانت للدكتور الآلوسي مطارحات مع كبار أساتذة الفلسفة في الوطن العربي من أمثال الدكتور حسن حنفي في كتابه تجديد علم الكلام، والدكتور محمد عابد الجابري في كتابه بنية العقل العربي وغيرها من الكتب، والدكتور صادق جلال العظم في كتابه نقد الفكر الديني، والدكتور حسين مروة صاحب كتاب النزعات المادية في الفلسفة العربية، والدكتور طيب تيزيني صاحب كتاب مشروع رؤية للفكر العربي في العصر الوسيط، وغيرهم من الكتّاب العرب الذين يشغلون الساحة الفلسفية والفكرية العربية بنتاجاتهم وكتبهم القيمة .

فمن بين ما تناوله بالبحث والتحليل دور الفلسفة راهناً من خلال طغيان ( العلم ) وتبوؤه مركز الصدارة بتزايد، منذ عصر النهضة وإلى اليوم، في معالجة ظاهر الطبيعة والكون والإنسان، في مقابل تضاؤل الفلسفة ومكانتها حتى وقت قريب، فكان الهدف عند الآلوسي في تناوله لموضوع تكامل الفلسفة والعلم لا تضادهما هو التأكيد أن الفلسفة والعلم يؤديان مهمة تكاملية متضادة. الفلسفة كما يراها الآلوسي ترينا أي نوع من العالم أو الكون هذا الذي نعيشه ونتقلب، ولهذا يشبهها بقائد الجيش أو قائد الاوركسترا، فالفلسفة هي مركب من نتائج العلوم، لها حقول عدة وليس حقً واحدا كما يقول الفيلسوف الآلوسي، إنها وراء كل الحقول إليها، وربما أن يدخل أبداً، ومع ذلك فالإنسان محتاج لأن يرسم حدودها ويدخلها بدجون يقين العلم .

ولذلك يدور المشروع الفلسفي للدكتور حسام الآلوسي حول معالجة قضايا الفكر الإسلامي انطلاقاً من منظور عقلاني حداثي، وباستخدام المنهج الجدلي التاريخي الاجتماعي، ويهدف من ذلك إلى تصحيح نظرتنا للتراث الفكري والفلسفي الإسلامي. وبالتالي يعتبر مشروع الدكتور الآلوسي مشروعاً نقدياً، يحاول أن يمهد الطريق نحو ظهور فلسفة أصيلة وجديدة عربية معاصرة. ذلك أن تصحيح نظرتنا إلى التراث، انطلاقاً من فكرنا المعاصر، يؤدي تلقائيا إلى زيادة حرية الفكر، وبالتالي ظهور أفكار إبداعية جديدة، ويذكر الراحل فيما يخص القضية الجوهرية في فكره في كتابه (تجربتي الفلسفية)، قوله: مجال الفكر الفلسفي العربي والإسلامي: هذا هو ميداني الخاص... بالنسبة لكتاب دراسات في الفلسفة الإسلامية فهو مجموعة بحوث. وكل منها يفتح نتائج جديدة ويؤشر مسارات ويصحح أحكاما ويصح ذلك على بحثنا فيه عن الغزالي مشكلة وحل وبحثنا نظرية الفيض للفارابي بمنظور معاصر نقدي، وكذلك بحثنا فيه عن تقسيم العلوم ونشأة الفكر العربي الإسلامي... كل كتبي ليست تاريخاً للفلسفة، بعضها فيها تاريخ، ولكن ليس للتاريخ، بل للوصول إلى أهداف أخرى.

وقد تأسس مشروع الآلوسي الفلسفي على معالجة قضايا الفكر الإسلامي انطلاقاً من منظور عقلاني حداثي، واستند إلى المنهج الجدلي التاريخي الاجتماعي، وقد حدد منهجه من خلال الخطوات الآتية: أولاً، دراسة المعلومة بحسب منهجية تقوم على ربط النص أو الموضوع بالأساس الاجتماعي والمطروح العلمي والتراكم المعرفي؛ ثانياً، الالتفات إلى الكل أو البنية عند دراسة الجزء أو النظرية للشخص أو النص؛ ثالثاً، الحذر من التعامل التجزيئي؛ رابعاً، الابتعاد عن الأسلوب الانتقائي من التراث المدروس أو الفكر المدروس والمقصود هنا ليس الفيلسوف الواحد بل المنظورات الفلسفية السائدة في زمان ومكان ما؛ خامساً، الجدلية، وهذا واضح في سياقات نظرتنا إلى تراثنا الفلسفي الفكري؛ سادساً، التكاملية، وبعض عناصرها الاستعانة بكل العلوم؛ سابعاً، التواصل، ضد الشوفينية مثل أكذوبة المعجزة اليونانية أو المغالاة في عقلنة الفلاسفة اليونان. (حسام الآلوسي، تجربتي الفلسفية، جريدة الأديب، السنة الثانية، العدد 75، 8 حزيران 2005).

