نصوص أدبية
لَو عادَ الزَمَنُ الى الوَراءِ / فضل خلف جبر
وأنتِ تجلسينَ منتظرةً بكاملِ بنفسجِكِ الريّانِ
ولأخذتُ بيدكِ بعيداً عن أروقةِ الجامعةِ
ولقلتُ لكِ في الحبِّ ما لم يقلْهُ يعقوبُ في الحزنِ!
ولقبلتُكِ في الطابقِ العُلويِّ من الجنةِ
حيثُ قبلتُ بكِ نهراً يروي مرابعَ قلبي
وقبلتِ بي عاشقاً هدَّهُ سهرُ ثلاثِ ليالٍ
ورحلةُ قطارٍ إنطلقَ من أقصى تباريحِ الروحِ!
ولغادرتُ معكِ الباصَ المتَّجهَ الى قنديلِ الأحلامِ
وطلبتُ يدَكِ بشفاعةِ أبي الفضلِ العبّاسِ
وتزوجنا قي قصرِ الفقراءِ
ودعونا كلَّ المحرومين الى وجبةِ حبٍّ تُغني من جوعٍ
وزرعنا شموعَ الفرحِ في كلِّ شوارعِ بغدادَ!
ولسمَّينا أبناءَنا: حنتوش وخريبط ومطنش
وبناتَنا: تسواهن وحنتوشة ولهلوبة وطركاعة
أقولُ لكِ: الولدُ عاشقٌ
وتقولينَ لي: البنتُ شقيَّةٌ
وتعملينَ أنتِ خياطةً في مجلَّةِ المرأَةِ
وأعملُ أنا شرطياً في مركزِ حسن عجمي
ونرفضُ خطيبَ إبنتِنا البكرِ تسواهن
لأن إسمَهُ حميِّد إبن أبو الدبس
وكنّا نريدُ عريساً لبنتِنا من آل طرشي
ولهربتُ بعدَها الى الشمالِ وعملتُ بيشمركياً
وسكرتُ كثيراً على حسابِ الأخوةِ الأكرادِ
حتى أنسى: هل تقبلينَهُ بعلاً لكِ؟
وحميِّد إبن أبو الدبس
الذي فرَّ مع تسواهن الى إيران
ومركزَ شرطةِ حسن عجمي
والكثيرَ من الوجوهِ
التي لا أعرفُ إن كانَ اللهُ هو من خلقَها حقاً!
عزيزتي شندوحه:
"أحبُّكِ...
موتْ....."
أكتبُ اليكِ من كلكتا في الهندِ
حيثُ أعملُ حالياً عتالاً بأجرةٍ يوميةٍ معتبرةٍ
الحياةُ هنا جميلةٌ جداً
والهنودُ طيبون وأولادُ حلالٍ
رغمَ أنَّهم سرابيتٌ وسرسريةٌ ويحبُّون التوابلَ الحارةَ
لا تخافي عليَّ لأنَّهم يعتبرونَني واحداَ منهم
بعد حصولي على الجنسيةِ الهنديةِ
أعملُ الآنَ على فتحِ مكتبٍ للبيشمركةِ هنا
وسأرشحُ نفسي في الانتخاباتِ القادمةِ لمنصبِ رئيسِ الوزراءِ
بلِّغي حُبّي للأولادِ والبناتِ جميعاً
وحتّى تسواهن سامحتُها من كلَّ قلبي
لكنّني لا أريدُ رؤيةَ جُهرةَ إبنِ أبو الدبسِ
سأبعثُ للأولادِ مصروفاً عن طريقِ بنكِ Western Union
وسأرسلُ لكِ وثيقةُ الطلاقِ كمرفقٍ في إيميلٍ آخرَ
لأنَّ الهنودَ لا يريدون تزويجَ بنتَهم من رجلٍ متزوجٍ!
لن أدفعَ لكِ نفقةً ولو طلعتْ روحُكِ
وإعلمي أنني صََفّيتُ حسابي في PayPal
وغيّرتُ رقمَ الموبايل
يعني: إنتهى كلُّ شيءٍ بيننا
باي باي، توحه!
Send
لو عادتْ عجلةُ الزمنِ الى الوراءِ
لأوقفتُها بكلِّ ما أوتيتُ من قوةٍ
لا أريدُ للزمنِ أن يعودَ الى الوراءِ
مطلقاً!
لا أريدهُ أن يفعلَ ذلكَ
لأنَّهُ لو فعلَ
لما عُدتِ تلكَ الجَمرةَ المشتعلةَ
والتي ترِنُّ مثل ناقوسٍ في أغوارِ الروحِ
منذُ تلكَ اللحظةِ التي إفترقنا فيها
عندَ منعطفِ الطريقِ الى المجهولِ
وحتّى لحظةِ تحريرِ هذا الإعترافِ!
فضل خلف جبر
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1463 الثلاثاء 20/07/2010)