نصوص أدبية

الدمع يجب ُّ ما قبله

أهو ذا وهنك .. واتزانك، أم هو صفحك ..أفصح ؟...

- لا .. الدمع أولى بأن يجبُّ ما قبله .. وقبله الصدقات والقبلات ..وقبلهما الدمع يتوسد صدقاته ....يتوسد دمعه في الماوراء ..في المآقي التي تمتلئ بالفرح ..حيث يطفو على أديمها رضيع يتأوه فرحا وجوعا ..هو ذا يخرجه من حرجه، من صفحه، يزرعه وردا على أديمه الملثم .. يغمسه في الفرح حتى الثمالة .. ثم يمرّغه في وحل المنافي .. يتوضأ وإياه بالماء الآسن ..تحت شجرة الصفصاف المنتصبة قبالة شرفات الدمع تماما ..تغازله .. يرتطم بها .. تأكله الديدان ..

- يسرق همس السنين الجارفة .. يتلعثم، وهو ينهي وضوءه .. تحفه ملائكة الطهر بالدعوات، تستدرجه إلى (القول الحسن) ينصاع .. يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر .. ترتعد أوصاله .. يخدش آثامه . يكمل وضوءه، تحت شجرة الصفصاف ..

- يستحضر المثل الشعبي الشائع (كما دارت المعزة للعرعار في الجبل يندار لجلدها) .. يحتمي تحت المثل الشعبي ..تتوارى شجرة الصفصاف، تفل كما النجم ..

- لا يكمل وضوءه ..

- وحدها الريح ..تعرف مغزي ومعنى المثل الشعبي، ووحدها تعرف لماذا آفلت شجرة الصفصاف . وتعرف أيضا أن (ماعز) الجبل عاقر، وأن الإبتسامة (عاقر) أيضا ..

- وحدها الأطياف الخجولة،تعرف أيضا معنى صفح اللهفة في اللهفة،، واللهاث داخل اللهاث ..

- (قم تر) براعم اللوز (1) تختفي من (ريرتوارات) الأغاني الأندلسية لأن سقوط غرناطة لم يكن سوى سقوط الدمع من المآقي الملثمة .. ولم يكن سوى جحرا تختبيء فيه الفئران، هذا ما بدا له، وهو (يندندن) مقطعا من هذه الأغنية ..

- -- لا تقلق، ولا تعلق، قالت شجرة الصفصاف التي أورقت من جديد.

- على هذه الأغنية، .. لها رب يحميها .. ولها انكساراتها .. ووحدها الإنكسارات تعرف فجواتها وإيقاعتها ..

- قالت هذه، واستدارت ...

- سكب الدمع سره وسحره في كأس مترعة بالحرج ..

- وأصناف الأغنيات ..

- أهذا هو عنوان هواجسك .. يا ولدي ..

- قال ثم استدار هو أيضا ..

- بحث عن الهامس هذا في دمعه .. لم يجده، كانت شجره الصفصاف تغذيه بالرعاية .

- قال : وهل لي أن أكمل وضوئي الذي ما يزال معلقا .

- -- أجله إلى موعد آخر .

- - غير ممكن .

- -- بل ممكن، وأكثر من ممكن ..

- - لكن من أنت، لا أراك .

- - طيف في دمعك ..

- لكن من خول لك الحديث بإسمي، لست من فصيلتي، ولست من معدني .

- -الدمع معادن يا ولدي، والصفح أيضا معادن .واصل سيرك ممتشقا فرحك، قد تكون رعايتي وراءك، وقد لا تكون ..

- همس ثاني .

- - انصاع، واسمع قول الشيخ .

- -من تكون .

- - فضولي يا سيدي ...كن شجرا وأطيافا وصفصافا.

- - وهل أورِق مثل الصفصاف ؟

- - حتى تكمل وضوءك .

- - وضوئي أُجّل مثلما تؤجل الأحاجي ..

- -إذن نم قرير العين، فأنت في رعاية وحفظ دمعك الذي يجب لزوما أن يجبَّ ما قبله ..للوضوء رب يحميه، لا تقلق ..

- صرخة الجرح أفلت كما الشجرة، كما النجم، هوت على روؤس قطط كانت تتوضأ حسب طريقتها الخاصة،كان يكمل وضوءه وسط قطط لفظتها أمواج (المحيط الآطلسي) عندما قالت غرناطة : أجل يا ولدي الدمع يجب ما قبله ..

- وكان الخيط الأبيض من الأسود يطهر ما في الدمع من آثام .. وعندها أكمل وضوءه بعيدا عن القطط ..

- واستدار هو الآخر ليشرح معنى (قم تر) لمن لم تلفظه الأمواج .

 

أحمد ختّاوي

...................

هامش

- 1(قم تر) غنية أندلسية .

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1183 الثلاثاء 29/09/2009)

 

 

في نصوص اليوم