كما يُعد كتابه «حوار بين الفلاسفة والمتكلمين» أول بداية فلسفية محكمة في اللغة العربية للمفكر العراقي بمعناه الموسوعي، وقد صدر نهاية الستينيات من القرن العشرين. عالج فيه موضوعات الفلسفة الإلهية والميتافيزيقية في واحدة من أعمق المشكلات الفلسفية في تاريخ الفلسفة إلى اليوم، فعرض فيه لآراء الفلاسفة واللاهوتيين، لا سيما آراء أرسطو والمدرسة الفيضية الإسلامية وموقف المتكلمين من مشكلة الوجود ونقد الغزالي للفلاسفة وردود ابن رشد. (حسن مجيد العبيدي، شيخ فلاسفة العراق المعاصرين وعميدهم حسام الآلوسي، موقع كتابات).

نادى حسام الآلوسي بالعلاقة التواصلية أو «التواصل الفلسفي» بين الفكرين الإسلامي والغربي التي ضمنها في كتابه «الزمان في الفكر الديني والفلسفي وفلسفة العلم»، كما آمن بمفهوم التقدم «الخطي» للإنسانية، وعارض مقولة المركزية الأوروبية، وأن الفكر الإسلامي لم ينطو على فكر فلسفي أصيل، وأن قيمته تتركز في حفظه للفلسفة اليونانية في العصر الوسيط؛ ثم رأى أن كلا من الفكر الغربي الحديث والفكر المسيحي الوسيط أخذ الكثير من التصورات الفلسفية عن الفلسفة الإسلامية، خصوصاً في قضية الزمان وأدلة وجود الله وقدم العالم.

أما المرجعيات التي استقى منها الآلوسي ملامح منهجه هذا وحدد منطقه وتطبيقاته على الفكر الفلسفي بعامة والإسلامي بخاصة، فهي مؤلفات في الفلسفة الماركسية من أمثال كيللي وكوفالزون في المادية التاريخية والمادية الديالكتيكية، وكورنفورث، العلم ضد المثالية، ويوفتشول، موجز تاريخ الفلسفة، وبيوري، حرية الفكر، وجون لويس، المدخل إلى الفلسفة، وفرديريك انجلز، الاشتراكية الطوبوية والاشتراكية العلمية، وغيرها. مما يعني أن الفيلسوف الآلوسي كان قد تبنى مصادر المنهج المادي التاريخي الجدلي الكلاسيكية، مع تطوير قام به نفسه على هذا المنهج عَبَر به إلى حقل الفلسفة العربية الإسلامية بامتياز، ونجح في ذلك، أيما نجاح، في دراساته الفلسفية المتنوعة التي تدل على موسوعية يندر وجودها في أيامنا هذه وفي تخصص الفلسفة اليوم.

والآلوسي يذكرك بموسوعية أفلاطون وأرسطو والفارابي وابن سينا وابن رشد وكانت وهيجل ورسل على اختلاف فلسفاتهم ومنطقهم، ورؤاهم المعرفية والقيمية، حتى عدّه زميله الدكتور عبد الستار الراوي من أصحاب المشاريع الفلسفية، وأطلق على مشروعه العقلانية التكاملية، قائلاً: أن الفلسفة لدى الآلوسي، تنأى عن التجاوزية الهائمة في سحابة الفكر والعوالم المجردة، وبذات القدر فإنها تدحض بيانات المادية الهابطة، وتظهر سذاجتها ازاء الكون والإنسان، إنها محاولة لتعقل الأشياء لرؤيته، لا تقف عند المظاهر الخارجية والسطوح المكشوفة، ولا يدع الآلوسي الفلسفة في إطار التعريف والتوصيف، وإنما يضفي إيقاعاً ثورياً متجاوزاً مع الصدى الأيديولوجي القديم، مردداً مع ماركس (الفلسفة ليس وصف الواقع بل تغييره)، يراجع، كتاب الفكر الفلسفي العربي المعاصر، بيت الحكمة، بغداد 1999.

وعدّه الدكتور علي حسين الجابري من فلاسفة الجيل الثالث الذي درسوا الفلسفة في العراق في النصف الثاني من عقد الستينيات من القرن المنصرم، في بحثه المشهد الفلسفي الأكاديمي العراقي في القرن العشرين، منشور في كتاب الفلسفة في الوطن العربي في مائة عام، بيروت 2002.

ولكن، يبقى الآلوسي قامة فلسفية عراقية عربية بامتياز في القرن العشرين وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، قل نظيرها.

 

د. محمود محمد علي

رئيس قسم الفلسفة وعضو مركز دراسات المستقبل – جامعة أسيوط

 

في المثقف اليوم