نصوص أدبية

مرابية بين مخالب المغيب

مثالا للسقوط الأخلاقي والانحدار في محيطهم الشعبي يقتاتون على النهب والسلب والابتزاز والإتاوات وكل الموبقات فنفوذهم يمتد لمركز الشرطة القريب فهو بمتناول الخاتم في أصبع اليد. تغير الوضع السياسي فجأة ووجد الأولاد الأشقياء أنفسهم مع حب المغامرة وطيش الشباب أمام عملية كبرى ونقلة نوعية تبعدهم عن فتات موائد البضعة ألوف من الدنانير فماذا يمنعهم من السطو على البنك القريب؟ لا دولة لا شرطة لا حماية والناس تخشاهم وتخاف سطوتهم الكريهة فصالوا وجالوا بما عجزوا عن حمله من الأموال وبكل العملات حتى الأم أوقفت نشاطها الربوي والرهني والبنكي وتركت مطالبات التسديد! فلم تعد بحاجة لتجميع الديون وسدادها العاجل مادامت سيول الدولارات والنقد المحلي طوع أطراف بنانها! عصفت بالأشقياء كل فكرة مجنونة من سكر في واضحة النهار الى شراء وبيع الأسلحة الى اقتناء أغلى السيارات الى جلب العاهرات وإقامة حفلات الصخب المجنونة والبذخ الفاره حتى بدأت تلال الأموال تنضب و تتلاشى أمام نواظرهم! لجاوا لاموال الام المكتنزة فمنعتهم بحدّة وصارعوها فانقسموا فريقين ضد ومع الام وارتفع نعيق الأصوات عاليا ونشوة الخمرة تتلاعب بتركيزهم المفقود والسلاح في الأيادي الهوجاء بلا رصاص يلعلع بينهم للتهويل والتخويف وفجأة انطلقت من موكب الفوضى العارمة رصاصة لم يتبينوا هدفها ومستقرها فالأم صامتة على أريكتها المتوسطة البيت الشرقي القديم، تْرقبْ مصارعة الديوك المجنونة وعويلها لا يسمع في خضم الصخب الموسيقي النشاز، لم تعد الأم جالسة منتفخة الاوداج بل انحنى جسدها على احد طرفي الأريكة بمشهد فقدان وعي بارز تركوا الأسلحة والشجار والعويل وتوجهوا جمعيهم لا مهم واذا الدم يلتهم الصدغ بالرصاصة التي استقرت في رأسها! غلفّ الذهول أحداقهم لم تقفز من ال6 عيون دمعة للمشهد... بل امتدت الأيادي الستة تقلّب الجسد المضرّج، تفتش عن الجيب السري لمفاتيح صندوق بنك الام اللامنهوب! انتشلوها بعنف من جيبها بعد تمزيقه وتوجهوا منتشين لغنيمة الأم التي نالت حصادها من زرع سوء التربية! لتجد نفسها صريعة بين مخالب المغيب اللامرسوم أبدا!

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد: 1587 الخميس 25 /11 /2010)

 

 

 

في نصوص اليوم