نصوص أدبية

ما راق حسنٌ لنا مادامَ أنتِ أنا / بهاء الدين الخاقاني

 

العشقُ في غايةٍ بالدهر قد سلكتْ     

فيه الجميلاتُ والبلدانُ مؤتمَنا

 

والشوق فيه كأفلاك الشموس فمٌ     

فوق الشفاهِ له لثمٌ لينسجنا

 

يغفو على همسةٍ ذابتْ لها حدقٌ     

خيالها بيقين أبحرَ السُفنا

 

يا هامة في رمادِ البين شهوتها     

تستحضرُ الراقدَ المدفونَ قد فطنا

  

وماردِ الشوق جمرٌ يعتلي جسدا     

ندى تعرّى لوصل يشربُ البدنا

 

وكم فتيلة مصباح تجننا     

مثل الفراشاتِ لهبٌ للردى حضنا

 

ندّى على شفةٍ من مجدِها القٌ     

فأشرقتْ طولَ ليل للهوى حُسُنا

 

اِنّا عبرنا بهذا الحسِّ أزمنة     

شوق النسيم بشهدِ الوردِ قد عُجنا

 

الذاتُ محرقة دنيا يوهجُها     

دفىءُ النفوس بلون يغسلُ الوسَنا

 

تسقي ضماءَ سنين العمر مخضلة     

وتستسيغ يقينا يهدمُ الوثنا

 

ما أطرب الشعرُ والأمثالُ من مرض     

لوْ حبّ قيس لليلى في العراق خنا

 

كمْ أيقض الحرّ آمالا بمصبحِه    

وكم بليلتهِ قد بيّتَ الكفنا

 

يأتي الحوادث ما هانتْ تجاربه     

نهج الكريم فما نامتْ ولا جبُنا

 

عاش الخليقة يهواها لمعتقِها     

أقلامه شوط مَنْ وافى ومَن ضعنا

 

ففي السياسة نهجُ الحقِّ سيرته     

وفي الدواوين كان الشاعرَ اللسِنا

 

يبيت في الدار مغنى طائر غردٍ     

يفيضُ في كلِّ وجهٍ بهجة وهَنا

 

فهوالدروب لمسرى الجرح قافلة    

معلقٌ بصليب يطرب الوطنا

 

يلقى العواذلَ اِسرافا بمظلمةٍ      

كم ضاع بالصبر معنى أخرس الفطِنا

 

هل جاء يومٌ وما كانت موائدُهم    

شهد السموم لمغموسا ومكتمنا

 

لو دمعة ليتيم يرتجي انحدرت     

أراه يذبحني هضماً وكان فنا

 

فكيف قاتلنا يغدو لنا صنما     

تشقى الأماني اِذا كان النفاق دنا

 

لكلِّ داءٍ دواءٌ يستغاث بهِ     

والعهد لا يكشف الخافي وما خزنا

 

فأين منا حمامُ الدوح تندبنا     

بين الوحوش وفوج الذئب قد جنِنا

 

مثل الأمومةِ وهنٌ غاب واحدُها     

نحِبّ حبّ طيور تفقد السكنا

 

مسارُها طأطأ التاريخ قامته     

في معبر الدهر ما ناخت وما وهنا

 

وانما الخلد قد حاك الجبين رؤىً     

سحرُ الوجودِ يُقيمُ السرّ والعلنا

 

حواضرُ الله تشدو في مرابعِنا     

أئمّة زيّنونا للسما سدنا

 

فالحبّ ما فضحت بالدمع أعيننا     

كم من شهيد أليها بات مرتهنا

 

تميسُ فوقَ مدار الروح طلعتهُ    

في بسمةِ الفجرمنا  يصنع الزمنا

 

قد أدهش الناس حبّ موهبٌ دمِهِ     

ترضى قناعته لايطلب الثمنا

 

اِنا اطلعنا على التأريخ يُعلمنا    

صحائف الغيب تبدينا الردى مُزنا

 

اِنّ العراق بقايا الروح من رمق     

لعالم ينفني  لولاه ما افتتنا

 

تأتي النبؤات للنهرين مكرمة    

أهدى لنا الوحيُ مهْدا والهُدى سُننا

 

اِنّي عرفتُ لسرِّ الزهو في بلدي     

رواية تجتلي العينين والأذنا

 

لكنّ سفرا رمانا البعد مقتدرا     

في التيهِ أبكى لنا الشطآن والمدنا

 

سياحة في ربى الرحمن نقطعها     

وفائنا غالبٌ للكون اِن وزنا

 

هذي المسافات ما شقّتْ ومن صفةٍ     

كانت عراقيّة.. باريسَ أو عدنا

 

اِنا حملنا هموما شلّ محملها     

الزوجُ عانتْ ومن أحبابنا.. وضنا

 

اِنّ الوجيفَ بقلبي نغمُ غابتِنا     

تشابكتْ بلغاتٍ تنشدُ الشجنا

 

ما زلتُ في حيرتي هذا العراق وهلْ     

بالطين والماء مثل الخلق قد لبنا

 

يصفو له العاشق الولهان في أملٍ     

يشدو لبغدادَ أصداءً أحنّ غنا

 

أيكاتُ موطنِنا حنتْ وما جدبتْ     

من عاشقيْن يغلّا الهمَّ والمِحنا

 

كم من حياةٍ على الجفنين مبعثها    

طهارة الحرِّ تدمي مولِدا لِزنا

 

حبيبتي دعك من هذا السجال أذىً     

فما عرفتُ لبحر غيرَنا سفِنا

 

النبض لحنٌ يفيضُ الودّ مذ بصرتْ     

عيناي ما هابتا دمعاً ولا فِتنا

 

لتسبحين ببحر العطر في غزلي     

رجولتي بحْتها عصفا اليك مُنى

 

فلو أقيمَ لقلبي سورُ معتقل     

ما راق حسنٌ لنا مادامَ أنتِ أنا

 

حبيبتي لا تلومي لوعة عظمت     

ولا تغاري فعرش العاشقين هنا

 

[email protected]

[email protected]

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1571 الثلاثاء 09 /11 /2010)

 

 

 

في نصوص اليوم