نصوص أدبية

الفراشة تسكرها النار

حتى الإنتظار .

المنفى يليق بإله غريب

أنا من غيمة ٍ ولدت ُ

أمي هي السحب المرتحلة

من أرض إلى  أخرى

أورثني أبي عزلته

وأوصاني بالصمت ونسج الأسرار

لكنك ِ سيدتي جئت ِ

   من وحشة الطريق

 كي تعلميني الإبتسامة

نسيت ِ بأن الدروب تنبت حصى

والشواطىء التي كانت خضراء

لم تعد تمنح مسراتها للعابرين

ونسيت ِ أني مثل الفراشة

تـُسكُرني النار ُ

أثمل ُ مع آخر حرف

يترنح بين أصابعي

أصابعي دوما ً ترتعش ُ

وهي تـُبصر ُ خلال القميص

غمامة ً ترقص ُ بحرية

تـُبصر ُ الحريق بركة ً عالية ً

تود أن تشرب الماء

من حَلَمات النار

تـُود ُ لو تكتب ُ القصائد َ

لو تـُشعلُها في غاباتك ِ النائمة

لكن الأشجار مثل الفراشات طارت

وإنغرست بواد ٍ غير ذي زرع

لمن أكتب قصائدي إذن ؟

ليس لي سوى عزلتي البيضاء

كرسي ٌ من الخيزران عرشي

والورقة المصقولة تنتظر ُ ساعات ٍ على الطاولة

همومي في الغرفة

تذهب ُ وتجيء لوحدها

عقلي عاطل ٌ

قلبي وحده غاطس ٌ

في عذوبة حب ٍ

تلهمه إياه عصافير ُ الفجر

لكنه في منتصف النهار ينساه

عند العصر يكون في المقهى ذاتها

يتخذ مجلسه قرب المرأة المنطوية

 على قلبها

يرشف ُ من عينيها قهوته المرة

ويفكر أن يكتب قصيدته

وهو يتأمل ملامحها الرقيقة

ثوبها الموسلين الشفاف

الذهب ُ من فوق الفخذين يسيل ُ

صدرها الحليب ُ يفور ُ .

*               *                 *

بشيء من الدهشة والجرأة

تفوز ُ بقطرات ٍ ترشُفها ولو بالخيال

يتململ ُ كرُسيها وقد تهوي سكرانة ً

تحت لهب عينيك

خطوة واحدة ويبوح أحدكما

بشيء لم يعد سرا ً بينكما

ثمة قبل َ أن تطوقها

بغتة ً

تنهض ُ من كرسيها

لتعانق أحدا ً ما

جاء ليسرق منك أوقاتك

يسرق كرسيك من المقهى

يسرق المقهى من المكان

ويسرق المكان َ من الوقت .

كنت تنوي كتابة القصيدة

قبل أن تجرفك الورقة

إلى الشاطىء المقفر

تتذكر ُ وحشة المنفى

وقسوة الأهل وطيبتهم

وأنت مشدود لكرسيك

ترشف قهوتك المرة

لتنسى بأن الدروب

لا تنبت سوى الحصى

وأنت كما الفراشة

قطرة ُ دمع تـُسكُرها

قبل َ أن تغرق في النار .

شاعر من العراق يعيش في كاليفورنيا

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1420 الاثنين 07/06/2010)

 

في نصوص اليوم